أتحدث الآن عن حالات رأيتها بعينى أو على شاشات التليفزيون، فقد رأيت ذلك الشاب «كريم ناصر» الذى تقدم بشكوى إلى النيابة يتهم فيها وزارة الداخلية بأنها انتهكت عرضه فى قسم بوليس التجمع الخامس، رأيته وهو بالكاد يتكلم، لا يقوى على الجلوس، ولا يستطيع الوقوف، عينه مكسورة، وقلبه جريح، وروحه مشتعلة، ثم رأيت عبر شاشات التليفزيون ذلك الشاب «أيمن» الذى استضافه الإعلاميالكبير «يسري فودة» فقدم نفسه باعتباره «تبع حزب أكل العيش» والذى أوقعته الظروف العبثية فى محيط اصطياد النشطاء، فتعرض لما يتعرضون إليه من تعذيب متواصل، انتهكت فيه كرامته وتأذى فيه جسده، بعد أن ألقوا به من عربة الأمن المركزى «زى أكياس الزبالة» أتحدث أيضا عن هؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين الـ12 سنة و الـ17 سنة، والذين تبنت حالتهم مجموعة «مصرين» و«لا للمحاكمات العسكرية» فسجلت معهم لقاء بالفيديو تستطيع أن تراه على موقع اليوتيوب إن بحثت تحت عنوان «تعذيب الأطفال- نهاية النظام تقترب» لترى بعينك وتسمع بأذنيك تلك الشهادات الحية التى تؤكد أن عشرات بل مئات الأطفال قد اعتقلوا وتعذبوا وانتهكوا تحت ظل نظام مجرم. أتحدث أيضا عن تلك الشهادات المؤلمة التى أدلى بها أصحابها فى نقابة الصحفيين أمس الأول وأكدوا من خلالها أن الشرطة والطب الشرعى يتعاملان مع الضحايا بأساليب العصابات، حيث تقوم قوات الشرطة بتشويه الضحية، على المستوى الجسدى، ثم تشويه صورته أمام الرأى العام، ليأتى دور الطب الشرعى ليؤكد ذلك، حتى وصل الأمر إلى -كما قال والد أحد الضحايا- أنه عند تغسيل ابنه اكتشف أن عينه غير موجودة فى مكانها فما كان من وكيل النيابة إلا أن يقول له «ادفن ابنك واحنا هنجبلك حقك» ليفاجأ بعدها بأن السادة المسؤولين رفضوا تشريح الجثة مدعين أنه «لاجدوى من التشريح».
تلك الجرائم المرتكبة، والتى يشهد عليها الكثير من الضحايا تؤكد أن فكر العصابات هو الذى يحكم، وأن دولة القانون قد أعلن وفاتها، وأننا أمام حالين لا ثالث لهما، وهما: أن نتكيف مع «العيش فى الزبالة والموت فى المجارى» أو نسعى لكى نعيش كـ«إنسان».
كاتب مصري