في زمن الظلام والإظلام الذي نعيشه ونتجرع مرارته, خاصة هذه الأيام بسبب كهرباء (لصي طفي) في صيف عدن القائظ واشتداد حرّه الذي لا يرحم.. لفت انتباهي دعاءٌ مكتوب رأيته, مساء أمس, بعد صلاة المغرب على مؤخرة سيارة أجرة (تاكسي), أثناء سيري في جولة مصنع الغزل والنسيج بالمنصورة فيما كانت السيارة واقفة, يقول نصه: «يا رب أرَوِّح والكهرباء لاصي»..
وقد التقطت صورةً لهذا الدعاء اللافت المكتوب بخط جميل فيما كان السائق حينها منشغلاً بمعالجة خلل ما في ماكينة سيارته والعرق يتصبب من جبينه بغزارة, دون أن يلحظ أو ينتبه لما قمت به لانهماكه فيما يقوم به من عمل.
وأدركت, وأنا ألحَظ العرق يتصبب من جبينه صَبَّا, مدى صدق هذا الدعاء المُعبِّر, النابع من قلب المعاناة التي يعانيها هذا السائق يوميا في هذا المناخ الحار, وهو يطلب الله متجولاً بسيارته مُنذُ الصباح الباكر ليظفر بتوفير لقمة عيش نظيفة له ولأسرته في سيارة لا تكييف فيها, كما هو حال معظم سيارات الأجرة (التاكسي).
ولهذا كان أفضل دعاء يتوجه به من صميم قلبه إلى الله أن يعود إلى بيته فيجد مصابيح النور مضاءة والمروحة الكهربائية تدور في سقف المنزل دون توقف علَّها تخفف قليلاً من الحر الشديد, وتجفف قطرات العرق المتصببة, كي يخلد للراحة بعد عناء يوم كامل وينعم بسهرة ممتعة ثم نومة هانئة هادئة مع أفراد أسرته دون أن تنغّص أو تكدّر صفو عيشهم هذه الانقطاعات الكهربائية المتكررة.
وهو دعاء يشاطره فيه كل من يعانون معاناته من المواطنين البسطاء ممن لا يملكون (مواطير) كهربائية خاصة, وما أكثرهم في عدن..
أما دعوات المظلومين التي تصب جام غضبها ضد المتسببين بانقطاع الكهرباء وضد القائمين على البلاد والعباد ممن لا يحسون بمعاناة المواطنين لامتلاكهم محطات كهربائية خاصة بهم وراء أسوار بروجهم المُشَيَّدة, فكثيرة لا تحصى تتدافع من هنا وهناك مع كل إطفاء للكهرباء.
ومعها دعوات حَرَّى للفكاك من هذا الوضع البائس الذي لا أمل يلوح في نفقه المظلم...وأي أمل في دولة رخوة, لا تستطيع أن تحمي أبراج الكهرباء!!!. وتقوم فقط بحماية الفاسدين والمتنفذين ممن يتحكمون بثروات البلاد, خشية أن ينالهم غضب العباد, ومتناسين بِئسَ المِهَاد الذي ينتظرهم من رب الأرباب في يوم المعاد.
ولمَّا كان الشّيءُ بالشيء يُذكر فقد عادت بي الذاكرة إلى أبيات صنفتها قبل أعوام في غمرة مثل هذه المعاناة شبه المزمنة مع كهرباء (لصي ..طفِّي), قلت فيها:
يقول بدَّاع القوافي
هاتوا لنا الأخبار صافي
الصيف حَرّ والجو كاوي
والكهرباء لاصي وطافِي
وقيمة التيار غالي
وراتبي ما عاد كافي
والكل يتعجَّب ويسأل
هل يا ترى من حل شافي؟
ويا رب تعودون جميعا إلى بيوتكم والكهرباء لاصي.. ما لم فلا تنسوا دعواتكم على المتسببين لأن دعوة المظلوم مجابة, مصداقاً لِمَا جاء في الحديث الشريف «اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ»..
أفضل دعاء ..في زمن الظلام!
أخبار متعلقة