تخيل معي بماذا سيشعر المواطن حينما يسمع من الرئيس القادم كلمة «نهضة» وهي الكلمة التى لن يستغني عنها أى رئيس خاصة فى ظرف زمنى وتاريخي مثل ما نمر به، فالنهضة «الحقيقية» هى أمل يبتغيه أى رئيس، ولا مفر من العمل على تحقيقها والسعي إليها، ولهذا أتوقع أن يجتهد الرئيس القادم فى استخدام مرادفات تقترب من المعنى المنشود دون اللجوء إلى هذه المفردة الساحرة التى أبطل الإخوان سحرها وشوهوها فانقلبت النهضة على «الناهض» وطمست معالم الكلمة وأصبحت مثل الأنثى الجميلة التى جار عليها الزمن وتبدلت معالمها وتغيرت أحوالها وابتذلت فى سوق النخاسة فصارت جالبة للحسرة وليست مدعاة للأمل.
تخيل معي أيضا ماذا لو قال الرئيس القادم كلمة «القصاص» فى مؤتمر جماهيري حاشد، ألن يتذكر الناس ذلك المشهد المخزى الذى قام فيه المرشد بدور الملقن وظل «يزغد» مرسي بالكلمات على رؤوس الأشهاد فصارت تلك الكلمة الجليلة التى جعلها الله «حياة» للناس حينما قال فى كتابه الكريم «ولكم فى القصاص حياة» فصارت على يد مرسي «نكتة» يتداولها الشباب على الفيس بوك فتثير السخرية بعدما كانت كفيلة بإشعال الجماهير وإقامة التظاهرات وملء الشوارع بالمصريين المتحمسين للعدل والمطالبين بالثأر قائلين «القصاص القصاص ..ضربوا اخواتنا بالرصاص»؟ و«يا نجيب حقهم يا نموت زيهم».
مصطلحات كثيرة شوهها الإخوان وابتذلوها، لكن أبشع ما تم تشويهه هو مصطلح «سيادة القانون» الذى تشدق به الإخوان وطنطنوا به وكانت ممارستهم السياسية طعنة نافذة فى قلبه، فمعهم تحول مصطلح «سيادة القانون» إلى «إبادة القانون» فمن ناحية صاروا لا يعترفون بالقانون إلا إذا مهد إليهم وذلل الصعاب التى تواجههم، فإذا كان القانون فى غير صفهم أهملوه وشنوا الحملة بعد الحملة لتشويه رجاله، ومن ناحية أخرى سعوا بكل جهدهم إلى استعمال رجال القانون فى أغراضهم ليفقدوا الجميع المصداقية فى القانون ورجاله وأحكامه.
نصيحتي لمن يعد نفسه الآن لتولي مقاليد حكم مصر أن يعد نفسه من الآن لهذا الأمر، وأن يضع فى حسبانه أن يبتكر مصطلحاته وأن يسعى إلى إزالة ذلك الركام الأسود من فوق جبين مصر، وأن ينقي آذاننا من تلك المصطلحات التى فيرسها الإخوان.