عجلة التغيير تمضي قدماً الى الامام، باتجاه تجاوز الوطن وابنائه للماضي والوصول الى شاطئ الامان و بناء يمن جديد متجاور ً كل مساوئ ومفاسد خمسة عقود، كنا خلال سنواتها نخطو خطوة الى الامام لنعود بعدها خطوتين الى الخلف، وهذا هو الحال منذ قيام ثورتي سبتمبر واكتوبر، مروراً بدولة الوحدة وحتى انطلاقة مسيرة التغيير من الجنوب في عام 2007م وتحولها الى ثورة شعبية شبابية سلمية في الـ 11 من فبراير 2011م، والتي انبثقت منها تسوية سياسية تجسدت في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، ادت محصلة تطبيقها الى انتقال سلمي للسلطة، تجلت في تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وانتخاب الاخ المناضل عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية، من غالبية ابناء شعبنا في 21 فبراير 2012م، والتي سرعت من حركة عربة التغيير الى الامام بالعديد من القرارات، اهمها تشكيل اللجنة العسكرية العليا للامن والاستقرار، وقرار توحيد وهيكلة المؤسسة الدفاعية والامنية، والمواجهة المنتصرة على الارهاب في محافظتي أبين وشبوة، وتشكيل اللجنة الفنية للحوار الوطني، وقرار يوم تدشينه وتحديد رئاسته وممثلي القوى السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية ومنظمات المجتمع المدني والمرأة، في يوم الـ 18 من مارس 2013م، ليشكل الانتقالة المحورية والمفصلية، ليس فقط بالنسبة للتسوية السياسية ولكن ايضاً لحاضر ومستقبل الوطن ووحدته وامنه واستقراره، ولعملية نهوضه وتطوره وازدهاره.
وهكذا بتدشين مؤتمر الحوار الوطني الشامل يكون اليمنيون قد دخلوا فترة تاريخية غير مسبوقة في طبيعة مهامها وواجباتها، التي تقع مسؤولية انجاز واجباتها على المشاركين في هذا المؤتمر الذين هم يمثلون المجتمع اليمني بكل فئاته وتياراته واتجاهاته والوان اطيافه السياسية والحزبية والمجتمعية، وهذا يتطلب منهم جميعاً التخلي عن انانية المصالح الضيقة والمشاريع الصغيرة والنزعات المناطقية والقبلية والطائفية والمذهبية والايديولوجيات المتطرفة، وكلها لم يجد منها شعبنا سوى الصراعات والحروب والدمار والخراب والازمات، الناتجة عن الفساد والظلم والاقصاء والتهميش، وكل ذلك اضاع واهدر الكثير من فرص بناء الدولة المدنية التي طالما تطلع اليمنيون الى انشائها طوال تاريخهم المعاصر، والحوار يمنحهم فرصة جديدة واخيرة لتحقيق هذه الغاية وعلى المتحاورين الحرص على عدم تضييعها من خلال ادراك مسؤولياتهم الوطنية التي تستدعي فهماً عميقاً لتعقيدات التحديات والمخاطر التي يجابهها اليمن، وهذا يفترض استعداد المشاركين في مؤتمر الحوار لتقديم التنازلات بغية الوصول الى قواسم مشتركة، حول القضايا الاساسية والرئيسية وحلها اعتماداً على وعي منبثق من رؤى وتصورات تلم بمضامينها وتحيط بابعادها، وهذا لا تحققه الا قناعة راسخة بضرورة القبول بالآخر والتعاطي معه بعقليات منفتحة تسعى الى التوافق والاتفاق في تلك القضايا التي تمكننا من وضع مسارات الحوار باتجاه الوصول الى طريق بناء دولة مدنية ديمقراطية مؤسسية عادلة، تحقق تطلعات اليمنيين بالحكم الرشيد الذي لا يوجد فيه ظالم او مظلوم، فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات، يحتكمون دون استثناء للنظام والقانون، الذي يجعل من النظام السياسي تعبيراً حقيقياً عن ارادة اليمنيين في قيام دولة المواطن ودولة اهل الحل والعقد او عصابة من المتنفذين الذين هم جميعاً اوصلونا الى ما وصلنا اليه، ومن هنا فان على المتحاورين ان يعكسوا تطلعات الشعب في غد مشرق ينعم فيه اليمنيون بالحرية والكرامة والامن والامان والعيش الكريم.
مدير أمن محافظة أبين
الحوار والمتحاورون ومسؤولية بناء الدولة
أخبار متعلقة