لقد واصل طلاب الإخوان التظاهر فى جامعة الأزهر، ولما لم ينتبه لهم أحد خرجوا إلى الشارع ليقطعوه، حتى يمكنهم أن يصنعوا حدثا، لأن الحدث لا تصنعه مظاهرة سلمية، وإنما يجب أن تضاف إليه رتوش أو تصادمات ولابد من دم يجذب الكاميرات، ويقوم بذلك المحترفون المدربون، بعيدا عن الأبرياء الذين يتظاهرون عن قناعة حتى ولو كانت من خداع.
وأثبتت التجربة دائما، أن من يجيدون التمثيل يمكنهم أن يفوزوا فى سباق الكاميرا والميكروفون، حيث «يجب أن يموت البعض» حتى يمكن للبعض الآخر أن يلتقطوا الصور وينجحوا في سباق الدم، وإذا كان المثل الشهير يقول إنك تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، ولا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت، فإن الخداع وارد.
طالبات الأزهر الممثلات بارعات فعلا، ومثلهن كثيرون وكثيرات يجيدون التمثيل واللعب، لكن هذه البراعة تصطدم مع أطراف أخرى تحمل كاميرات، يمكنها أن تكشف وتفضح، وتؤكد أن من يكذب اليوم، سبق له أن ارتكب فعل الكذب مرات، وأنه جاهز دائما لممارسة التمثيل من أجل السلطة، وخلال عامين ونصف العام كان هناك العديد من التمثيليات بعضها نجح، وبعضها خاب، بل دفع من يفكرون لإعادة النظر فى الكثير من المشاهد السابقة.
فتيات الأزهر بلا شك بارعات فى التمثيل، مثلما كان فريق التمثيل جاهزا فى الاعتصامات والمظاهرات، رأينا رجلا يسقط غارقا فى دمه فى أكثر من خمسة مشاهد، أو ممثلا يصرخ من عدوان وهمي وهو يبلغ الفضائية، والقناة ليست فى حاجة للتأكد أو المهنية فقط تحتاج إلى صورة أيا كانت لتبثها وتصنع عليها حفلا من محللين ومنظرين، يعملون بالأجر، وهم جاهزون للتعليق، المهم أن تقدم لهم القناة وفريق التمثيل والإخراج مشاهد مؤثرة تلعب على مشاعر المشاهدين، ويضيف إليها المحللون المستأجرون ما يكفي ويزيد.
كاميرا واحدة ونصف الحقيقة تكفي، ليقدم الممثل نفسه على أنه ملاك في مواجهة شياطين. ولا يهم أن يسقط الضحايا الأبرياء وهم يصدقون الكذب، بينما الكذابون يعرفون أنهم يكذبون. ويرون الكذب نوعا من الكفاح. يتعمدون قطع طرق رئيسية وميادين، والصدام حدث في المساجد وعلى الكباري، وعلى طريقة «اعمل نفسك ميت».
المشكلة ليست فى هؤلاء الذين يحترفون التمثيل من أجل الكذب، وإنما في من يصدقون أن هناك ملائكة في مواجهة شياطين، ويستمرون فى تصرفات «مفقوسة» لا يفترض أن تدخل على عاقل، لكنها تدخل على مخدوع.