سمعنا وقرأنا منذ طفولتنا عن حب الأوطان لدى شعوبها وتغنى بها الشعراء والأدباء والكتاب إلى درجة أن تحول الوطن في قاموس الأدب إلى أم ترعى أولادها وتحن عليهم وتحتضنهم وتحرص عليهم دون استثناء وتضحي بروحها فداء لهم إذا استشعرت خطراً يهدد حياتهم، تعمل كل ذلك دون مقابل أو أنتظار، رد جميل في الحاضر أو المستقبل هذا هو حجم التضحية الذي تقدمه.
وانطلاقاً من ذلك فإن هذا الوطن يقطن ربوعه ونجوعه ما يربو على عشرين مليون مواطن يمني تقريباً يأكلون من خيراته ويأوون في أحضانه ويستفيئون ظلاله أينما حلوا وأينما رحلوا، وينتمي إليه كل مواطن داخل الوطن وخارجه.
وإذا دعاك أحد كان وأنت خارج وطنك فإنه سيناديك باليمني (يا يمني) أي إن انتماءك إلى هذا الوطن، وإن ضاقت بك الدنيا وأنت في رحلة سفر طلباً للرزق أو للعلم، فإن ما تحن إليه هو الوطن الذي هجرته لهجرتك وتصبح أسيراً له في حلك وترحالك وإن أصابك رزءاً ستنشد هذا الوطن لأنك ستجد فيه الاستقرار والطمأنينة والهدوء وراحة البال مهما قست عليك الظروف.
ولذلك فاضت أحاسيس الشعراء وقرائح الأدباء وقد نظم الشعراء بما فاضت به قرائحهم عن أوطانهم بأصدق ما قالوه.. وكان الدكتور عبدالعزيز المقالح الأديب والشاعر والناقد والكاتب من ضمن تلك الكوكبة اليمانية إن لم يكن في مقدمتهم من صاغ أصدق تعبير عن وطنه، ومما قاله:
وطن النهار ومعبد الزمن أنا عائد لأراك يا وطني
صنعاء تدعوني مواسمها وعواصف الأشواق تعصرني
إلى أن يقول
ومتى أقبل تربة نزحت وأخيط من أشجارها كفني
عادت طيور الأرض صادحة فمتى يعود الطائر اليمني
بينما يقول أحد الشعراء المفوهين:
وطني آليت ألا أبيعه وألا أرى غيري له الدهر مالكاً
أما آن الأوان أن نعمر هذا الوطن الذي أعطانا الكثير ويبيعه بعضنا رخيصاً.. لقد حان الوقت أن تكون مخرجات الحوار الوطني خارطة طريق مستقبل اليمن وأن نرفع شعار “يد تبني وأخرى تدافع”.
ينبغي جميعاً أن ننبذ لغة العنف وأن نضع السلاح في خانة الدفاع عن الوطن ومكتسباته وإنجازاته، أن نضع مصلحة الوطن وتقدمه نصب أعيننا وننسى مصالحنا القبلية والحزبية التي سادت معظم أجهزة الدولة وتنامى معها الفساد، وأصبحت الوظيفة العامة مرتبطة بالوجاهة والمحسوبية وغابت معايير الكفاءة وأصبح لدينا طابور طويل من الكفاءات يعمل في سوق النخاسة وطابور طويل من غير الكفاءات يعمل على عرقلة الوطن وتقدمه،وطابور آخر لا دين له ولا وطن يعمل على تدمير كل منجز، يحمل معول الهدم والتدمير للبنية التحتية والبنية الاجتماعية للوطن في محاولة يائسة لعرقلة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الذي وافقت ووقعت عليه كل الأطراف بمباركة وطنية وعربية ودولية وأكد قرار مجلس الأمن الدولي على حفظ أمن واستقرار ووحدة اليمن بما تضمنه من ضمانات رادعة لكل من يحاول زعزعة أمن اليمن وسكينتها العامة وسلامة المواطنين.
وما من شك في عظمة ما بذله الرئيس التوافقي منصور من جهد مضن لاحتواء المواقف المتشنجة منذ بدء الحوار وحتى انتهائه بنجاح محاولاً إجتثات ما هو فاسد ومحاربة الاختلالات وإصلاحها في أكثر من جبهة.
إننا اليوم مدعوون أن نقف صفاً واحداً لمساندة قيادتنا وقائدنا لتطبيق مخرجات الحوار الوطني وأن نستعد بالعمل الجاد وبرضا تام لتطبيق النظام الفيدرالي بعد إقرار الدستور حتى نتمكن من النهوض بوطننا واقتصاده إلى آفاق أوسع.
لنعمل جميعاً من أجل الوطن
أخبار متعلقة