يتخرج سنوياً مئات الكوادر من حملة البكالوريوس في مختلف الجامعات اليمنية وبتخصصات عديدة, أدبية وعلمية ناهيكم عن الخريجين المبتعثين للخارج وكذا خريجو الجامعات الخاصة والمعاهد العليا والمتوسطة وقد يصل مجموع هؤلاء سنوياً إلى الآلاف وكل هؤلاء ينتظرون الوظيفة الحكومية المناسبة لتخصصاتهم والتي من خلالها يستطيعون العيش داخل مجتمعهم ويعينون أسرهم أو يدخرون منها ما استطاعوا لتكوين حياتهم الخاصة.
غير أن ما تواجهه هذه الأعداد من الكوادر مأساة حقيقية وكابوس يومي لانعدام الوظيفة ولابد عليهم أن يرتموا على أسرهم التي انتظرت بفارغ الصبر لترى ابنها الشاب وقد أكمل دراسته الجامعية لا من أجل أن يعينها على مواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها معظم الأسر اليمنية ولكنها تنتظر على أمل أن يتمكن من إعالة نفسه وأن يعيش آمناً مستقراً بذاته كبقية أفراد المجتمع وأن يساهم في بناء وطنه.. أي ينطبق عليه (قانون التطور والحياة) داخل مجتمعه.. إلا أن ذلك لم يتحقق لمعظم هذه الفئة التي أصبحت واقفة في طابور انتظار الوظيفة الحكومية لسنوات طويلة بعضهم وضع شهادته الجامعية على حائط غرفة مهترئة في منزل متواضع وهناك من نسيها وحاول الحصول على عمل بالأجر الشهري أو القطعة أو عمل مؤقت من أجل مواجهة شظف العيش.
إلا أن الحقيقة أن هذا الطابور الطويل ذا الأعداد الكبيرة من الخريجين يعيشون وأسرهم وضعاً نفسياً سيئاً ولا يشعر بهذه المرارة إلا الذين يتجرعونها يومياً.
والمؤسف حقاً أن الكثير من الخريجين الذين لم يحصلوا على وظائف ممن يتجرعون كؤوس مرارة الواقع هم أكثر الكوادر الخريجة كفاءة وقدرة على العطاء وقادرون على إحداث طفرة في مجالات عملهم ولو أتيحت لبعضهم الفرصة ممكن أن يشار إليهم بالبنان مستقبلاً.
لقد بحُت الخناجر وتعالت الأصوات أمام جدار الصمت الذي لم يهز لهذه المشكلة المتفاقمة ولم يحرك طوبة واحدة. لأن الإحساس بالمسؤولية تجاه هؤلاء الشباب واتجاه الوطن ضعيف جداً ولأن الذين يعيشون في الغرف المغلقة والأبراج العاجية من الصعب أن يسمعوا نداء الاستغاثة من الخارج ولا يمكن أن يلامسوا الواقع ولا مدى معاناة هؤلاء الذين يكتوون من داخلهم ولا بمدى الحاجة للقمة العيش.
لقد أصبحت الوظيفة الحكومية تباع لمن يدفع أكثر وأخذت المحسوبية والمحاباة جزءاً منها. والحزبية والقبلية لهما حصة أخرى في الوظيفة.
إننا نناشد الحكومة أن تجد حلاً لما يحدث من مهازل في الوظيفة الحكومية التي تنتهك من قبل أساطين وجهابذة يعملون في السر والعلن وتأتي مآسيها على رقاب الخريجين المنتظرين للتوظيف.
كما أننا نأمل من الحكومة أن تضع حلولاً أيضاً للأعداد الكبيرة الملتحقة بالجامعات من خلال التخطيط السليم لحاجة البلد من التخصصات الذين يمكن أن تؤهلهم الجامعة لسوق العمل.. بدلاً من الأعداد المهولة التي أصبحت بدون عمل إضافة إلى إشراك القطاع الخاص والمختلط والشركات في توظيف هذه العمالة وفقاً للحاجة.
كابوس الوظيفة
أخبار متعلقة