ليس معنا في اليمن الا الشباب كركيزة مهمة نعول عليها للارتقاء بواقعنا نحو الأفضل، فهم أمل الحاضر ومستقبل الغد المشرق، ولكن هذا الأمل وذلك الإشراق ينبغي أن تتعهده الحكومة بالرعاية والاهتمام، كي تقطف البلاد ثمرة جهدهم وإبداعاتهم مستقبلا.
إن صدق الخبر فهي صاعقة على رؤوس المبدعين، ووأداً لمواهبهم، فتصوروا معي أن وزارة الخدمة المدنية تقوم بتوزيع الفائزين بجوائز رئيس الجمهورية للشباب على وزارة الشباب والرياضة، أو الامانة العامة للجائزة، فبعد طول انتظار للوظيفة من قبل مواهب في شتى الفنون، يتحولون الى موظفين عاديين في الوزارة أو الأمانة.
الحافظ والقاص والشاعر والتشكيلي والفنان والمخترع وغيرهم من الفائزين الذين حصدوا الجائزة على مستوى الجمهورية، يكافؤون بأن يقعدوا خلف مكاتب، ليتحولوا كغيرهم إلى مجرد كمالة عدد، في عمل لا يفقهون فيه شيئاً.
ألم يكن مناسباً في المقام الأول أن يتم اعتماد منح دراسية لهم كل في مجاله، وإذا تعذر هذا الامر مع استغرابنا لحصوله في ظل منح شتى لمن ليسوا افضل منهم في شيء، سوى أن لهم من الوساطة ما جعلهم يجولون ويرتحلون في بلدان العالم.
بهذه الطريقة تكون وزارة الخدمة المدنية قد حكمت على ابداعات هؤلاء بالموت، وسوت بينهم وبين البطالة المقنعة، بل هي بفعلها هذا حولتهم إلـى بطالة مقنعة، قانعة بمصيرها، ويرحم الله ابتكاراتهم واختراعاتهم، ويكفي أن تظل حبيسة في مقر جوائز الرئيس ودواليبها، فيما هم سيلقون نفس المصير في وزارة الشباب والرياضة.
الاخ معمر الارياني وزير الشباب والرياضة بالتأكيد لا يرضيه هذا، وسيعمل كل شيء من أجل أن يتم توزيع الفائزين كل في الموقع الذي يساعده على تنمية وصقل موهبته، فالوزارة والأمانة العامة للجائزة أحسنت صنعاً حين استطاعت أن تدرج بند التوظيف للفائزين -مع أن المنح كانت اكثر فائدة- وهي اليوم مطالبة بالدفاع عن هذه الكوكبة من الفائزين.
أثناء استقبال الاخ وزير الشباب للابطال في لعبة الكونغ فو الذين تألقوا في البطولة التي استضافتها الصين خلال هذا الشهر، وعلى اثرها بعث السفير الصيني بصنعاء رسالة شكر وتقدير واعجاب - تلاها الاخ الوزير علينا- بينت تلك الرسالة كيف ان الآخرين معجبون بلاعبينا ونجوميتهم، فيما نحن لا نعيرهم الاهتمام اللازم، وصدق الارياني حين اكد ان جميع الدول تشجع لاعبيها ومبدعيها، فيما نحن نساهم في طمس نجوميتهم.
من هنا نتمنى على الاخ الوزير الاتفاق مع الاخ نبيل شمسان وزير الخدمة المدنية على استيعاب مبدعينا في جوائز رئيس الجمهورية للشباب في المواقع التي تسهم في ابراز وصقل مواهبهم، ونحن نرتكز هنا على اهتمام وزير الشباب في هذا الجانب كونها احدى واجباته الاساسية.
فإذا لم يكن مآل مبدعينا الصقل والتطوير، فكيف نريد منهم رفع قدراتهم، بل كيف نريد من غيرهم أن يسلكوا نفس الطريق، وهم يرون مشروع البناء الابداعي يهدم بمعول التوزيع العشوائي.. ليس من العدل أن تساهم الدولة في قتل الإبداع، بل هو الجور بعينه، ولأجل هذا خرج الشباب مطالبين بالتغيير، فما بالنا بالنخبة منهم، ألا وهم الفائزون بجوائز رئيس الجمهورية للشباب.
اشعر وأنا اتناول الموضوع بالحسرة التي انتابتهم، واجزم أنهم الآن يقارنون لو أنهم كانوا مواطنين في بلد آخر وفازوا بجائزة رئيس ذلك البلد، والأكيد أن الحال سيكون غير حالهم الآن، فمن ينظر لهم بقدر ما يستحقون، وبقدر ما يستحق الوطن منهم، فعقولهم لم تخلق لتجلس فوق كرسي تمسح التراب من على جنباته بقية العمر.
نرجو من الاخ نبيل شمسان وزير الخدمة المدنية أن يعيد توزيعهم، وفق الفنون والمعارف والعلوم التي ابدعوا فيها، والتي لولاها لما وصلت اسماؤهم اليه لتوظيفهم.. فإخواننا وأخواتنا من الفائزين والفائزات يستحقون أن نواصل تكريمهم، ليواصلوا مشوار النجاح، لا أن نقبرهم ونقرأ الفاتحة على مواهبهم، فالحسرة إن تولدت في نفوس الموهوبين فلن تقوم لهم في درب الابداع قائمة.
كما نتمنى من دولة الاستاذ محمد سالم با سندوة -رئيس مجلس الوزراء- سرعة الالتفات لهؤلاء وغيرهم من فئة الشباب والرياضيين، فهم يعولون على حكومة الوفاق استيعابهم، لما فيه خدمة الوطن، ونلفت عنايته بأن شباب الوطن من اندية الدرجة الاولى معلقون مشاركتهم في دوري كرة القدم، الا بعد الالتقاء به وطرح مشاكلهم المالية عليه، فالرياضة وانشطة الشباب لم تعد ترفا ولا مضيعة للوقت، بل اصبحت وسيلة لابراز الدول والتعريف بها، فبطل واحد يغني عن طاقم كبير في سفارة لنا لا تقدم للوطن شيئاً.
الحكومة ينبغي أن تأخذ على عاتقها هؤلاء الشباب، كونهم الذين اوصلوها للسلطة-على حد تعبير الامين العام للامم المتحدة بان كي مون- الذي اكد ان الحكومة الحالية والتغيير الذي حصل ما كان له ان يتم لولا مطالبتهم بالتغيير.. انها صرخة الشباب في جميع الميادين لحكومة الوفاق الوطني، فهل تصل الى مسامع الحكومة؟.
أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
وأد المواهب
أخبار متعلقة