الخلل فى الحقيقة خلل معرفي ووجداني، نعاين آثاره فى حديث أمين الجماعة الذى يقول عن أحداث المقطم: إن شباب الإخوان لو أرادوا أن يأكلوا من اعتدى عليهم لفعلوا، فالأخ يساوي مائة متظاهر. وهذا تكفير صريح، فلسنا بصدد معركة بين مؤمنين وكفار، لا ينبغي أن نخطئ قراءة الحدث، لدينا فعل أنتج رد فعل، أكثر تطرفاً نعم، ولكنه فى النهاية رد فعل.
هم من بدأوا بالفعل، عندما أوصدوا باب الشراكة الوطنية، وأصروا على الاستحواذ على مقدرات البلاد، ولم يسمعوا للأصوات العاقلة، من داخلهم أو من خارجهم، أصروا على أن يكتبوا دستوراً لا يحظى بتوافق الشعب، ويتوسل بالصندوق، الذى بقي خاضعاً لماكينة تنظيمية قادرة على حشد البسطاء فى اتجاه مشروعهم السياسي، أتوا برئيس وزراء من المجهول السياسي، حولوا مجلس الشورى الذى لم ينتخبه سوى % 7 من الناخبين، فى استفتاء شعبي حقيقي على إلغائه، إلى برلمان يشرع أخطر تشريعات فى تاريخ مصر، أصروا على إهانة القضاء ومؤسساته، دعوا إلى حوار على الطريقة العبثية التى ابتدعها صفوت الشريف.. لو ظللنا نعدد أخطاء الإخوان خلال المرحلة الماضية ما كفتنا سطور الصحيفة، ولكن ما أريد أن أقول: إن الجماعة بمصادرة ساحة الفعل السياسي وابتذالها، وبهذا الاستعلاء السياسي والتنظيمى الذى لازمها منذ نشأتها، يفتحون الباب واسعاً للعنف سبيلاً للتغيير، فى دليل دامغ جديد على غباء الحكم، وأنهم دفعوا إلى ساحة ليسوا هم أبطالها، وعليهم أن يتحلوا ولو لمرة واحدة في تاريخهم بشيء من التجرد والاعتراف بالخطأ والرجوع عنه، من أجل مصر التى تبكي شهداء لم يموتوا من أجل هذا المشهد العبثي.