بيدرسون يدعو لانتخابات "حرة" بسوريا ومطالب أوروبية لإعادة النظر بالعقوبات
دمشق / عواصم / 14 أكتوبر / متابعات :
دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن من دمشق اليوم الأربعاء إلى تنظيم انتخابات "حرة وعادلة" بعد الفترة الانتقالية للحكومة السورية المؤقتة، في حين طالبت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية بإعادة النظر في العقوبات الأوروبية على بعض القطاعات لتسهيل إعادة الإعمار في سوريا.
وقال بيدرسون في حديث لصحفيين في دمشق "نرى الآن بداية جديدة لسوريا التي ستتبنى دستورا جديدا يضمن أن يكون بمثابة عقد اجتماعي جديد لجميع السوريين، وأننا سنشهد انتخابات حرة ونزيهة عندما يحين ذلك الوقت، بعد الفترة الانتقالية" بعد نحو 3 أشهر.
وكان الموفد الأممي زار سوريا والتقى القائد العام للإدارة السياسية الجديدة أحمد الشرع الذي تعهد بأن تكون سوريا الجديدة لجميع مكوناتها، كما وعد بدستور جديد وإجراء انتخابات.
واعتبر المبعوث الأممي في الوقت نفسه أن هناك "حاجة إلى مساعدة إنسانية فورية" لسوريا، تمهيدا "للتعافي الاقتصادي" وقال إنه يأمل أن يرى "بداية عملية تنهي العقوبات".
ونوه بيدرسون بأن "الصراع لم ينته بعد في سوريا وهناك بعض التحديات في مناطق أخرى" وقال إنه يأمل "بحلّ سياسي" مع الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق البلاد.
من جهتها، طالبت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية بإعادة النظر في العقوبات الأوروبية على بعض القطاعات لتسهيل إعادة الإعمار في سوريا، في حين دعا مجلس الأمن الدولي إلى تنفيذ عملية سياسية "جامعة ويقودها السوريون".
وفي كلمة لها أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، قالت فون دير لاين إن سوريا القديمة اختفت لكن سوريا الجديدة لم تولد بعد، معتبرة أن سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد كان تحريرا للسوريين.
وأضافت أن الفترة القادمة ستكون حاسمة لتشكيل سوريا الجديدة، وأن أوروبا ستلعب دورا في ذلك، مؤكدة أن هناك خطوات مشجعة من الإدارة الجديدة في سوريا، لكن هناك أسئلة لا تزال دون إجابات، على حد قولها.
كما قالت إن الاتحاد الأوروبي سيكثف اتصالاته المباشرة مع النظام الجديد وكافة الفصائل في سوريا، وإن من مصلحة الجميع حدوث انتقال سلمي يشمل الجميع في سوريا.
وأشارت إلى ضرورة إعادة النظر في عقوبات بعض القطاعات لتسهيل إعادة الإعمار في سوريا، مشددة على أن عودة اللاجئين يجب أن تكون طوعية دون إكراه، وأن الاتحاد الأوروبي مستعد للمشاركة في ترميم البنية التحتية في سوريا بشكل تدريجي.
بدورها قالت إيمي بوب، رئيسة المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، إن التعهدات التي سمعتها من الحكومة المؤقتة الجديدة في سوريا، خلال اجتماعات في دمشق، تبعث على طمأنتها، فيما تسعى البلاد إلى إعادة البناء، بعد أكثر من نصف قرن من الحكم، تحت حكم أسرة الأسد.
وأضافت بوب، في مقابلة هاتفية اليوم الأربعاء أن القادة الجدد في سوريا "يدركون أن المهمة التي تنتظرهم هائلة وأنهم يحتاجون إلى دعم المجتمع الدولي".
وتشير تقديرات المنظمة إلى أن حوالي 100 ألف شخص دخلوا سوريا، من دول مجاورة، منذ هروب الرئيس المخلوع بشار الأسد من البلاد في 8 ديسمبر.
وقالت رئيسة المنظمة الدولية للهجرة "إننا نشهد أيضا نزوح حوالي 85 ألف شخص إلى لبنان، عبر نقاط عبور حدودية ثابتة. إنه رقم تقريبي. هناك بالتأكيد أشخاص يعبرون بشكل غير رسمي، بالتالي لا يتم حسابهم".
وذكرت المنظمة أن بوب كانت واحدة من أوائل رؤساء الوكالة الأممية، التي تزور سوريا منذ الإطاحة بالأسد، والتقت مع أعضاء، لم يتم الكشف عنهم من الحكومة المؤقتة، أمس الثلاثاء بالإضافة إلى مسؤولين من الأمم المتحدة وجماعات مؤيدة.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الألمانية إن محادثات مبعوثها إلى سوريا شتيفان شنيك مع القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تناولت التحول السياسي في سوريا وحقوق الإنسان.
وفي فيديو له من قلب أحياء دمشق القديمة نشره عبر حسابه في منصة إكس، جدد شنيك دعم بلاده للعدالة والمصالحة والسلام في سوريا.
وفي السياق، دعا مجلس الأمن الدولي -في ختام جلسة حضرها بيدرسون- إلى تنفيذ عملية سياسية "جامعة ويقودها السوريون"، مشددا أيضا على وجوب تمكين الشعب السوري من "تحديد مستقبله".
وفي بيان صدر بإجماع أعضائه الـ15، من بينهم روسيا والولايات المتحدة، ناشد المجلس سوريا وجيرانها الامتناع عن أية أعمال من شأنها أن تقوّض الأمن الإقليمي.
وحث على تقديم دعم دولي إضافي لزيادة الدعم الإنساني للمدنيين المحتاجين في جميع أنحاء سوريا، كما أكد "أهمية منع تنظيم الدولة والجماعات الإرهابية الأخرى من إعادة تأسيس قدراتها في سوريا".
وفي السياق، قال منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة توم فليتشر إن العالم "خذل الشعب السوري لأكثر من عقد من الزمن"، ولكنه الآن لديه "فرصة تاريخية لتصحيح ذلك ودعمه على أمل مستقبل أكثر سلاما".
وفي إحاطة لمجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء عَبْر اتصال مرئي من سوريا، اعتبر فليتشر أن التطورات في سوريا تقدمت "بوتيرة دراماتيكية" خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، مؤكدا أن الأزمة الإنسانية لا تزال في "مستوى خطير".
وفي واشنطن، قال منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، إن بلاده تركز على العمل مع المجتمع الدولي وجماعات المعارضة في داخل سوريا للتأكد من الانتقال السلمي للسلطة.
وأضاف كيربي في لقاء مع شبكة "إم إس إن بي سي" أن من مصلحة الولايات المتحدة أن تصبح سوريا ذات سيادة وتتمتع بالأمن والاستقرار بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وفي الثامن من ديسمبر الجاري، سيطرت فصائل سورية تتقدمها هيئة تحرير الشام على العاصمة دمشق ومن قبلها على مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
إلى ذلك أفادت الأنباء بأن أول طائرة مدنية هبطت صباح اليوم الأربعاء في مطار حلب الدولي قادمة من مطار دمشق.
وكانت وزارة النقل في حكومة تصريف الأعمال قالت إن السلطات تعمل على تجهيز المطارات المدنية لاستقبال وإقلاع الطائرات، وإن العمل جار لتجهيز مطاري حلب ودمشق.
من جهته، قال وزير الإعلام بحكومة تصريف الأعمال السورية محمد العمر إن الإدارة السورية الجديدة تسعى لإعادة هيكلة مؤسسات الإعلام بما يوافق مع أهداف
الثورة. وأضاف أنها تعمل على أن تكون المؤسسات الإعلامية ملكا للشعب السوري.
وفي حين واصلت إسرائيل شن غارات على مواقع عسكرية سورية في عدة مناطق، أكدت الخارجية الروسية أن "علاقات الصداقة بين شعبي روسيا وسوريا ستستمر في التطور بشكل بناء".
في الأثناء، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن طهران ستعيد فتح سفارتها في دمشق بمجرد ضمان أمن السفارة وموظفيها، وأكدت أن وجودها في سوريا كان استشاريا وبطلب من الحكومة السورية، وأن خروجها منها كان مسؤولا.
وفي العاصمة دمشق أعلن عضو مجلس إدارة في الدفاع المدني السوري، عمار السلمو، اليوم الأربعاء، أن فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية في مخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب.
وكانت منطقة السيدة زينب الواقعة جنوب دمشق معقلاً لعناصر من حزب الله اللبناني، وغيره من المجموعات المدعومة من إيران، منذ 2012 الذين قالوا إنهم دخلوها للدفاع عن هذا المقام المقدّس بعد انطلاق الانتفاضة على الرئيس المخلوع، بشار الأسد.
ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية خلت المنطقة الآن تماماً من عناصر حزب الله وفصائل أخرى موالية لإيران، وحل مكانهم مسلحون محليون.
وقال السلمو من المكان الذي يقع قرب مقام السيدة زينب: «وصلنا بلاغ عن وجود جثث وهياكل عظمية وروائح كريهة في هذا المكان».
وبحسب السلمو فإن الأعداد الموجودة هنا لا تتجاوز 20 ضحية، لكن العظام منشورة في كل مكان، سنحاول تجميع هذه العظام ومعرفة الرقم التقديري.
وشاهد مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» في المكان مخزناً قرب مقام السيدة زينب مباشرة، وفي داخله غرفة خزّنت فيها أدوية تحتوي على براد صغير، عثر فيه على نحو عشر جثث، بالإضافة إلى جماجم وعظام مبعثرة على الأرض. كما تناثرت على الأرض كذلك علب لتخزين الطعام.
وقامت فرق الدفاع المدني برفع الجثث والعظام ووضعها في أكياس لتجميعها من أجل البدء بعملية التعرف عليها.
وأضاف السلمو أن «المكان مخصص ليكون مستودع أدوية لكن داخل المستودع يوجد براد، هذا البراد يحتوي على جثث متفسخة وهياكل عظمية يبدو أنها ماتت قبل سنتين أو سنة ونصف السنة، بشكل تقريبي».
وأوضح السلمو أن ثمة أرقاماً موجودة على تلك الأكياس التي كتب عليها (حلب - حريتان) لا ندري لمن تعود هذه الجثث، سنحاول معرفة أي تفاصيل تدلنا على هويتها».
وتابع أن «ما نستطيع أن نفعله الآن هو توثيق هذه الجثث لمعرفة أعمارها... وفيما بعد أخذ عينات لفحص الحمض النووي» لمعرفة هويتها.
وتعذر على «وكالة الصحافة الفرنسية» التأكد بشكل منفصل من سبب وجودها أو هوية أصحابها.
من جهته شدّد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوري، هادي البحرة، اليوم الأربعاء على أن الحكومة الانتقالية في سوريا يجب أن تكون ذات مصداقية، ولا تُقصي أي طرف أو تقوم على أساس طائفي»، مؤكداً أنه يتعيّن عدم استبعاد أي طرف سوري عند تشكيل حكومة انتقالية.
وأشار البحرة، خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول، إلى أنه لم يجتمع مع قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع؛ لكن هناك اتصالات مع أطراف مقرّبة منه وداخل الحكومة القائمة بالأعمال.
وأضاف البحرة «بعد كتابة دستور جديد، يتعيّن على الحكومة الانتقالية إجراء استفتاء عليه، بالإضافة إلى انتخابات حرة، ويتعيّن أن تشكّل سوريا مؤتمراً وطنياً وجمعية لكتابة دستور جديد».
وقال البحرة إن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سيعود إلى البلاد وينشئ مقراً هناك، مضيفاً أنه ينوي العودة أيضاً. وأوضح أنه ينبغي العمل على ترتيب الأمور اللوجيستية وضمان حرية التعبير.
وكان الائتلاف دعا في بيان قبل يومين إلى تنفيذ العملية الانتقالية «في أقصر وقت ممكن، مشدداً على أن ذلك من مصلحة الشعب السوري وقوى الثورة». وذكّر بالأطر الزمنية التي حددها القرار الأممي 2254 لهذه العملية، وهي تشكيل «حكومة انتقالية ذات مصداقية وغير طائفية» خلال 6 أشهر، وإجراء انتخابات «حرة ونزيهة» تحت إشراف أممي خلال 18 شهراً.
وعبَّر الائتلاف عن دعمه للحكومة المؤقتة التي شكّلها محمد البشير «وذلك لضرورة وجود سلطة تنفيذية مؤقتة تشغّل مؤسسات الدولة وتقدّم الخدمات للشعب حتى بداية مارس المقبل، كما ورد في بيان تشكيلها»، لكنه في الوقت نفسه ذكّر بأن مهام الحكومة الانتقالية في القرار الأممي هي تيسير انتخاب أو تشكيل جمعية تأسيسية لصياغة دستور سوريا الجديد، وتحقيق البيئة الآمنة والمحايدة لإجراء الانتخابات، والاستفتاء على الدستور من قِبَل الشعب، وتيسير انتخابات حرة ونزيهة، ليختار الشعب ممثليه في البرلمان ورئيس البلاد وفق ما سيحدده الدستور الجديد.
وبعبارات أوضح، شدد الائتلاف على أنه لا يمكن أن تتبع لجنة صياغة الدستور للسلطة التنفيذية الممسكة بزمام الحكم ومفاصله، وإنما تتبع للجمعية التأسيسية. ويكون صاحب القرار في قبول الدستور أو رفضه هو الشعب السوري عبر الاستفتاء العام».
وفرّ بشار الأسد من سوريا في 8 ديسمبر في أعقاب هجوم خاطف لفصائل المعارضة قادته هيئة تحرير الشام بعد أكثر من 13 عاماً من قمع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي أدت إلى اندلاع إحدى أكثر الحروب دموية في هذا القرن.