لقد كان الاولون السابقون يفرحون بمن يهدي اليهم عيوبهم حتى يعملوا على تصحيحها وتصحيح مسار حياتهم ولم يكونوا يعانون من عقدة الاحساس بالنقص عندما ينتقدهم الآخرون ويظهروا لهم سلبياتهم وتصرفاتهم المنكرة.
اما انسان هذا العصر الذي فقد ثقته بنفسه فيخاف من النقد وممن يظهر له مساوئه وسلبياته وانحرافاته غير السوية، فتأخذه العزة بالاثم فيرد على من ينتقده ردا عنيفا بدلا من ان يشكره على معروفه وعلى تواصيه بالحق والصبر.. لماذا؟. لانه جاهل باغوار النفس البشرية وبالواقع الذي يعيش فيه وغير مكترث بمشاعر ومصالح الآخرين ولا يحرص على الممتلكات العامة والخاصة ولا على المال العام ويفتقد للخبرة في الحياة بشكل علمي وموضوعي وقد يمتلك كل ذلك ولكن حبه لذاته وانانيته المفرطة جعلاه لا يرى الا نفسه ومصالحه الضيقة فقط ودورانه حولها وحول مسائل واماني صغيرة ولم يتجاوز عقله آفاقاً واسعة ورحبة اكبر من تلك المسائل الآنية البسيطة والرخيصة بسبب نظرته الجزئية والقريبة وبسبب تلك السلبيات والنعوت الآنف ذكرها التي من أهمها الكبر والغرور والاثرة او النرجسية وانتهاج الاساليب الهمجية والفوضوية والعيش في الحاضر بافكار الماضي ومحاربة التغيير والتطوير وعدم النظر الى المستقبل بتفاؤل وانفتاح والاخطر من هذه السلبيات جميعا ان لا يعي الانسان تناقضاته بين ما يقول وما يفعل وبين ما يعتقده صوابا وهو على أرض الواقع خطأ او غير صواب، والكارثة والمصيبة تكون اكبر عندما تكون تلك النعوت والاوصاف والسلوكيات السلبية من نصيب متنفذين في الحكومة والدولة يتحكمون بمقدرات البلاد ومصير العباد ولا تستطيع الهيئة العليا لمحاربة الفساد ان تحاسبهم لان لائحتها الداخلية لا تتجاوز الدرجة الثانية من درجات الخدمة الوظيفية ولا تتعداها الى المناصب العليا وكأنهم فوق القانون والدستور وفوق اللوائح والانظمة لان المساس بهم هو مساس بسيادة الدولة وبهيبتها.أما اذا اختلس موظف صغير مبلغا حقيرا من المال العام فانهم يطبقون عليه اللوائح والقوانين ويحاسبونه، وهذه والله عادة اليهود قديما فقد كانوا اذا زنى شريف القوم تركوه وعندما يفعلها صغير القوم او ضعيفهم يطبقون عليه حد الزنا. فيا حبذا لو نستطيع ان نتخلص من عاداتنا وسلوكياتنا السيئة هذه ونثبت لانفسنا اولا اننا نستطيع ان ننتصر عليها ولا نرفض التغيير لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.