ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن أهم ما يميز هذه الزيارة أنها تأتي في الوقت الذي ترسخت فيه لدى اليمن وروسيا القدرة على الفهم الصحيح لكلا الطرفين كما أصبح هناك تقدير وتفهم روسي كبير لدور اليمن بالمنطقة نظراً لموقعها الاستراتيجي ولما لها من قوة وأهمية إقليمية لها وزنها وتاريخها ويقابلها في الوقت نفسه تفهم يمني لكون جمهورية روسيا الاتحادية من الدول العظمى التي لها شان والتي تمتلك قوة في عالم اليوم.
ومما يثر الارتياح أن الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية إلى موسكو تحظى باهتمام كبير سواء في صنعاء أو موسكو.. لعل ذلك الاهتمام يعد بداية لعلاقات جديدة خاصة، متميزة، تربط بين اليمن وروسيا منذ زمن طويل، وهي العلاقات التي كان لابد لها أن تتطور مع تطور الزمن، فلم يعد أحد في العالم يبحث عن عوامل الأيديولوجية في علاقاته مع الآخرين لكن الأساس اليوم هي العلاقات الاقتصادية (سياسة مصالح وليست مصالح سياسية)، والعلاقات اليمنية الروسية تقوم على قناعة مشتركة بعدد من المبادئ التي تحكم السياسة الخارجية للبلدين في نبذ الإرهاب وتوطيد الأمن والسلام والاستقرار إقليمياً ودولياً لتوفير المناخ الملائم لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لقد أكدت زيارة رئيس الجمهورية إلى روسيا أهمية موقع بلادنا الاستراتيجي المهم وثقلها في المنطقة والعالم حيث قوبلت الزيارة بحفاوة وتقدير كبيرين من الأوساط الروسية كلها أكدت عمق العلاقات المتميزة بين البلدين الصديقين والتفهم الروسي الواضح للسياسة اليمنية الجديدة..وضح ذلك في تصريحات الرئيس المشير عبد ربه منصور هادي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين..ومن المؤكد أن زيارة رئيس بلادنا (هادي) لروسيا حققت أهدافها كاملة بفهم وتقدير كاملين وكانت تأكيدات القيادة السياسية الروسية على تطابق وجهات النظر بين الجانبين في العديد من القضايا الثنائية والإقليمية والعالمية دليل قوي على أن الرسالة قد وصلت وأن الرد عليها جاهز لديهم عملياً تضمن التأييد الروسي الواضح للرؤى التي طرحها رئيس الجمهورية هادي قبل وأثناء هذه الزيارة وكانت تصريحات الأخ رئيس الجمهورية وكذا مقابلته في قناة روسيا اليوم خلال زيارته لروسيا تعبيراً صادقاً عن إحساس القيادة السياسية في بلادنا في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة وكان تجاوب الجانب الروسي معها تأكيداً جديداً على أن العالم بدأ يعي الحقائق التي كانت غائبة في مفردات الصراع بالمنطقة.
وقد تركزت المباحثات التي أجراها رئيس الجمهورية مع المسئولين الروس حول العلاقات الثنائية بين البلدين وتناولت جوانب مهمة تتعلق بتعزيز التعاون في عدة مجالات مهمة حيث تؤكد المصادر المطلعة أن المباحثات اليمنية الروسية خرجت بنتائج إيجابية وممتازة في عدة مجالات مختلفة شملتها المحادثات كما لم تقتصر مباحثات الرئيس عبدربه في موسكو على القضايا المتصلة بالعلاقات الثنائية فحسب بل تناولت أيضاً عدداً من الموضوعات والمستجدات التي تشهدها الساحة العربية والإقليمية والدولية التي تحظى بمتابعة واهتمام من قبل القيادتين اليمنية والروسية. وإحقاقاً للحق أن الزيارة قد اكتسبت أهمية خاصة بالنسبة للعلاقات اليمنية والروسية عكست - من خلال ما حظيت به من حفاوة واستقبال وحرارة الترحيب وما حفل به برنامجها من فعاليات مختلفة ومباحثات هادفة ومثمرة - المستوى المتطور الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدين والتي أعطتها زيارة الأخ رئيس الجمهورية دفعة جديدة نحو المزيد من التطور والتعاون المثمر في مجالات شتى.
ومما يجدر الإشارة إليه هو أن تميز العلاقة التي تربط اليمن بروسيا يعود إلى عدة اعتبارات تاريخية واقتصادية وسياسية من حيث النظر لليمن كدولة لها موقعها الجغرافي المهم ولها وزنها ومكانتها وثقلها المؤثر في المنطقة علاوة على النهج الديمقراطي الجديد القائم على مبدأ التعددية السياسية والحزبية وحرية الرأي. ولا تفوتنا الفرصة بأنه لا يمكننا أن ننكر على الإطلاق المواقف الشجاعة التي اتخذتها روسيا ودعمها ووقوفها إلى جانب اليمن في الكثير من المواقف وكذا في مسيرتها الديمقراطية والتنمية.
وفي الأخير لا يسعني إلا أن أقول: إن زيارة الأخ رئيس الجمهورية إلى روسيا الاتحادية قد لاقت اهتماماً ومتابعة واسعة من قبل وسائل الإعلام وسيكون لها مردود إيجابي كبير على الصعيد الاقتصادي والاستثماري وغيرهما بالنسبة لليمن التي تعتبر روسيا شريكاً أساسياً ودولة مهمة في سياسة التعاون الإنمائي اليمني. وأخيراً “عاشت الصداقة اليمنية الروسية”.