لـ«الدولة الفاشلة» أمارات، يدوس أمراؤها القانون بالأحذية، يقسمون جسد الدولة بينهم، يتحولون إلى طوائف تشرب نخب السعادة، كلما لاذوا بجزء جديد من هذا الجسد ليضموه لأملاكهم.
حين شنت جحافل بشرية غارة ليلية على مقر حزب وجريدة الوفد، كانوا مزودين بـ«تعطيل القانون»، أخذوا الإشارة من حصار المحكمة الدستورية، فلا رئيس كان يحميها، ولا سلطة أرادت تطبيق القانون أمام هجمة تتارية، لم تشهدها مصر من قبل، جلس رجال النظام يسترقون السمع لفض بكارتها، وانتقلت «الغواية» إلى أماكن أخرى.
انطلقت الشماريخ، وسرح المولوتوف في سماء «الدقي» حيث يقيم «الوفد» فنزلت على جدرانه ورجاله، وعاد أبناء «الغارة» إلى بيوتهم هانئين، فلا حساب تم، ولا سؤال تم توجيهه لأحد، بالرغم من البلاغات إلى النائب العام المزودة بالصوت والصورة، ثلاثة شهور ونصف مرت على الجريمة دون أن نعرف مصيرها، وكأن المتهمين كائنات فضائية، نزلت إلى الأرض لترتكب جريمتها، ثم صعدت إلى حيث لا تعلم أجهزة الشرطة والنيابة، وأمس الأول لم نحصل على إجابة واضحة وقاطعة من رئيس المكتب الفنى للنائب العام حول هذه القضية، حين واجهه بها مجدى الجلاد رئيس تحرير الوطن، ومعه المخرج خالد يوسف، في برنامج 90 دقيقة لمعتز الدمرداش.
في زلازل الطبيعة يحدث ما يسمى بـ«التوابع»، وكان الاعتداء على حزب وجريدة الوفد هو الزلزال، أما توابعه فجاءت في الهجوم على جريدة «الوطن»، قد تختلف كتيبة «المعتدين» في الهوية والأشخاص، لكن جنس الفعل واحد، وأدوات الاعتداء واحدة، شماريخ ومولوتوف، ونار تشتعل في الجدران، فمن أوصلنا إلى هذا اللغز؟، من أوصلنا إلى هذا الجرم؟، من يتلذذ بمحاولات فض بكارة صحف، تقول كلمتها وتمضى؟، من يعطى الأوامر بعدم ملاحقة المعتدين؟، هل يأتي ذلك في سياق السيناريو الأشمل الذى يسن أنيابه لإسكات صحافة مغضوب عليها، وصحفيين لا يسيرون في ركب الطاعة؟، الإجابات غائبة، والنتيجة دولة تسرح فيها ميليشيات بتواطؤ المسؤولين وغياب القانون، تخيلوا لو تمت محاسبة الذين حاصروا المحكمة الدستورية، والمعتدين على حزب الوفد، هل كان سيقع الاعتداء على جريدة الوطن؟.
كانت الحرب الأهلية في لبنان من عام 1975 إلى 1990، عنوانا لـ«الدولة الفاشلة»، بدأت بالاغتيال، وانطلقت بمدافعها تدك البيوت والمنشآت، وتحصد الأرواح، أصبحت بلدا الكلمة العليا لأمراء الطوائف، داسوا قانون الدولة، واستدعوا قانونهم الخاص، فنال لبنان لقب « الدولة الفاشلة»، في دفتر أحوالنا، يأتي حديث شركات الحراسة الخاصة، مادامت الشرطة لا تستطيع تنفيذ مهمتها، ويتحدث قيادي إخواني هو صابر أبو الفتوح عن منحها الضبطية القضائية، وتتحدث الجماعة الإسلامية عن تكوين اللجان الشعبية، وتضع شروطا للالتحاق بها، هو الطريق إذن لبلد الطوائف والمولوتوف على الوطن.