(1) وقفة لغوية: (خ ل ط): خلط الماء بالشراب، وخالطه الماء وخلطه، واختلط به .. وخولط في عقله واختلط، ورجل خلط: يتحبب إلى الناس، ويختلط بهم، وقد خالطهم وخالقهم. قال طرفة:
خالط الناس بخلق واسع
لا تكن كلباً على الناس تهر
(اساس البلاغة: الزمخشري، ص118)
(2) اختلاط الحابل بالنابل: اختلاط الذين يصيدون الفرائس بواسطة الحبال، بالذين يصطادونها بالنبال (السهام).
انعدمت المعرفة، وضاع التمييز، ويتبعه اختلاط في الفهم والنظرة بين الثائر الحقيقي، وبين الخارج عن القانون، بين المعارض الوطني المستقل، والمعارض المأجور المستلم من تمويل الخارج، وعلى قول المثل الشعبي: (ما في فائدة من الأجنبي ولو جاء بزاده وماه).
(3) اختلاط دماء الشهداء والشهيدات في شوارع الانتفاضات العربية .. مما عزز التلاحم وعبد الطريق إلى الانقضاض السريع للاطاحة برؤوس الأنظمة وبجزء من أهم مكوناتها، وإحداث فعل التغيير كما يشتهون.
(4) الربيع خلط الدين بالسياسة، وخلط السياسة بالرياضة، ولتوضيح الثانية: انظر حال مصر نتائج كارثية لمباراة الأهلي والمصري في بورسعيد، وعنف، وقتل وجرح مشجعين، و(الالتراس) المنتقل من حقل الرياضة إلى أفق المعارضة السياسية، والتخريب واحكام اعدام واعتراضات، وما يزال المسلسل مستمراً، وفاتحاً شدقيه للمزيد من الضحايا الأبرياء والتدمير العام.
(5) اختلاط قيم الفضيلة والحق والصدق والجمال مع سلوكيات الرذيلة والحقد والانتقام .. مع انتصار مؤقت للثانية.
(6) اختلاط الشباب والشابات في بلادنا، في المسيرات والمهرجانات والاعتصامات مع وجود خيم في الشوارع، وفي الندوات والحفلات .. مناهضة للنظام وتحريضاً على سرعة القضاء عليه، وحدث في 16 / أبريل / 2011م، ان تم الاعتداء على عدد من الناشطات المعارضات بتهمة الاختلاط أو التأخر في المسيرة أو السير مع زملاء محددين فضربن من قبل جنود الفرقة ضرباً مبرحاً، وكذا نال الزملاء الشبان المفارعون .. علقة ساخنة، واشتهرت ـ وقتهاـ دعوة الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعدم جواز الاختلاط، وقوبل بهجمات إعلامية ومظاهراتية ضارية.
(7) لا تستطيع التفريق بين الثائر والبلطجي لوجود أكثر من غطاء سياسي حزبي يشرعن للقتل والتدمير والتعطيل ويدفع بسخاء بالتنسيق مع الخط الساخن .. داخل البلاد أو خارجه وغالباً ما تكون مجموعة الدفع المسبق في مقار بعض السفارات أو منظمات المجتمع المدني أو مراكز البحوث.
(8) كلمة (اختلاط) حروفها ووقعها الموسيقي ورسمها، قريبة من التركيب الإضافي (فك الارتباط) مع اختلاف في المعاني والمغازي وقريب منها: اشتراط، انحطاط، اعتباط، انخراط، اغلاط، انفراط، انبساط.
(9) اختلاط في اللون .. عمى الألوان الذي يصيب كل الحيوانات تقريباً، ويصاب به عديدون من البشر فيرون كل الاشياء منحصرة فقط في لونين فقط: الأبيض والأسود، وحتى الأبيض أكثرهم يمقتونه،ويهيمون عشقاً باللون الأسود (مثلاً .. قطع الكهرباء والافكار الظلامية) سود الله حياتهم.
(10) اختلاط دماء الفتيات والفتيان وكل الثوار في شوارع وميادين بعض الثورات أو الحركات الربيعية، ونتج عن هذا الاختلاط أفعال مشينة اخلاقياً، وأقربها إلى شاشة الذهن الآن .. ميدان التحرير في مصر المغلق، وحالات التحرش الجنسي التي تحولت إلى حالات اغتصاب حتى في النهار، وتحولت إلى ظاهرة لم ينكرها أحد في مصر، وإنما يختلفون فيمن يرتكبونها علمانيون أم اسلاميون، أي والله .. أكبر فضيحة، وأشهى مادة صحفية للوسائط الإعلامية العالمية، وقال لك: ربيع!
(11) اختلاط القومي بالماركسي بالإسلامي بالحوثي بالعلماني في توليفة مشتركة للنظام في بلادنا، خلطة ثورية واجهت النظام بأسلحة مشروعة وغير مشروعة حتى اسقطت رأس النظام وجزءاً مهماً أو مكوناً فاعلاً منه، بعد عامي عذاب وخراب ثم نراها بعد نجاحها في أهدافها اختلطت مواقفها وتباينت، وازدادت حدة الخلافات بينها، فيتم احتواء البعض من تقاطعاتها الحادة، وبعضها ينكشف للعلن .. المشهد أنها تثور ضد بعضها البعض للاستئثار بأكبر قدر من كعكة السلطة على حساب تعذيب وتجويع وتجريع المواطن المسكين ما يزيد من آلامه.
(12) كان التعليم أيام التشطير في جنوب الوطن قائماً على الاختلاط، وللأمانة كانت له ثمار مرجوة رسختها ثقافة المجتمع المدني آنذاك كانت الأجواء التنافسية أكثر قوة والحالات الشاذة قليلة.
وأعرف أن البعض سيبرز نصوصاً شرعية لتخطئتي ولكن هذه الحقيقة كما أراها ويراها جيلي، وبعد تحقيق الوحدة في 22 / مايو / 1990م، وتحديداً عقب حرب 7 / 7 / 1994م، بدأت عملية الفصل بين الجنسين في الاساسي والثانوي، وأتذكر عندما كنت مديراً لثانوية الفاروق في عام 94 / 1995م، في جعار كبرى ثانويات المحافظة وأكثر من ألفي طالب وطالبة، وفترتان دراسيتان صباح وظهيرة، أنني بدأت بفصل تدريجي استغللت غرفاً في القسم الداخلي فارغة فملأتها بالمعدات ونقلت إليها طلاباً فقط، لاحظت وجود ضيق وفوضى رغم توفير الكتاب والمدرس، وعرفت ان ابتعاد طلبة عن زميلات لهم خلق لديهم ما يشبه (العناز)، المهم ـ سارت الأمور، وكله منك يا اختلاط، حالياً .. كليتا زنجبار ولودر فيهما اختلاط.
(13) اختلاط لجان الحوار برؤى مختلفة ومتواطئة، ومتواطنة ومتوافقة، ومتناقضة ومتباغضة .. ما بين إصلاحيين، اشتراكيين، حوثيين، قوميين، ملتحين، متحضرين، مزايدين، معرقلين، فاشلين، رافضين، مرفوضين، تابعين، متسرعين، متخلفين ومؤثرين.
والمؤمل من هذه الخلطة السحرية، أو التوليفة الحوارية أن تنجب لنا يمناً جديداً، وتحدد مساراً توافقياً، وترسي لنا نهجاً موحداً .. نرجو ان تسرع بتخلصينا من ضجيج الحوار والخوار ورغاء الابل والدوار والجدل البيزنطي لتهدأ النفوس، وتنزاح عنا اشباح العبوس، ومآسي حروب البسوس، ونعرف أن هذه الخلطة النخبوية قام بعجنها عشرة رؤوس قالوا: ستة أشهر، قولوا ست سنين.
لقطات
* قال لي: من يستحق العقاب؟
اجبته: من يزرعك عبوة فكرية ناسفة .. تتفجر في المكان الخطأ والزمان الخطأ، ومن البداية .. خطأ!
أحلم بزعيم يرمي شعبه بقنابل مسيلة للحب، ويهدي أطفالهم العاب مسدسات كاتمة للوجع والأنين.
* (من أمن العقوبة .. أساء الأدب)
مقولة قديمة
في دول الربيع العربي .. سلاح الشائعات شغال، عمال على بطال، يا قوم هذي البداية!
* هل مصادفة أن تأتي:
الله: أربعة حروف.
محمد: اربعة حروف.
الحب: اربعة حروف.
وحدة: أربعة حروف.
حوار: اربعة حروف.
رباعية غريبة .. اليس كذلك؟!
* إذا ما قمنا بخدمة الناس باخلاص لاشرقت شمس الفضيلة من وجوهنا، ولرقصت لنا الورود فرحاً.
كثرة الشخصنة تقود إلى الملعنة، وتهوي بك إلى الشيطنة.
آخر الكلام
تطلعت في يومي رخاء وشدة
وناديت في الأحياء هل من مساعد؟!
فلم أر فيما ساءني غير شامت
ولم أر فيما سرني غير حاسد
الارجاني