فالقرار (924) الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته (3386) المعقودة يوم (1) حزيران/ يونية 1994م بسبب الحرب المشؤومة (94) أشار إلى أن مجلس الأمن قد نظر في الحالة في الجمهورية اليمنية، وويأخذ في اعتباره مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وإذ يساوره بالغ القلق إزاء الموت الفاجع للمدنيين الأبرياء وإذ يقدر الجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية ومجلس التعاون العربي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والدول المجاورة والدول المعنية الأخرى في سبيل المساهمة في حل الصراع بالوسائل السلمية وفي ضمان إحلال السلم والاستقرار في الجمهورية اليمنية.
وورد في الفقرة (3) من نفس القرار ما يلي:
يذكر كل من يهمهم الأمر بأنه لا يمكن حل الخلافات السياسية باستخدام القوة، ويحثهم على العودة فوراً إلى المفاوضات ما يسمح بحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية وإعادة إحلال السلم والاستقرار.
وورد في الفقرة (4) ما يلي:
يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة إيفاد بعثة لتقصي الحقائق إلى المنطقة في أقرب وقت ممكن عملياً من أجل تقديم الإمكانيات لتجدد الحوار بين جميع الأطراف المعنية ولبذل مزيد من الجهود من جانبهم لحل الخلافات بينهم. وفي نهاية ذلك القرار ختم بالعبارة التالية:
يقر إبقاء المسألة قيد النظر الفعلي.
وبعد اشتداد الأزمة وزيادة حدة الصراع بين الطرفين المتحاربين وعدم التزامهما ببنود القرار الأممي الآنف ذكره أصدر مجلس الأمن الدولي القرار الثاني رقم (931) لعام 94م بشأن الحالة في الجمهورية اليمنية والذي أعاد فيه مجلس الأمن تأكيد قراره السابق (924) وكرر تأكيده بأن الخلافات السياسية لا يمكن حسمها عن طريق القوة ويأسف بالغ الأسف لقعود كافة الأطراف المعنية عن استئناف الحوار السياسي فيما بينها، ويحثها على القيام بذلك فوراً وبدون أية شروط مسبقة لكي تتيح بذلك التوصل إلى حل سلمي لخلافاتها واستعادة السلم والاستقرار.
وختم ذلك القرار بعبارة: إبقاء المسألة قيد النظر الفعلي.
وبعد الحرب ظلت الأزمة وازدادت معاناة الناس في الجنوب وتراكمت المشاكل وازداد التذمر والاحتقان فكانت الحركة الشعبية للحراك التي سبقت ما يسمى بثورات الربيع العربي ومنها ثورة الشباب في اليمن وتأزمت الأمور وكادت البلاد أن تدخل في حرب طاحنة وفي نفق مظلم إلى أن حصل انفراج للأزمة بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وجاء معها قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2014) حول الوضع في اليمن والذي حث فيه كل الأطراف في اليمن للتعاون بطريقة بناءة للوصول إلى حل سلمي للأزمة الحالية وأشاد القرار بدول مجلس التعاون الخليجي الذي ساعد على حل الأزمة في اليمن وجدد مجلس الأمن الدولي في ذلك القرار تأكيد التزامه الراسخ بوحدة وسيادة واستقلال وسلامة الأراضي اليمنية وشدد على أهمية أمن واستقرار اليمن ودعا كافة الأطراف بشكل فوري إلى نبذ واستخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية وحث كافة حركات المعارضة التعهد (الالتزام) بلعب دور بناء وشامل في الاتفاقية وإنجاز التسوية السياسية على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي التي من أهم بنود آليتها التنفيذية المزمنة الدخول في حوار وطني شامل لكافة الأطراف المعنية في اليمن.
حتى الوثيقة التي قدمت إلى الأمم المتحدة حول الوضع في الجنوب والتي تم إدراجها ضمن جدول أعمال الدورة التاسعة عشرة لمجلس حقوق الإنسان (21فبراير - 24- 2012م) وعرضت أمام المجلس تحت البند (3) قد أشارت إلى تفعيل وتنفيذ قراري مجلس الأمن الدولي الآنف ذكرهما في مقالتنا هذه وإلى استئناف الحوار البناء وكذا المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية أوصت بمواصلة الضغط على كل من النظام والمعارضة قبل تشكل الحكومة التوافقية للمضي قدماً على الفور بحلول سياسية وإلى مكانة خاصة بالنسبة لقضية الجنوب في حوار وطني وزيادة المشاركة مع نشطاء الجنوب بما في ذلك الحراك.
ولا ننسى أن نذكر في هذا الصدد تقرير “مجموعة الأزمات الدولية” الذي صدر في 20 أكتوبر من عام 2011م حول القضية الجنوبية والذي ورد في ختامه توصيات إلى جميع القوى السياسية المعنية بالموافقة فوراً على التوصل إلى عملية انتقالية لتسهيل الشروع في حوار وطني شامل يهدف إلى مراجعة العقد السياسي والاجتماعي القائم.
وهكذا فإن كافة القرارات الدولية والمبادرات الإقليمية وتوصيات المنظمات غير الرسمية تدعو إلى حوار وطني شامل يعالج ويناقش كافة القضايا في اليمن وبإشراف إقليمي ودولي.. وكأن الدعوة إلى الحوار هي مطلب وإرادة المجتمع الدولي والإقليمي ينبغي الاستجابة لهذا المطلب والانخراط في الحوار ومن شذ وخالف فإنما يخالف الإجماع العالمي والإرادة الدولية.