
الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
أسقطت الدفاعات الجوية للواء 72 التابع للجيش بمدينة الدويم، بولاية النيل الأبيض جنوب السودان، أربع طائرات مسيرة هجومية لقوات "الدعم السريع" كانت في طريقها لمهاجمة المدينة. ورجحت مصادر عسكرية أن تكون مسيرات "الدعم السريع" انطلقت من مناطق سيطرته في مناطق شرق كردفان، مبينة أن المضادات الأرضية تمكنت من إفشال الهجوم من دون تسجيل أي خسائر بشرية أو مادية، مؤكدة جاهزية واستعداد أنظمة الرصد والدفاع الجوي للتصدي لأي محاولات عدائية تستهدف المدنيين والمنشآت الحيوية.
واستهدف الطيران الحربي للجيش أهدافاً لـ"الدعم السريع" بمدينة أبو زبد بغرب كردفان، مما أسفر عن تحييد 19 من عناصرها وفق مصادر كشفت، أيضاً، عن أن قوات الجيش بدأت، للمرة الأولى، استخدام الأسلحة الثقيلة بكثافة، مستهدفة مواقع وتمركزات "الدعم السريع" من محاور إقليم كردفان، بخاصة في مناطق غرب الأبيض وشرق الرهد.
في المقابل، قالت "الدعم السريع" على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي إن مجموعة تتبع لها تسمى "القارعة" بقيادة محمد ساكن صديق أسقطت مسيرة تابعة للجيش بالمحور الجنوبي لمدينة الفاشر. كما قصفت مسيرة أخرى قسم شرطة محلية أم دم حاج أحمد بولاية شمال كردفان، مما أسفر عن إصابة عدد من المدنيين وتدمير المبنى بالكامل واحتراق شاحنات مدنية كانت متوقفة بجواره. وكشف بيان لمجموعة "محامو الطوارئ" عن أن هذا الهجوم الجوي هو الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب، ولفت البيان إلى أن طائرة مسيرة أخرى كانت قد استهدفت مركبة للمواصلات تقل مدنيين في المحلية نفسها، مما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة آخرين.
إنسانياً، أعلن متطوعون في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، توقف آخر المطابخ الجماعية "التكايا" التي تقدم الطعام لمواطني المدينة، أمس الجمعة، بسبب انعدام المواد التموينية، بعدما كانت آخر وجبة، عبارة عن علف "الأمباز" الخاص بالحيوانات. ووجه المتطوعون مناشدات عاجلة لدعم المطابخ الجماعية. وتعيش المدينة أوضاعاً معيشية وصحية قاسية بسبب انعدام الأدوية ودمار المؤسسات الصحية ونفاد السلع الغذائية من الأسواق، نتيجة الحصار المفروض عليها منذ ما يقارب عاماً ونصف العام، فضلاً عن توقف قوافل المساعدات الإنسانية منذ أشهر
عدة، وقالت لجان المقاومة بالمدينة إن الجوع بات يفتك بالمدينة المحاصرة، بعد توقف معظم المطابخ الجماعية.
وكشفت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين عن تنامٍ كبير في معدل الإصابات الجديدة بالكوليرا في إقليم دارفور بواقع 90 إصابة لليوم الواحد، أكثر من ثلثها وسط الأطفال دون سن الخامسة. وأعلنت وزارة الصحة بولاية جنوب دارفور تسجيل 57 إصابة جديدة بالوباء، بينها ست وفيات، أمس، مما يمثل أعلى حصيلة يومية يتم تسجيلها منذ رصد أول إصابة في الـ27 من مايو الماضي.
وناشدت الوزارة الجهات المعنية تقديم الدعم للسيطرة على الوباء من خلال مساعدة فرق الاستجابة السريعة وتوفير الأدوية اللازمة وتعزيز نظام تعقيم مياه الشرب، وأوضاع صحة البيئة، إضافة إلى رفع الوعي الصحي وسط المجتمعات المحلية.
وبحسب التقرير الوبائي للإدارة العامة للطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة بالولاية، بلغ إجمال الإصابات التراكمية منذ بداية تفشي الوباء 610 إصابات بينها 46 وفاة. وتواجه أجزاء واسعة من إقليم دارفور تفشياً متسارعاً لوباء الكوليرا، في ظل أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة تعرقل جهود احتواء الوباء وتفاقم من المعاناة المتزايدة التي يعيشها السكان ومئات آلاف النازحين من نقص حاد في الغذاء والدواء ومياه الشرب النقية.
وفي غرب كردفان قال شهود بمدينة أبو زبد إن الغارات الجوية التي شنها الطيران الحربي للجيش على المدينة أمس الجمعة، تسببت في مقتل نحو 12 من المدنيين وإصابة العشرات بينهم نساء وأطفال، واتهمت "مبادرة دارفور للعدالة" الجيش بقصف المدنيين في أبو زبد بالبراميل المتفجرة والمسيرات الانتحارية وقتل وجرح عشرات المدنيين بصورة لم تستثن شيخاً أو امرأة أو رضيعاً، مع دمار كبير في المنازل والممتلكات.
في جنوب كردفان، قالت مجموعة "نساء ضد الظلم" إن المعاناة والألم يتراكمان على سكان العاصمة كادوقلي يوماً بعد يوم، بعدما توقفت المدارس والمراكز الصحية وأغلقت الأسواق وانعدمت السلع الأساسية، بينما لم تصل أي مساعدات منذ أشهر، وأشار بيان للمجموعة إلى أن أكثر من 96 في المئة من العائلات لا تستطيع تلبية حاجاتها اليومية، وتعاني نسبة كبيرة من الأطفال سوء التغذية الحاد، بينما تقل الخيارات وتنعدم الأصوات. وتتصاعد الأزمة الغذائية في مدينتي الدلنج وكادوقلي بجنوب كردفان، بسبب الحصار وإغلاق الطريق الرابط بينها وبين شمال كردفان، بواسطة قوات الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو المتحالفة مع "الدعم السريع" مما تسبب في توقف الإمدادات الغذائية من السلع الأساسية. وحذر البيان من أن الوضع الإنساني في مدينة كادوقلي لم يعد حالاً طارئة عابرة، بل أصبح
أزمة متفاقمة ترك فيها المجتمع ليواجه مصيره وحده، منوهة بأنه لا يجوز أن يتحول الجوع إلى واقع عادي يدار بالصمت.
كما أصدر المجلس الاستشاري لشؤون النوبة الموالي لـ"الدعم السريع" بياناً دان فيه عمليات الاعتقال التي قامت بها الأجهزة الأمنية بالولاية في حق عدد من النساء بالعاصمة كادوقلي. ورفض البيان ما وصفه باستخدام حكومة الولاية أسلوب الاستنفار مقابل الغذاء، مما يهدد بتدمير النسيج الاجتماعي، مؤكداً تضامنه مع ضحايا الأوضاع الإنسانية والمجاعة بالمدينة.
إلى ذلك أعلن المركز القومي لمكافحة الألغام عن خطط لتدمير 50 ألف "دانة" (مقذوف مدفعي كبير) في بداية أغسطس المقبل، تم جمعها من محليات ولاية الخرطوم السبع. وأوضح مدير المركز العميد خالد حمدان أن عام 2025 سجل 49 إصابة جراء 20 حادثة، مما أسفر عن سقوط 12 قتيلاً و37 جريحاً، مقارنة بـ59 إصابة نتيجة 28 حادثة انفجار للمخلفات الحربية، تسببت في 14 وفاة و45 إصابة، العام الماضي. وأشار حمدان إلى أن عدد ضحايا انفجارات المخلفات الحربية والألغام بلغ 26 قتيلاً و86 جريحاً خلال عامي 2024 - 2025.
على نحو متصل أعلنت منظمتا "أصدقاء السلام والتنمية" و"الوحدات الوطنية لمكافحة الألغام" عن إزالة 250 جسماً من مخلفات الحرب القابلة للانفجار في مناطق القطينة والأعوج والجبلين، عقب خروج "الدعم السريع" من ولاية النيل الأبيض، إلى جانب استفادة أكثر من 100 ألف مواطن من حملات التوعية في المناطق المستهدفة.