(هل يحل للمسلمين قتالهم.. أفتونا مأجورين)؟
فكان رد المفتي: (الجواب والله أعلم بالصواب يكون قاتلهم غازياً ومقتولهم شهيداً، لأن جهاد اليزيدين وقتالهم جهاد أكبر وشهادة عظمى.. وهم أشد كفراً من الكفار الأصليين وقتالهم حلال في المذاهب الأربعة وجهادهم أصوب وأثوب من العبادات الدينية وتشتيت شملهم وتفريق جموعهم والمباشرة في قتالهم وقتل رؤسائهم من الواجبات الدينية.. وحكام الوقت والولاة الذين يرخصون في قتلهم ويحرضون على قتالهم ويرغبون في سبيهم شكر الله سعيهم وأعانهم وساعدهم على مقاصدهم وأيدهم عليهم بنصره العزيز، فلهم أن يقتلوا رجالهم ويستأسروا ذريتهم ونساءهم ويبيعوهم في سوق المسلمين أسرى كسائر الكفار ويحل لهم التصرف في أبكارهم وزوجاتهم).
هذه الفتوى الغاشمة والآثمة تذكرنا بفتاوى سابقة استخدمها اليمنيون ضد خصومهم في الحرب وفي السلم.
وكثيراً ما نسمع بين الوقت والآخر في زمننا هذا أصداء لهذه الفتوى ولفتاوى شبيهة بها، لكأننا نعيش في عهد السلطان سليمان القانوني وليس في القرن الحادي والعشرين.
إن سلاح التكفير سلاح قديم جديد، لكنه لم يعد يستخدم في زمننا هذا إلا في يمن الجهل والإدمان.
وهو عندما يستخدم في مجتمع رأسماله الجهل مثل مجتمعنا اليمني فإنه يغدو سلاح دمار شاملاً.
في حرب 1994 تم استخدام هذا السلاح بكفاءة عالية، وكانت فتوى أو بالأصح فتاوى تكفير الجنوبيين هي المدفعية الثقيلة بعيدة المدى وهي التي حسمت المعركة قبل أن تبدأ.
لكن الديلمي عبد الوهاب- والحق يقال ـ لم يكن وحده صاحب الفتوى وإنما كان الكل أيامها يفتي بقتل الجنوبيين ونهب أموالهم، والكل يبادر لتكفيرهم ويتطوع لقتالهم ويتطلع لنهبهم.
كلهم أفتوا وكلهم كفروا وكلهم شاركوا في الجريمة وفي الغنيمة.
فمن لم يشارك منهم في التكفير شارك في الحرب، ومن لم يشارك في الحرب شارك في النهب، لكن من عادة اليمنيين أنهم يدخلون في الربح ويخرجون دائماً من الخسارة، ووقت الحساب تراهم ينكرون ويلوذون بالإنكار. فالذين أفتوا وكفروا ينكرون اليوم أنهم أفتوا وكفروا، والذين حاربوا ينكرون أنهم حاربوا، والذين نهبوا ينكرون أنهم نهبوا. وحده اليدومي كان شجاعاً وجريئاً، فبدلاً من أن ينكر قال كلمة حق في وجه جنوب جائر:
الجنوبيون هم الذين شنوا الحرب على الجنوب.