
.jpg)

الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
فيما شهدت مدينة الفاشر في شمال دارفور هدوءاً حذراً مشوباً بالتوترات عقب أسبوع من المواجهات الدامية والقصف وموجات النزوح والتدهور الإنساني المتفاقم، تصاعدت حدة المعارك والمواجهات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" على محوري كردفان والعاصمة الخرطوم وسط تقدم جديد للجيش جنوب غربي مدينة أم درمان.
في كردفان تواصلت المواجهات في محيط منطقة أم عدارة وبثت قوات "الدعم السريع" مقاطع فيديو من داخل معسكر القوارير تؤكد فيه سيطرتها على المعسكر الواقع على الطريق الرابط بين جنوب وغرب كردفان ومعسكر القوارير القريب من مدينة الدلنج جنوب كردفان، غير أن مصادر عسكرية أكدت أن "الجيش تمكن لاحقاً من طرد الميليشيات من معسكر القوارير وتكبيدهم خسائر فادحة في العتاد والأرواح بسقوط نحو 25 قتيلاً والاستيلاء على كميات من الأسلحة والذخائر ودراجات نارية وعربة مدفعية مسلحة، بينما فر قائد الهجوم المتمرد (برشم) وقواته ولا يزال الجيش يطارد تلك القوة".
أوضحت المصادر أن الطيران الحربي شن سلسلة ضربات جوية ضد قوات "الدعم السريع" بمنطقة (عيال بخيت) غرب كردفان، دمر خلالها عشرات العربات القتالية وشاحنة جنود بمن فيها من مستنفرين.
كشفت المصادر نفسها عن انتشار متحركات الجيش والقوات المساندة له في ولايات كردفان الثلاث (شمال وجنوب وغرب كردفان) مع تعزيزات كبيرة من الجيش والقوات المشتركة في محور الصحراء، على رأسها متحرك قوات "درع السودان" و"الهجانة" التابعة للفرقة الخامسة مشاة بمدينة الأبيض، بجانب متحرك "الصياد" وقوات من "فيلق البراء بن مالك" وعدد من الكتائب المساندة في جنوب وغرب كردفان.
وأكد قائد قوات "درع السودان" المساندة للجيش اللواء أبوعاقلة كيكل، وصول قوات من "درع السودان" إلى كردفان في طريقها "لفك الحصار عن مدينة الفاشر والمشاركة في تحرير كل شبر في دارفور".
ولدى مخاطبته حشداً من مواطني الحصاحيصا شمال ولاية الجزيرة، قال كيكل إن "العدو يلفظ أنفاسه الأخيرة" وأعلن تشكيل لجنة أمنية مشتركة لحماية الأسواق في المدينة.
في محور العاصمة الخرطوم دارت معارك عنيفة بين الجانبين جنوب أم درمان استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والقصف المدفعي الثقيل بمشاركة الطيران الحربي من جانب الجيش.
وأكدت مصادر ميدانية أن عمليات الجيش البرية المسنودة بالطيران الحربي والمدفعية، حققت تقدماً جديداً جنوب أم درمان وبسط الجيش سيطرته على مربع (19) بأبي سعد ومدينة النخيل ومحطة ود البلال ومساكن البنك العقاري جنوب غربي المدينة.
في الأثناء تعهد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للجيش، "إنهاء الخطر الذي تشكله هجمات مسيرات الميليشيات ومواصلة القتال حتى اقتلاع ’الدعم السريع‘ وتحرير كل شبر في السودان".
أضاف البرهان لدى تدشينه أمس مبادرة "نفير قائد كرامة وطن" لدعم أسر الضحايا والنازحين والمتضررين من الحرب بمدينة بورتسودان، "قريباً لن تسمعوا بالمسيرات وهي تضرب المرافق الخدماتية والمدنية"، مؤكداً أن الأمور تمضي كما خطط لها وأن "المقاتلين ينتشرون في كل مكان والجيش سيقاتل حتى النصر، وكل من دعم الميليشيات سيدفع الثمن".
وفي تلميح إلى تغيير مرتقب في عقيدة الجيش القتالية قال البرهان، "كل الأسلحة التي اقتناها الجيش طوال تاريخه كانت دفاعية ولم نفكر في اقتناء أسلحة هجومية لمهاجمة الجيران كما تفعل بنا الدول الآن، لكن ما حدث جعلنا نراجع حساباتنا والآن سنغير هذا الوضع ونحتاط ونتحسب حتى نرد الصاع صاعين والثأر والاقتصاص للضحايا ولكل السودانيين".
عقب ساعات من تعهد البرهان إنهاء خطر قصف مسيرات "الدعم السريع" للمرافق الخدمية ومحطات الكهرباء استهدفت طائرة مسيرة تابعة للأخيرة صباح اليوم الأحد محطة مدينة بربر التحويلية للكهرباء بولاية نهر النيل، وارتفعت ألسنة اللهب والدخان من الموقع نتيجة اشتعال النيران بالمحطة.
على صعيد آخر، يتوقع أن يصل الفريق البرهان غداً الإثنين إلى العاصمة المصرية القاهرة في زيارة تستغرق يومين تلبية لدعوة سابقة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ينتظر أن يبحث خلالها الجانبان العلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع بالسودان.
في هذا الوقت يعيش مواطنو ولايات شمال وشرق البلاد والخرطوم البحر والنيل الأبيض والجزيرة منذ أكثر من أسبوعين، أزمة حادة في مياه الشرب، حيث وصل سعر الغالون سعة ثمانية ليترات إلى نحو 1000 جنيه.
.jpg)
وتسبب انقطاع الكهرباء المستمر منذ أسابيع نتيجة تكرر ضربات مسيرات "الدعم السريع" على محطات التوليد والتوزيع، في مفاقمة الأزمة الحادة في مياه الشرب بأكثر من سبع ولايات سودانية شمال وشرق ووسط البلاد.
ودعت شركة الكهرباء المواطنين إلى الصبر على انقطاع الإمداد الكهربائي أو ضعفه، مشيدة بروح التعاون والمسؤولية التي أبدوها خلال هذه "الفترة الحرجة"، مؤكدة التزامها بمواصلة العمل على رغم التحديات.
وأشار بيان للشركة إلى أن "العمليات العسكرية الجارية في بعض المناطق إضافة إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بالشبكة جراء اعتداءات الميليشيات المتمردة، عاقت بصورة كبيرة أعمال الصيانة وإعادة التأهيل، إلى جانب عقبات أخرى تعوق استقرار الإمداد الكهربائي نتيجة التدهور الكبير في منسوب المياه والطاقة المنتجة بمحطة توليد سدي عطبرة وستيت".
أكدت الشركة أنها تولي المرافق الحيوية، مثل المستشفيات ومحطات المياه، أولوية قصوى في الإمداد الكهربائي، مع استمرار الجهود الفنية لتعزيز قدرات الشبكة وزيادة الإمداد.
من جهتها، دانت وزارة الخارجية السودانية "الجريمة الإرهابية التي ارتكبتها ميليشيات ’الجنجويد‘ أمس السبت باستهدافها مركز إيواء المقرن في عطبرة، الذي راح ضحيته 11 نازحاً، إلى جانب قصف محطة كهرباء عطبرة التحويلية".
ونوهت الخارجية إلى أن "لجوء الميليشيات إلى استهداف محطات الطاقة يهدف إلى تعطيل خدمات المياه والمستشفيات وبقية الخدمات الأساسية، في إطار مخطط الإبادة الجماعية الذي تنفذه"، مشيرة إلى أن "تصعيد الجرائم ضد المدنيين جاء بعد أيام قليلة من تجديد مجلس الأمن دعوته إلى وقف الهجمات ورفع الحصار عن مدينة الفاشر".
وفي تعميم صحافي حذرت من أن "استمرار إفلات الميليشيات وداعميها الإقليميين من العقاب سيشجعهم على مواصلة جرائمهم"، لافتة إلى أن المطالبات والإدانات وحدها لم تعد كافية ما لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات عملية ورادعة.
الوزارة كشفت أن "الميليشيات استخدمت في هجماتها الأخيرة طائرات مسيرة حديثة ومدفعية ثقيلة بعيدة المدى، وفرتها لها جهات داعمة إقليمية ضمن سلسلة جرائم ممنهجة تستهدف النازحين والمرافق المدنية بما في ذلك المستشفيات والأسواق ومستودعات الغذاء في الفاشر ومحيطها".
إلى ذلك أكدت كل من الحكومة السودانية ومنظمة الهجرة الدولية التزامهما بتسهيل عملية عودة المواطنين الفارين من الحرب إلى منازلهم في المناطق التي تشهد استقراراً أمنياً.

جاء ذلك خلال اجتماع مشترك ضم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني جبريل إبراهيم، وإيمي بوب مديرة منظمة الهجرة الدولية، على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن.
تطرق الاجتماع بحسب تعميم صحافي لوزارة المالية إلى تسهيل العودة الطوعية والآمنة للنازحين وإيصال الحاجات الإنسانية العاجلة للسكان، إلى جانب جهود الحكومة من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي في ظل التحديات المتفاقمة التي تشهدها البلاد.