لقد حتلت كلمة عدن منذ البدء صفة الخلود والإقامة و الاستقرار فعدن .. مدينة حضرية ومركز إشعاع وجذب تجاري وفكري وسياسي وثقافي وقد عرفت مدينة عدن التاريخية ( كريتر) منذ القدم كميناء هام لعب دورا بارزاً في ازدهار النشاط التجاري وفي تلاقح الثقافات بين الشعوب، أهلها للقيام بهذا الدور الحضاري موقعها الجغرافي والمتميز كمركز يتوسط موقع إنتاج سلع العالم القديم كالبخور واللبان ومواقع استهلاكه ، وهو الدور الذي ازداد مكانة اليوم لامتلاك عدن إلى جانب موقعها الجغرافي الهام مرسى دولياً نادراً تتوفر فيه عوامل الأمان والسعة والعمق.
ونحن اليوم على أعتاب وضع لبنات لبناء دولة مدنية حديثة قائمة على دولة اتحادية مكونة من عدة أقاليم أحد هذه الأقاليم إقليم عدن الاقتصادي وإعطائه ميزة وخصوصية ليست لبقية الأقاليم الأخرى وهذا لن يتحقق إلا بالبدء في وضع اللبنات الأولى للبناء التنموي لهذه المدينة وبقية الولايات المكونة لهذا الإقليم كولايات ابين والضالع ولحج ، إن مؤهلات ومميزات عدن الاقتصادية وما تحتله من مكانة اقتصادية كبيرة على مستوى العالم تؤهلها لأن تكون إقليماً اقتصاديا عالمياً قادراً على المنافسة لما تتميز به من ميناء ومطار وموقع استراتيجي في المنطقة ومعالم سياحية وشواطئ ومنتجعات.
إن منح عدن خصوصية كإقليم اقتصادي من شأنه أن يجنبها التجاذبات السياسية بعد أن أسهمت محطات صراعات الماضي في تحويلها إلى مسرح مفتوح للصراعات التي أثرت سلباً على مكانتها الاقتصادية وبنيتها التحتية واعتماد عدن كإقليم اقتصادي مستقل يمكنه من استعادة دورة وإرثه الحقيقي التاريخي كموقع اقتصادي عالمي واستراتيجي لأنه يتوسط الشرق والغرب وقربه من المياه الدولية التي تمر فيها ناقلات النفط وعمق مينائها الذي يستطيع استقبال أكبر السفن في العالم والمطار والمصافي في ميناء النفط وبنيتها التحتية كل هذه المنظومة تؤهلها لتصبح الإقليم الاقتصادي المتميز عالمياً خاصة ان التجربة العالمية قد أثبتت بأن الدولة الاتحادية أكثر قدرة على النمو والازدهار السياسي والاقتصادي والاجتماعي كما أنها أكثر قدرة على مواجهة الصعاب مقارنة بالدولة البسيطة.
يقول أحد أساتذة الاقتصاد في بلادنا إنه في حالة فشل الدولة الاتحادية فإن الهيكل الفيدرالي يضمن عدم تشرد السكان وتخفيض التكلفة الاقتصادية والاجتماعية إلى حد أكبر على عكس الحال في الدولة البسيطة التي تنتهي معظم حالات فشلها إلى حروب أهلية تستمر طويلاً يعاني فيها السكان من ويلات الجوع والتشرد والإذلال.
بقي ان نذكر أو نعرج على الأهمية الاقتصادية للولايات المكملة لإقليم عدن الاقتصادي نبدأ بولاية أبين التي تعد الزراعة والاصطياد السمكي النشاط الرئيسي لسكان المحافظة أو الولاية خاصة زراعة القطن طويل التيلة ذي الجودة العالية وزارعة الخضروات والفواكه بالإضافة إلى النخيل وهناك الثروة الحيوانية والمناطق ذات الجذب السياحي كالمتاحف والمناطق السياحية الطبيعية والعلاجية والشواطئ.
أما محافظة أو ولاية لحج فتتميز بالزراعة التي تعد النشاط الرئيسي لسكان الحوطة عاصمة المحافظة وأهم المزروعات الخضار والأعلاف وهناك بعض الأنشطة التجارية الأخرى وتضم أراضي محافظة لحج بعض المعادن الطينية التي تستخدم في صناعة الأسمنت والطوب الحراري وهناك تربية نحل وتربية طيور وتوجد في المحافظة مناطق سياحية وآثارية كالمزارات والحمامات الطبيعية والأسواق الشعبية الأسبوعية والمتاحف وتوجد أيضاً في هذه المحافظة صناعات تقليدية وصناعة الحصير وأنواع الحلويات اللحجية المشهورة وصناعة الأحزمة وقوارب صيد الأسماك أما محافظة الضالع فهي متميزة أيضاً بالزارعة كالبن وتضم أراضي ولاية الضالع بعض المعادن من أهمها معدن التلك المستخدم في صناعة الورق والطلاء ومستحضرات التجميل ومبيدات الحشرات وفيها معالم سياحية كحمام دمت ومن المدن الأثرية فيها مدينة جبن المشهورة بقلعتها ومدرستها المنصورية التاريخية وتضاريس المحافظة متنوعة وتتميز بمناخ معتدل وفيها أسواق شعبية مثل سوق الخميس والصناعات الحرفية كالمشاغل اليدوية كالمنسوجات التقليدية ومواد الصبغة للمعاوز والملابس وهناك صناعة الزجاج المزخرف وادوات الزينة كالورس والهرد ومساحيق تجميل النساء وماء الورد وكل هذه الحركة التنموية والاقتصادية في الولايات الثلاث أبين ولحج الضالع تكتمل وترفد ما ذكرناه عن عدن عاصمة الإقليم الاقتصادي للوطن والعالم وستتنافس بإذن الله في المستقبل من أجل سعادة ورفاهية واستقرار وأمن أهالي هذا الإقليم بل أهالي الوطن ككل والعالم.
عدن الإقليم الاقتصادي للعالم والوطن
أخبار متعلقة