ومن جانبه فإن قائد الفرقة الأولى مدرع - حسب مراسلات أخرى تسربت صور منها- يوجه وزراء المشترك في حكومة الوفاق الوطني بتعيين مدراء عموم مديريات ومكاتب وزارات بناء على ترشيح منه.. وهناك وثائق أخرى تضمنت توجيهات لا تقل سوءا، وهو إقصاء الشركاء. وكله باسم بناء الدولة المدنية الحديثة.. ومعروف أن الدولة المدنية تحكمها مؤسسات لا أشخاص حتى لو كانوا ذوي مناصب تنفيذية عليا، فما بالك عندما يكون هؤلاء الأشخاص ليسوا ذوي اختصاص ولا مسؤولين في الحكومة ومع ذلك يمارسون وصاية على الحكومة من خارجها ويضعون أنفسهم مصدر التوجيهات للحكومة بحكم نفوذهم القبلي والعسكري؟.
يقال إننا في زمن ثورة وتغيير.. بينما اعتق التقاليد والممارسات المتخلفة صارت تتجذر بفضل هذه الثورة وهذا التغيير.. أي ثورة وأي تغيير.. لا معنى للتغيير إن لم يحل الجديد محل القديم. لقد كانوا يتحدثون كثيرا وبمرارة الدور الطاغي للأفراد وعن عدم إعمال مبدأ سيادة القانون وعن الفشل في بناء دولة المؤسسات.. وها هم يفشلون في أول تجربة اتيح لهم فيها أن يكونوا بناة دولة.. إنهم لا يريدون دولة ناهيك عن دولة مدنية حديثة. كل ما سعوا إليه إزاحة منافسيهم ليس أكثر.. ولا يزالون يشغبون في موضوع بقايا النظام وقد ولى من كانوا يسمونه النظام وبقوا هم يمثلون النظام السابق.. فمن هم بقايا النظام إن لم يكونوا هؤلاء بشحمهم ولحمهم؟
ولا نلوم هؤلاء لأن ذلك هو دأبهم دائما ولا يمكن أن يتغيروا.. ولا يتنازلوا عن ارثهم بوصفهم صناع الرؤساء والحكومات.. ولكن اللوم على رئيس الوزراء والوزراء في حكومة الوفاق الوطني الذين لا يمكن أن يعدوا رجال دولة اذا هم قبلوا بوصاية المشايخ وكبار العسكر.