لابد أن تتذكر هذه النكتة وأنت تتابع ما يجري من مطاردات قضائية للإعلام، خاصة البلاغات التي قدمها عدد من أنصار السلطة ضد الإعلامي الساخر باسم يوسف، بتهم منها إهانة الرئيس، وازدراء الأديان، وهى اتهامات تكشف عن عقلية سياسية وقانونية جرداء. باسم يوسف كل ما يفعله أنه يعيد عرض كلمات وخطابات سياسية للرئيس وعدد من السياسيين، الذين لا يمكن اعتبار أي منهم هو الإسلام، بل إن بعض هؤلاء يسيئون للإسلام أكثر كثيرا مما يفعل المتهمون بالإساءة، مثل باسم يوسف، أو إبراهيم عيسى، المتهم هو أيضا بالإساءة والازدراء، مع حشد من إعلاميين يواجهون بلاغات تتهمهم بالإساءة والازدراء، وهي تهم مطاطة، ولا يمكن الإمساك بها من أسفل أو أعلى.
نحن أمام اتهامات مطاطية وغائمة، ترجع لمواد في قوانين العقوبات، تم وضعها من أيام الاستعمار الانجليزي، ويبدو من شكل البلاغات أنها تجمع خلطة من التهم، بحيث إذا أفلت المتهم من الإهانة يقع في الازدراء. ولنا أن نتخيل إعلاميا ساخرا مهما كان ما يقوله، يهدد أمن الدولة، أو يمثل ازدراء للدين، أو إهانة للرئيس، وهو أمر في عرف التسلط يعد نوعا من الغباء السياسي وسقوط الحصافة، وهذه النوعية من الاتهامات لا تتم إلا في الأنظمة القمعية المغلقة، وفي الدول المحترمة.. مثل هذه البرامج والكتابات موجودة، ولا يتم الاقتراب منها باعتبارها نوعا من البرامج الشعبية التي تخلط الجد بالهزل، وتمنح البسمة للمواطنين والمشاهدين. وفي الولايات المتحدة تم وصف بوش بالغباء كثيرا، وفي بريطانيا السابق تم تصوير تونى بلير على أنه «كلب بوش» في حروبه على العراق. ولم يتم اتهام من فعل ذلك بأنه يذيع سرا من أسرار الدولة.
وفي حالة باسم يوسف، يبدو أن ما يعرضه شكل نوعا من أسرار الدولة، لمجرد أنه يعرض فيديوهات يتحدث فيها الرئيس عن القرد والقرداتى، أو الأصابع التي تلعب.. وهي أحاديث وصور وأفلام معروضة.. وكل ما يفعله باسم يوسف أنه يعيد عرض هذا الكلام، الذي يمثل في حد ذاته إهانة، ونشرا لأسرار الدولة. ومن يعيد نشر ذلك والتعليق عليه، يتهم بإذاعة سر من أسرار الدولة عن القرد والحمار.