صادف امس ذكرى مرور عام على انتفاضة 7 اكتوبر 2023 المجيدة، الذي كان ولايزال زلزالاً غير مسبوق وغير متوقع، قضّ مضاجع العدو وحلفائه الذين ظنوا أن الفلسطيني استكان وهان وأن المسألة مسالة وقت لإعلان إسرائيل انتصارها الكامل بضم الضفة المحتلة ثم القيام بغزو عسكري شامل لغزة لتصفية القضية الفلسطينية بتطهير عرقي يريحها من الوجع الفلسطيني لنصف قرن على الأقل.
٧ اكتوبر قلبَ حسابات هؤلاء جميعاً ولذلك لم يكن وقوفهم الكامل، سلاحاً ومالاً وإعلاماً وسياسة ودبلوماسية إلّا تبريراً مضافاً إلى كل ذلك الغطاء المهلهل الباطل الذي لا أخلاق ولا مشروعية له؛ وهدفه نزع حقٍّ مشروع لشعب في مقاومة المحتل وهو “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس” الذي كان يمكن تقبله، تجاوزا، لو كان الانتقام الصهيوني قد اقتصر على عملية عدوانية واحدة وليس عاماً كاملاً من الدمار الشامل الذي مسَّ بالدمار مالا يقل عن 70 % من مباني غزة وقتل مايزيد عن 42000 شهيداً واكثر من 96000 مصاباً.
امتد طوفان الأقصى من غزة إلى جنوب لبنان وجبهات أخرى مساندة لم يكن يتوقعها العدو، واليوم يتحدث العالم عن احتمال حدوث حرب إقليمية لو كان من يقود العالم وضع مسافة بينه وبين سياسات الكيان التوسعية وضغط عليه وعاقبه لعدم تنفيذه قرارات الأمم المتحدة، وأولها قرارا التقسيم وحق العودة، لما شهدنا اعتداءات صهيونية متكررة. إن من المؤكد أن الكيان الصهيوني صُنع لكي يرتكب جرائمه لكي لا تستقر المنطقة ولا تقوم لها قائمة.
بدأ الاحتلال الاسرائيلي المجرم حرب إبادة جماعية بحقّ شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة وجنوب لبنان ناهيكم عن اعتداءاته المستمرة على سوريا لسحق إرادة المقاومة الصامدة.
سيسجل التاريخ في انصع صفحاته أن شعباً محتلاً محاصراً لا يكاد يروي عطشه صمد ل365 يوماً ضد أقوى جيش في المنطقة تسليحاً وتمويلاً ودعماً أمريكياً وبريطانياً.
وعربيا لسنا وحدنا من نشعر بالحزن والأسى للموقف الرسمي العربي والإسلامي المساند حتى بالمستطاع، والدولي الصامت إلّا من بيانات خجولة كما هو حال الموقفين الروسي والصيني؛ والمتواطئ كما هو حال مواقف معظم الدول الغربية الشريكة الكاملة في العدوان وفي استمرار الاحتلال..
نحن نؤكد أن قضية الشعب الفلسطيني هي ليست قضية اليوم بل هي قضية شعب يناضل منذ أكثر من 75 عاماً في وجه أحدث قوة احتلال واستيطان في عالمنا الحديث وصراعنا مع هذا العدو لن ينتهي الا بإنهاء الاحتلال ومحاسبته على كل الجرائم التي ارتكبها بحق شعوب المنطقة وحل قضية الشعب الفلسطيني بقيام دولته وعاصمتها القدس..
نحيي في هذه المناسبة شعوب العالم المحبة للسلام والتي استمرت الى اليوم برفع صوتها ضد حرب الابادة والمطالبة بوقفها ودعم نضال الشعب الفلسطيني ليتحصل على العدالة وحقه في تقرير مصيره..
ولا بد أيضاً من أن نحيي دولة جنوب افريقيا (مانديلا) التي أخذت على عاتقها المبادرة في رفع دعوى ضد نتنياهو وحكومته لمحاكمتهم كمجرمي حرب إبادة أمام المحكمة الجنائية الدولية، ونشعر بالاسف في الوقت الذي كان يجب أن تكون مثل هذه المبادرة صادرة بالإجماع من كل الدول العربية..
أما اليوم وبعد مرور عام على حرب الابادة التي يرتكبها جيش الاحتلال فإن عدوانه لم يتوقف على حدود غزة والضفة الغربية بل امتدت جرائمه لاستهداف لبنان بأعنف القنابل والصواريخ التي ألحقت أضراراً غير مسبوقة بحق هذا الشعب الآمن واستمر في تصعيده باغتيالات قادة المقاومة وصولاً لاغتيال الشهيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وبدأ بغزو لبنان واجتياحها برياً مما تسبب بسقوط مئات الضحايا من المدنيين ونزوح ما يزيد عن مليون ومئتي ألف لبناني من قراهم ومدنهم..
بل حتى إن عدوانه امتد ليشمل دولاً مثل سوريا والعراق… وكل هذا يحصل أمام مرأى الدول العربية والاسلامية دون أن يتحرك أحد لدعم ومناصرة بلداننا العربية في مواجهة هذا العدوان الذي تمادى في عدوانه وطغيانه..
ونؤكد ان اسرائيل وطموحاتها لن تتوقف على حدود فلسطين ولبنان بل ستمتد كما أكد نتنياهو اكثر من مرة الى دول الشرق الاوسط في حلمه ومشروعه لقيام اسرائيل الكبرى الممتدة من النيل الى الفرات..
لذلك فإننا في ظل هذه الظروف غير المسبوقة التي تمر بها منطقتنا العربية فإننا نناشد الجماهير العربية من المحيط الى الخليج ان تتحرك وأن يعلو صوتها للتضامن مع فلسطين ولبنان وسوريا والعراق ودعمهم في مقاومتهم ومواجهتهم للكيان المحتل لأنهم يشكلون خط الدفاع الاول عن الأمة العربية والاسلامية والمقدسات..
ولابد من أن يستقيظ ضمير العالم لوقف هذه الحرب والحد من اشتعال المنطقة بأكملها بسبب حرب نتنياهو!
ومن جانبنا فإننا نحيي صمود الشعب الفلسطيني واللبناني وتضحياتهم التي لا تقدر بثمن في وجه عدو مجرم، وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق.
المجد والخلود لشهداء المقاومة وكل ضحايا العدوان.