فوجهت الجغرافيا السفن وهدتهم وأرشدتهم إلى ميناء عدن، فكانت الجغرافيا من حكمت وأمرت وقدمت اعترافها بأن ميناء عدن هو من أشهر الموانئ على خط الملاحة الدولية.
واختلفت عدن عما حولها فالصحراء جافة لا تغفر ولا تتسامح وبنيتها قاسية، والجبال البعيدة عنها تعطي شعبها أقصى درجات الانفعال.. والتشوش في التفكير.
أما عدن فإنها تختلف عن عالم المسكونين بالجبال أو الصحراء فعالمها هو المحيط البحري، والمحفز للتجارة والثقافة والتكتلات العالمية.
النظام العالمي كان يركز في بدايته على الايديولوجيا، ثم على الثروة النفطية أما النظام العالمي الجديد فقد بزغ نجمه وتوجه نحو الموانئ ومدن الموانئ.
وبدأ النظام الدولي الجديد يركز على الموانئ المغذية للمحيط الهندي الذي يعتبر حالياً أهم معبر مائي على مدى القرن الحادي والعشرين وأهم تلك الموانئ:
ميناء عدن، وعمان، وباكستان، الهند وبانجلادش وميانمار وسريلانكا والصومال وزنجبار هذه موانئ النظام العالمي الجديد في القرن الحادي والعشرين.
والولايات المتحدة الأمريكية تركز على آسيا المركزية وتحاول الصين إجراء نهضة عصرية لشبكة التجارة في هذه المنطقة وتقوم بتمويل هذه الشبكة من خلال محاولة إثبات وجودها كقوة عظمى (مصغرة) من خلال المحيط الهندي، ليصبح المحيط الهندي محور الصراع بين عدة قوى دولية منها الصين والهند والولايات المتحدة الأمريكية.
والهند هي القوة الوحيدة المنافسة في هذا الفضاء وهي من القوى العظمى الناشئة تحاول أن تتحصل على نصيبها من الموانئ حيث من المحتمل أن تنقسم تلك الموانئ إلى موانئ للطرق التموينية وأخرى كمستودعات للصهاريج.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تتوارى بصعوبة إلى الخلف، بصرف النظر عن التفوق البحري الأمريكي.
ومن خلال شبكة الخطوط الدولية سوف تبزغ طبقة جديدة عالمية مكونة من الأفارقة والتجار الآسيويين والمستهلكين الذين هم مفتاح رئيسي للسيطرة العسكرية.
المنافسة تجري على أشدها حول تلك الموانئ ومنها (ميناء عدن) ولن تكون المنافسات بشكل قتال من أجل السيطرة العسكرية بين أمريكا والقوى العالمية الصاعدة (الصين الهندي) بل ستكون على الوجود المشترك للتنافس كنموذج لإقامة نهضة تجارية في هذه المنطقة.
لهذا فإن مدينة عدن ستكون محور هذا التنافس لموقعها الجيو سياسي على خط الملاحة الدولية وميناؤها سيكون محور الصراع العالمي الجديد ومؤشرات هذا الصراع أصبحت واضحة لكل ذي فهم وبصيرة.