والمؤكد أننا في اليمن لا نعرف فن العيش ، ولا نعرف طريقة واحدة من طرق الاحتفال بالحياة، لكننا نعرف ألف طريقة وطريقة للاحتفال بالموت .
الحياة نعمة ، فلماذا نحولها إلى نقمة ؟ لماذا ننكرها ولماذا نكرهها؟ ولماذا نخافها ونغتالها وندينها ونلعنها كل صباح وكل مساء؟
وعلى حد تعبير الفيلسوف والمتصوف الهندي العالمي- اوشو - : الحياة هي هبة وهدية الله لنا فلماذا لا نتقبلها بفرح ؟ ولماذا لا نعيشها بفرح ؟
يقول اوشو : الحياة هي نبض قلبك ، هي حرارة أنفاسك ، وهي هدية الله التي أهداكها ، وهدفها الأسمى أن تجعلك سعيداً فرحاً ، أن تزرع الابتسامة على شفتيك والإشراق في عينيك ، ولكن ما الذي يحدث في أيامنا هذه ؟
إن الذي يحدث مستغرب ومستهجن ، كثيرون ودون تكليف من أحد أخذوا على عاتقهم مهمة التحدث باسم الدين والديانات ، نصّبوا أنفسهم أولياء عليك ، وبدلاً من تعليمك فن العيش راحوا يعلمونك فن كراهية الحياة ، يعلمونك كيف تموت ويحرضونك على الموت .
كذلك راحوا يسألونك الهرب من الحياة ، ويصورون الله خالق الحياة وكأنه عدو لها ، راحوا يسألونك التنكر لحياتك على هذه الأرض طمعاً في الحياة الآخرة .. يفعلون هذا وهم لا يعرفون أنهم بفعلهم هذا يطلبون منك الموت وأنت حي ، يطلبون منك أن تنتحر ببطــء.
والمؤكد أن حياتنا نحن اليمنيين ضربٌ من ضروب الانتحار.. إذ كل شيء عندنا محرم .. الفن محرم ، الرقص محرم ، الغناء محرم ، الضحك والمرح محرم ، الحب محرم ، الفرح محرم ، الحياة بكليتها محرمة فقط: الكراهية والقتل هما الحلال.
يقول اوشو : ذات يوم عاجلا أم آجلا ستجد نفسك وجها لوجه أمام ربك ، ستجد نفسك في حضرته وسيسألك سؤالا واحدا فقط : هل عشت حياتك بكليتها أم لا ؟
أتعرف لماذا سيسألك هكذا سؤالا ؟ لأن الحياة هبة منه ، هو من أهداك فرصة عيشها لتعيشها ، لتحتفل بها وليس لتتجاهلها ،لأن تجاهلك لها يعني أنك ترفضها وهل يحق أن ترفض هدية الله؟
لكن اليمنيين متدينين كانوا أو غير متدينين لا يتجاهلون هدية الله وهم لا يهربون منها كما يفعل الرهبان والنساك ،وإنما يستدرجونها إلى مسالخهم المتعددة وينحرونها باسم المبادئ والمذاهب والأيديولوجيات ،وباسم الله أو باسم الوطن.