إن العالم بأسره منتظر متى سيدخل اليمنيون في هذا الحوار السلمي الحضاري لكي يجسدوا بالفعل لا بالقول مقولة: الحكمة يمانية ويتثبتوا للعالم بأنهم قدوة ومثالاً يحتذى لكي يتعلموا منهم دروساً في كيفية كظم لغيظ وضبط النفس وكيفية العفو والتصالح والتسامح والتآلف والترفع عن الصغائر والأحقاد والضغائن والإيمان بأن الحوار هو أفضل وسيلة ممكنة لمعالجة المشاكل والقضايا والحقوق وخير من وسائل التلويح بدق طبول الحرب وإعداد السلاح والبنادق والرصاص والمتفجرات والتهديد والوعيد بالسحل والقتل والتصفيات الإقصاء والتهجير وعدم الاعتراف بالآخر فإذا دخل اليمنيون جميعاً في الحوار وانخرطوا فيه لتعلم العالم منا كيفية السمو فوق الجراح وابتعدوا كثيراً عن الأحقاد والعداوات والضغائن وحول كل واحد منهم عداوته لأخيه إلى ود ومحبة وألفة وتعاون لصلح شأن المجتمع وسعد الجميع ووضع كل مواطن منهم سلاحه وتخلى عن لغة القوة إلى قوة اللغة والمنطق والحجة والبرهان وتجنب لغة النعرات القبلية والطائفية والجهوية والمناطقية وردود أفعال الجاهلية الأولى المنتنة والبغيظة.
إن فرصة الحوار هذه قد لا تعوض فينبغي اقتناصها واستغلالها والمسارعة إلى الانخراط في الحوار وحجز مقعد فيه قبل أن تتأزم الأمور ويرتفع سقف المطالب ووضع شروط تعجيزية للدخول في هذا الحوار ويزداد الشقاق والافتراق بين أبناء الوطن الواحد وقد تزداد الأحوال سوءا وتدخل البلاد في فوضى ونفق مظلم ومستقبل مجهول وربما في حرب أهلية لا سمح الله وبعد الحرب قد يتدخل المجتمع الدولي أو الإقليمي وتنتهك سيادة البلاد وتضيع هيبة الدولة وقرارها الحر ويصبح مصير البلاد بيد الأجنبي وفي نهاية المطاف نطالب بالحوار السلمي والجلوس على طاولة المفاوضات ولكن بعد فوات الأوان وبعد أن نكون قد غرقنا في بحار من الدماء وأزهقنا الكثير من الأرواح والأنفس البريئة التي ليس لها لا ناقة ولا جمل في كل ما حدث وليست هي المتسببة فيما وصلت إليه البلاد من أزمة وتأزيم واحتقان ومن ثم انفجار وكارثة.