والمتأمل في ذلك التقرير سيشعر وكأنه رسالة ضمنية مبطنة لرافضي التغيير ومعرقلي التسوية السياسية في اليمن الذين كان ينبغي عليهم أن يتفاعلوا مع هذه الرسالة الأممية ويلتقطوا فحواها ومضمونها الهادف من أجل مصلحة الوطن هذا إذا كانوا بالفعل حريصين على هذه المصلحة الوطنية العليا ويمتلكون قدراً من الحس الوطني والحنكة السياسية والعقلانية والموضوعية والواقعية ويستفيدون من هذا الوسيط الأممي المحايد الذي يعمل لبلادنا أكثر من أولئك الذين مايزالون يتقوقعون في أماكنهم ومتاريسهم الماضوية القديمة وداخل جلابيب مصالحهم الضيقة والعتيقة ولا يكلفون أنفسهم عناء النظر إلى المستقبل بعقليات جديدة ومغايرة للنظرة القديمة والتحالفات الثابتة.
لقد تحدث التقرير الأممي عن تحديات المرحلة الانتقالية وذكر أن من أبرز هذه التحديات الفساد في مؤسسة الجيش وانقسامه إلى قسمين وأنه في حاجة إلى هيكلة وكذلك من التحديات انتشار السلاح وتهديد الإرهاب وعدم توفير خدمات ملموسة في حياة الناس من أمن واستقرار، والحرب الإعلامية المستعرة بين كافة الاطراف بسبب عدم الثقة فيما بينها على الرغم من أن المرحلة توافقية والحكومة والمعارضة في حكومة مشتركة ومن التحديات أيضاً الاضطراب في جنوب الوطن خاصة بين أوساط المطالبين بالانفصال وفك الارتباط نتيجة التجاهل والتهميش والتمييز منذ بداية الوحدة، ومن التحديات عدم توفر الأمن الغذائي اللازم وعدم توفر مياه الشرب والرعاية الصحية اللائقة والضرورية وكذلك عبء اللاجئين والنازحين إلى اليمن من القرن الأفريقي وبطء الوفاء بتعهدات الأصدقاء وشركاء اليمن من المانحين حتى يشهد الناس تحسناً في حياتهم اليومية.
ومن التوصيات التي ذكرها ذلك التقرير الأممي وحض البلاد على المضي فيها الإقرار بمظالم الماضي واتخاذ الخطوات اللازمة لتضميد الجراح القديمة لأن اليمنيين لديهم شعور قوي بأن العملية الانتقالية ستظل معلقة في غياب جهود المصالحة بما في ذلك إعادة حقوق الضحايا أو تعويضهم وتقديم ضمانات بعدم تكرار المظالم. ووضع حد للافلات من العقاب، ومع أخذ هذه الأهداف في الحسبان فإن مبعوث الأمم المتحدة في بلادنا يأمل في تقريره الآنف الذكر في اعتماد مشروع توافقي معدل لقانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية حتى يخرج التحول السلمي من رماد الأزمة والصراع بسلاسة وهدوء إلى بر الأمان فالفرج يأتي مع الشدة، واليسر يأتي بعد العسر.