أثار قرار رفع الدعم عن المشتقات موجة غضب في الشارع اليمني يعود سببها الأول الى غياب التوعية الحكومية بهذا القرار ومترتباته .. فالشارع اليمني تعود أن يكون موضوع دعم المشتقات النفطية وجبة دسمة للمناكفات والمكايدات بين القوى السياسية في الحكم والمعارضة فيما سبق .. فمن كانوا بالامس يسمون تحرير المشتقات النفطية من الدعم بالاصلاحات السعرية باتوا اليوم يسمونها بالجرعة ، ومن كانوا بالأمس يسمونها بالجرعة القاتلة باتوا اليوم يسمونها بالدواء المر الذي لا بد منه .. وبين هؤلاء وهؤلاء كان الضحية المواطن الذي يتقبل هذا القرار بغضب شديد وهو محق في ذلك نظرا للحالة الاقتصادية التي عليها كثير من المواطنين البسطاء.
اليوم وقد تم رفع الدعم عن المشتقات النفطية ، لا يزال دور التوعية بهذا الإجراء غائبا من قبل الحكومة .. ولا يزال كثير من المواطنين يعتقدون أن دعم المشتقات النفطية هو خدمة للفقراء في حين أنه بدرجة رئيسية يصب في صالح الأغنياء وكبار النافذين من مستوردي المشتقات النفطية الذين تقوم الحكومة بدعمهم بأكثر من ثمانمئة مليار ريال سنويا مقابل فروقات السعر المحلي والسعر العالمي للمشتقات النفطية .
لطالما تم التحجج بأن دعم المشتقات النفطية هو سبب رئيسي لتهريبها الى دول القرن الافريقي ، نظرا للفارق بين سعرها المحلي وبين سعرها العالمي وبالتالي يكون في فائدة النافذين الذين يشترونه بسعر مدعوم محليا ويبيعونه بسعره العالمي خارجيا .. ورغم أن مكافحة التهريب لا ينبغي أن تتم على حساب المواطن البسيط إلا أن خطوة رفع الدعم إن كانت ستحد من تهريب المشتقات النفطية المدعومة نظرا لعدم استفادة المهربين من تهريبها بعد رفع الدعم عنها ، إلا أن هناك منفذاً آخر للتهريب فالمشتقات النفطية المخصصة للكهرباء لا تزال مدعومة بأكثر من مئتين وخمسين مليار ريال سنويا .. ولا يعني هذا الدعوة الى قصم ظهر المواطن البسيط بإجراء رفع جديد للدعم عن المشتقات المخصصة للكهرباء بقدر ما المطلوب إيجاد آليات رقابية حكومية تضمن وصول المشتقات النفطية المدعومة المخصصة للكهرباء كاملة الى مكانها الصحيح وعدم تهريبها حتى لا يرتفع مبلغ الدعم لها مستقبلا وتذهب الفائدة من رفع الدعم عن المشتقات المخصصة لاستهلاك المواطنين .
ثمة أمر آخر وهو المشتقات النفطية المخصصة لصالح القوات المسلحة والتي غالبا هي مشتقات مدعومة وخالية من إجراءات الرقابة والجرد ، وبدون إيجاد آليات ضبط لصرفها في مكانها الصحيح لن يستفيد المواطن والاقتصاد شيئا من قرار رفع الدعم عن المشتقات الاستهلاكية .
صحيح أن قرار رفع الدعم كان قراراً فرضه الواقعان المحلي والدولي على اعتبار أن المانح الدولي لا يمكن ان يقدم لك مبلغ اربعة مليارات دولار لكي تصرفه كاملا على دعم استهلاك المركبات للوقود ، فلدى المانح الدولي تصور بان مبلغاً كهذا يجب أن يوجه باتجاه البنية التحتية والاستثمار ودعم الاقتصاد الوطني .
اليوم وقد تم رفع الدعم عن المشتقات النفطية ، وبعد توضيح أن هذا الدعم كان يستفيد منه الاغنياء قبل الفقراء ينبغي أن يوجه الدعم المحرر بشكل مباشر الى المواطن البسيط إما عن طريق هيكل الأجور وتحسين مستوى معيشة المواطن أو عن طريق تعزيز البنى التحتية والبرامج الاستثمارية ، كما أن هذا الإجراء لن يجدي كثيرا في دعم الاقتصاد مالم تتخذ خطوات أخرى لتصحيح الاختلالات الاقتصادية وفي مقدمتها إلغاء مئات آلاف الوظائف الوهمية في القطاعين المدني والعسكري والموروثة من زمن طويل .
خواطر حول قرار رفع الدعم !!
أخبار متعلقة