كان هذا الموقع الساحر - في السنوات الخوالي - قِبلة لكل السياح من مختلف الجنسيات ومن شتى بقاع الأرض ، أكان ذلك عبر السفن السياحية العملاقة ، أو باليخوت الصغيرة التي تجوب العالم وتعرِّج على هذا الميناء للتزود بالوقود أو التموينات الضرورية لمواصلة رحلاتهم ، فكانت الأشرعة التي تتخللها أشعة شمس عدن الذهبية ساعة الغروب تعطي منظراً خلاباً لا يمكنك التحول بناظريك عنه، ناهيك عن الابتسامات الصادقة التي يرسلها لك الضيوف الأجانب عند صعودهم لرصيف الميناء أو عند نزولهم لزوارقهم المطاطية للعودة للسفينة أو اليخت ، فتبعث فيك روح حب الناس وشوقك الكبير لمعايشتهم وتود لو يحالفك الحظ اقتطاع جزء - ولو يسير - من وقتك لقضائه معهم..
مرت السنون تباعاً ، حاملة كل الهموم ، وأوضاعنا السياسية تطغى على كل شيء ، فتزيد من معانات الإنسان والمكان .. بدأت تتلاشى أفواج السياح ، وتقلِّ تدريجياً حتى انقطعت ، ونامت الحركة السياحية لعدن ومينائها العتيق ، وأصبح صرحاً تاريخياً لتبادل الذكريات أيام الزمن الجميل ..
ولا يضير ذلك لو توافد إليه بعض المواطنين أو العائلات والأطفال للتمتع بجمال المكان أو قضاء أوقات جميلة هناك .. فكانت أرضية الرصيف تزدحم بالزوار أثناء الأعياد والمناسبات والعطل الرسمية والأسبوعية ، فتبعث الحياة في ذلك الموقع الجميل ، لاسيما وأن قيادة المحافظة قد قامت بتنظيم الحفلات في الأعياد على رصيف هذا الميناء .. لولا الحرص والحذر الذي ينتاب القائمين على الرصيف ، خاصة بعد الأحداث المؤسفة التي تفاجئنا بين الحين والآخر والتي يتوجب أخذ الحيطة والحذر منها حفاظاً على أرواح الناس ..
كلمة شكر وتقدير لكل القائمين على هذا الرصيف ، والذين استطاعوا المحافظة عليه كما هو منذ أن كان وحتى اليوم ، ليظل معلماً تاريخياً يذكرنا بأمجاد اندثرت من بين أيدينا ، ونتمنى أن يعيد النظر فيها كل من لديه الإمكانية في مكتب المحافظة ومن كبار قيادة ميناء عدن ووزارة السياحة لإعادة الحياة لهذا الميناء ، وأجزم أنهم لقادرون على ذلك متى ما وجدت فيهم روح العزيمة والإصرار في تنشيط الجانب السياحي لمدينة عدن التاريخية ومينائها البحري الذي كان يتبوأ الصدارة بين موانئ الدول المجاورة والعالم !!