دمشق / 14 أكتوبر / متابعات:
فيما تستقبل السلطات السورية الجديدة في دمشق الوفود والاتصالات الدبلوماسية، تتواصل الاشتباكات شمال البلاد بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومجلس منبج العسكري من جهة، والفصائل المسلحة الموالية لتركيا من جهة أخرى، من دون أي تغيير في خريطة السيطرة الميدانية حتى اللحظة، وفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان".
وقال المرصد اليوم السبت إن الاشتباكات مستمرة على محاور القرى المحيطة بسد تشرين في ريف منبج، مشيراً إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف الطرفين خلال الساعات الماضية. وأضاف المرصد أن فصائل "الجيش الوطني" الموالي لتركيا هاجمت مساء أمس الجمعة عدداً من القرى في ريف منبج مستغلة الغارات الجوية التركية على المنطقة وسط قصف مدفعي مكثف، فيما ردت "قسد" بتفجير ألغام لإعاقة تقدمهم.
وبعد التوترات التي شهدتها الحدود اللبنانية - السورية بسبب اشتباكات اندلعت بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين، وقرار فرض قيود على دخول اللبنانيين إلى سوريا، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي اتصالاً هاتفياً أمس الجمعة مع قائد الإدارة السورية أحمد الشرع، وبحث معه العلاقات بين البلدين، بحسب بيان لمكتب ميقاتي على منصة "إكس".
وقال ميقاتي إنه تلقى دعوة من الشرع لزيارة سوريا لمناقشة الملفات المشتركة. وأكد الشرع أن الأجهزة السورية المعنية قامت بكل ما يلزم لإعادة الهدوء على الحدود.
وكان الجيش اللبناني أعلن عبر منصة "إكس" تجدد الاشتباكات مساء الجمعة في منطقة معربون - بعلبك عند الحدود اللبنانية - السورية بين الجيش ومسلحين سوريين، بعد استهدافهم وحدة عسكرية بواسطة سلاح متوسط، مما أدى إلى تعرض أربعة عناصر من الجيش لإصابات متوسطة".
من جانبه، قال وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني في بيان على "إكس" الجمعة إنه سيزور قطر والإمارات والأردن خلال الأيام المقبلة "لدعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي وبناء شراكات متميزة".
يأتي ذلك في أعقاب زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك إلى سوريا ولقائهما قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع.
أكد بارو وبيربوك ضرورة تحقيق انتقال سلمي وجامع للسلطة في سوريا، وكتب الوزير الفرنسي في منشور على "إكس" الجمعة "معاً، فرنسا وألمانيا، نقف إلى جانب السوريين بكل أطيافهم". وأضاف أن البلدين يريدان "تعزيز انتقال سلمي وفعال لخدمة السوريين ومن أجل استقرار المنطقة".
وقالت نظيرته الألمانية في إحاطة إعلامية إثر لقاء الشرع "مستقبل أفضل لسوريا يعني انتقالاً للسلطة جامعاً وسلمياً ومصالحة وإعماراً". وشددت على ضرورة "إرساء حوار سياسي يشمل كل المجموعات الإثنية والدينية والمواطنين على أطيافهم، ولا سيما نساء البلد".
وكشف بارو في وقت لاحق الجمعة على منصة "إكس" أنه حصل مع نظيرته الألمانية على ضمانات من السلطات الجديدة في شأن "مشاركة واسعة، لا سيما للنساء، في العملية الانتقالية السياسية" وفي شأن "استقبال بعثة من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والتعاون مع لبنان".
وقالت خمسة مصادر إن الإدارة السورية الجديدة لم تقرر بعد موعداً لعقد مؤتمر الحوار الوطني التاريخي، الذي يهدف إلى جمع السوريين من مختلف الطوائف لرسم مسار جديد للأمة بعد سقوط عائلة الأسد.
وعقد هذا المؤتمر تعهد رئيس أعلنته المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام"، بعد السيطرة على دمشق في الثامن من ديسمبر 2024 في هجوم خاطف أجبر الرئيس المخلوع بشار الأسد على الفرار إلى روسيا لينتهي حكم عائلته الذي امتد لأكثر من 50 عاماً.
وأبدى أعضاء من جماعات المعارضة السياسية، التي سعت إلى مواجهة الأسد خلال حرب أهلية استمرت 13 عاماً، تحفظاتهم في شأن ما قالوا إنه افتقار إلى الشفافية في كيفية إعداد المؤتمر.
وشملت المصادر التي تحدثت لـ"رويترز" مسؤولين اثنين بوزارة الإعلام السورية وعضواً آخر في الإدارة السورية الجديدة ودبلوماسيين اثنين مطلعين على الجهود الجارية للتخطيط للمؤتمر.
وقالوا إن الدعوات الرسمية للمؤتمر لم تُرسل بعد على رغم أن السلطات تواصلت مع بعض الشخصيات بصورة غير رسمية.
كانت بعض المؤسسات الإعلامية السورية قد ذكرت في وقت سابق أن المؤتمر سيعقد يومي الرابع والخامس من هذا الشهر بهدف جمع نحو 1200 ممثل من مختلف الأطياف الدينية والعرقية والسياسية في سوريا.
كما عززت "هيئة تحرير الشام" منذ إطاحة الأسد مكانتها، وعينت حكومة لتصريف الأعمال مكلفة بإدارة الخدمات الأساسية حتى الأول من مارس المقبل.
لكن قوات المعارضة التي أصبحت تقود البلاد زادت مسؤوليتها في ظل محاولتها الحفاظ على الأمن وإدارة الخدمات الأساسية، في حين تقوم في الوقت نفسه باستقبال تدفق مستمر من الوفود الأجنبية ومحاولة تنظيم عملية الانتقال السياسي.
ووفقاً لمسؤولين، من المتوقع عقد الحوار الوطني قبل الأول من مارس لمعالجة قضايا منها تعليق البرلمان والدستور وبدء عملية صياغة دستور جديد.
وقال عدد من أعضاء جماعات المعارضة لـ"رويترز" أو صرحوا علناً خلال الأسبوع الماضي أنهم لم يتلقوا دعوات بعد.
وقال أحمد الشرع، القائد الفعلي لسوريا، إنه ستكون هناك عملية سياسية شاملة لصياغة الدستور قد تستغرق ما يصل إلى ثلاثة أعوام ثم إجراء انتخابات، التي قال إن إجراءها قد يستغرق أربعة أعوام.
وقال رئيس الحزب الليبرالي السوري وهو جماعة معارضة صغيرة بسام القوتلي "الإدارة الجديدة ما زالت مجموعة عسكرية فازت بالسلطة ولا تشعر بعد بالحاجة إلى تقاسم تلك السلطة". وأضاف "ربما سيتغير هذا، لا نعلم".
إلى ذلك استمرت حملة التمشيط في حمص وسط سوريا والتي بدأت منذ أيام بحثاً عن مجرمي حرب ومتورطين بجرائم، ومن وصفوا بفلول النظام السابق، ممن رفضوا تسليم سلاحهم ومراجعة مراكز التسوية.
فقد أفادت الأنباء بأن عملية التمشيط أسفرت عن اعتقال قادة أمنيين ومسؤولين في سجون النظام السابق.
وأضاف أن إدارة العمليات ضبطت أسلحة لعناصر النظام السابق في حمص وريفها.
فيما قالت إدارة العمليات العسكرية إنها تلاحق فلول النظام السابق وعناصر لحزب الله في حمص.
وفي وقت سابق، أعلنت إدارة العمليات أن الأجهزة الأمنية تواصل ملاحقة فلول للنظام السابق في حمص وريفها.
كما أضافت في بيان أنها ضبطت مستودعا للذخيرة في حي الزهراء بحمص.
فيما أسفرت عمليات التمشيط هذه عن توقيف نحو 150 شخصاً.
كما أطلقت قوات إدارة الأمن العام حملة أمنية واسعة في مدينة حلب، لملاحقة "فلول الأسد"، أسفرت عن اعتقال عدد من المتورطين بأعمال إجرامية.
وكانت وزارة الداخلية بالتعاون مع "إدارة العمليات العسكرية"، بدأت الأسبوع الماضي عملية تمشيط واسعة بأحياء مدينة حمص، فضلا عن ريف دمشق.
في حين ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان سابقا، أنه تم اعتقال مسؤولين عن مجزرة كرم الزيتون 2012 في حملة حمص.
يشار إلى أنه منذ تولي تلك الإدارة الجديدة (التي تضم هيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى فصائل مسلحة أخرى متحالفة معها) الأوضاع الأمنية في البلاد، إثر سقوط الأسد، سلم مئات الجنود والضباط في الجيش السوري أنفسهم من أجل تسوية أوضاعهم.
فيما لاحقت الفصائل بعض "رجالات الأسد" وضباطه الذين حملوا السلاح رافضين التسوية في بعض المناطق، واعتقلتهم من أجل تحويلهم لاحقا إلى القضاء وخضوعهم لمحاكمات عادلة.
وبينما فر عدد من المسؤولين والعسكريين والسياسيين إلى خارج البلاد خلال الفترة الماضية، خوفا من الملاحقة.