



الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
تصاعدت حدة الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وتبادل الطرفان القصف المدفعي المتواصل بينهما باستخدام المدفعية الثقيلة بخاصة في الأجزاء الشرقية والجنوبية من المدينة.
وأكد الجيش أن قواته في هذه الجبهة (الفاشر) متماسكة وأن الأوضاع تحت السيطرة في كل جبهات القتال من أجل فك الحصار قريباً عن هذه المدينة الذي بلغ 10 أشهر، مما فاقم الأوضاع الإنسانية ودفع الحكومة السودانية إلى مطالبة الأمم المتحدة بضرورة التدخل بشكل عاجل لإنقاذ حياة آلاف المدنيين في هذه المدينة.
في الأثناء اتهم المتحدث باسم الحكومة السودانية خالد الأعيسر، دولاً من دون أن يسميها بتوفير صواريخ مضادة للطيران لفرض حصار جوي على الفاشر، وقال في بيان إن "بعض الدول تورطت في تزويد ميليشيات ’الدعم السريع‘ بالأسلحة والصواريخ المضادة للطيران أخيراً، في محاولة لتشديد الحصار البري على الفاشر ليصبح برياً وجوياً".
وأشار الأعيسر إلى أن حكومة بلاده أسقطت مساعدات غذائية وطبية عبر الجو إلى الفاشر، منتقداً ما سماه "صمت وتقاعس الأمم المتحدة" وعدم اتخاذها خطوات فعالة وجادة لوقف الجرائم ضد المدنيين ومنع وصول المساعدات إلى الفاشر.
وحض مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق إبراهيم جابر ممثلي وكالات الأمم المتحدة والبعثات الأممية المقيمة في السودان إلى ممارسة مزيد من الضغط على الميليشيات المتمردة، لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لمعسكرات النزوح حول مدينة الفاشر.
وأكد خلال لقائه وفد الأمم المتحدة برئاسة نائب الممثل المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان كريستينا هامبورك حرص الحكومة السودانية على التعاون والتنسيق مع كل الجهات ذات الصلة لتسهيل مرور المساعدات الإنسانية لجميع مستحقيها في البلاد.
فيما أبدت هامبورك استعداد الأمم المتحدة لتقديم مقترح يعرض على جميع الأطراف بما يمكن من المساهمة في معالجة الأوضاع الإنسانية المعقدة بمدينة الفاشر ومعسكر زمزم للنازحين.

وكان مجلس الأمن الدولي طالب في الـ13 من يونيو 2024 قوات "الدعم السريع" برفع الحصار الذي تفرضه على الفاشر منذ قرابة العام، إذ شددت "الدعم السريع" حصارها على الفاشر بعد تهجير سكان قرى جنوب وغرب وشمال المدينة وتدمير مصادر المياه، مما تسبب في شح السلع وانعدام بعضها.
من جانبها، أكدت القوة المحايدة لحماية المدنيين في دارفور التزامها فتح ممرات آمنة لنقل المدنيين في الفاشر ومخيم زمزم من جحيم النزاع إلى قرى تحتضنهم بالأمان بالتنسيق مع "الدعم السريع".
وتشكلت القوة المحايدة في الـ12 من يناير الماضي من "حركة تحرير السودان" بقيادة عبدالواحد محمد نور و"تجمع قوى تحرير السودان" بزعامة الطاهر حجر، بهدف تأمين المدنيين وممرات الإغاثة والقوافل التجارية.
كذلك أعلن "تجمع قوى تحرير السودان" عن استعداده، بالتنسيق مع القوات التابعة لتحالف "تأسيس" لتأمين وحماية المدنيين الراغبين في الخروج من مناطق النزاع، وأشار إلى أنه شرع في اتصالات مع منظمات الإغاثة الإقليمية والدولية، إذ تلقى التزامات واضحة بتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للنازحين في المناطق الآمنة.
ووصف التجمع الوضع في الفاشر ومحيطها بأنه بالغ القسوة، بسبب انقطاع الخدمات الأساس وندرة وشبه انعدام في الغذاء والماء والدواء، وتزايد أعداد النازحين، وعجز المستشفيات والمراكز الصحية عن الاستجابة لحاجات السكان، كما حث المدنيين في الفاشر ومخيمات أبو شوك وزمزم وأبوجا والمناطق المحيطة بهم إلى إخلاء مواقع التماس العسكري والعملياتي بصورة موقتة والتوجه إلى المحليات والمناطق الآمنة في شمال دارفور أو خارجها.
وفر خلال الفترة من الأول من أبريل 2024 إلى الـ31 من يناير 2025، أكثر من 600 ألف شخص من ديارهم في مناطق شمال دارفور نتيجة للاشتباكات العسكرية واجتياح قوات "الدعم السريع" قرى شمال كتم وشمال وغرب الفاشر.
إلى ذلك دعت حركة "تحرير السودان- المجلس الانتقالي" بقيادة الهادي إدريس المواطنين في الفاشر ومخيم زمزم ومخيم أبو شوك إلى مغادرة ديارهم إلى مناطق سيطرة الحركة في كورما ومحليات شمال دارفور الأخرى، وذكرت في بيان لها أن قواتها بالتعاون مع قوات تحالف الميثاق التأسيسي (تأسيس) الأخرى، جاهزة لتوفير الحماية وفتح ممرات آمنة من الفاشر إلى كورما.
من جهتها، أكدت لجان مقاومة الفاشر بأن المدينة تعيش تحت حصار لا يعرف الرحمة منذ الـ15 من أبريل، وأن كل شيء في هذه الأرض بات خاضعاً لقيود المحتل، من الماءa إلى الدواء إلى الغذاء.
وأضافت اللجان في بيان لها "هذا الحصار جعل القطاع الصحي في الفاشر يعاني ويعجز عن تلبية حاجات المرضى والمصابين، فالمستشفيات خارج الخدمة والذي يعمل منها يعمل بربع طاقته، ومن دون طاقم مناسب أو إمكانات متوافرة، بينما يتكدس المرضى الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية طارئة بلا أمل في علاج قريب".
وتابع البيان "أما الأطباء، أولئك الجنود الذين يقاتلون من أجل الحياة، فإنهم يقفون على حافة الانهيار، إذ لا يوجد سوى القليل من المعدات، ولا دواء يكفي حتى لجرح واحد، لقد تحولت المستشفيات إلى مسارح للألم، حيث يموت المرضى ببطء وهم يعلمون أن الأمل بات سراباً بعيداً".

وأوضحت اللجان "في قلب هذا الجحيم وأتون الحصار يقف المتطوعون وشعب المدينة في مجال الإغاثة كرموز للإنسانية التي لا تنكسر، ومنهم أبطال فقدوا حياتهم وقتلوا تحت القصف، وهم يحملون على أكتافهم رسالة واحدة ’إنقاذ الأرواح‘، إذ قدموا خدمة لمجتمعهم بكل إخلاص وغير آبهين بآلة البطش والقتل من قبل الميليشيات وغير مكترسين بماكينة التشويه والتشهير من أذناب الميليشيات، وعلى رغم كل ذلك، تظل المساعدات والمواد الغذائية تصل ببطء، فالاحتلال وميليشياته يتحكم في كل شريان ينبض في الفاشر، ويغلق المعابر متى شاء، ليترك الشعب يعاني الجوع والعطش بلا أمل في الغد، بل ويصنع الفوضى من خلال تمكين عصابات الجريمة المنظمة من الاستيلاء على شاحنات المساعدات والمواد الغذائية واستهداف أصحابها".
وأوضح البيان أنه "على رغم الجهود التي تبذل يومياً لإغاثة الفاشر وفك حصارها، يبقى العمل الإنساني مشلولاً في مواجهة سيطرة الميليشيات على المعابر، إذ إن فتح المعابر وفك الحصار هو الشريان الذي يبقي الفاشر حية، وهناك من يغلق هذا الشريان متى أراد، ليقطع على الناس حتى الهواء الذي يتنفسونه، ومع كل يوم يمر يتفاقم نقص التمويل، ليزيد من تعقيد الوضع ويجعل المنظمات عاجزة عن تلبية الحاجات الهائلة لسكان المدينة".
في محور أم درمان فر نحو 4 آلاف من سكان جنوب غربي المدينة من مناطقهم الملتهبة بسبب الانتهاكات الواسعة من قبل قوات "الدعم السريع" إلى أقصى جنوب المدينة، في وقت تتواصل الاشتباكات بين الأخيرة والجيش السوداني.

وكان سكان قرى الجموعية التي تسكن مناطق جنوب غربي أم درمان، أطلقوا نداءات واستغاثات وتحذيرات من اعتزام قوات "الدعم السريع" ارتكاب مجازر إضافية في حق سكان تلك القرى، وارتفع عدد القتلى في قرى الجموعية جراء هجمات "الدعم السريع" إلى نحو 100 وما يقارب 250 من الجرحى والمصابين.
وأفاد نداء استغاثة في رسالة صوتية لأحد المواطنين من داخل المنطقة، بأن قوات "الدعم السريع" شرعت في استهداف منازل المواطنين باستخدام الطائرات المسيرة، عقاباً للمواطنين على دفاعهم عن أنفسهم في مواجهتها ببنادقهم (الكلاشينكوف) غير المجدية، مطالباً السلطات بمدهم بالسلاح ولو عبر النيل ليتمكنوا من الصمود.
وتسببت هجمات "الدعم السريع" على قرى الجموعية في موجة نزوح كبيرة للسكان سيراً على الأقدام نحو منطقة جبل أولياء عبر جسر الخزان.