إنك حين تقرأ أو تشاهد أو تسمع بعض وسائل الإعلام الحزبي أو المستقل أو الجهوي أو المناطقي تشعر وكأن البلاد على حافة الهاوية أو على شفير جهنم وهذا يدل على أن بعض وسائل الإعلام هذه إما أنها لا تعرف شيئاً عن قانون الصحافة أو لا تملك ميثاق شرف للمهنة أو كأنها متحررة من أي وازع اخلاقي أو مسؤولية وطنية أو انها لا تفقه بأمور الواقع الراهن الذي هو واقع توافقي يستلزم رص الصفوف والحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي وحض الناس على التوجه إلى طاولة الحوار الوطني الشامل المزمع تدشينه في القريب العاجل والابتعاد عن إثارة الفتن وتهييج ودغدغة مشاعر الناس والعداء لبعضهم البعض.
وكان يفترض بهذه الوسائل الإعلامية الشعبية الحزبية والمستقلة ان تستفيد من وسائل الإعلام الرسمية المسؤولة الحريصة على نقل الحقيقة كما هي دون رتوش أو فبركة أو زيادة أو نقصان بموضوعية وبمهنية عالية ومصداقية وبمراعاة مشاعر الناس , وان تنظر وسائل الإعلام المستقلة هذه إلى المستقبل بعقلية جديدة لا عقد فيها ولا مقيدة برواسب الماضي ولا بمكايدات ومناكفات الأحزاب والطوائف والجماعات ولا مشغولة باقتناص زلات وهنات هذا ولا بتصيد أخطاء فلان ولا بجمع مثالب علان وان تتحاشى هذه الوسائل المتحررة من كل شيء أساليب التجريح التي لا تحل مشكلة ولا تربط قضية أو تخدمها لأن السخرية والتهريج والفكاهة والتندر من أساليب صحف التسلية والترويح عن النفس والتعويض عن الافتقار لمشروع إعلامي نهضوي يستشرف المستقبل ويحلم بدولة مدنية حديثة يسودها العدل والحرية والمساواة والأمن والاستقرار.