لا سامح الله من كان وراء بث سموم العداوة والبغضاء والشعور بالحقد والكراهية والشقاق بين أبناء الوطن الواحد بسبب الأخطاء والسلبيات وسياسة التجاهل والتهميش والتطفيش وعدم الاكتراث بأغلب أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية ومالحق بهم من حيف وظلم وجور خاصة بعد الحرب المشئومة في (94) مما ولد لديهم نوعاً من الإحباط واليأس وتراكمت الاحتقانات والكراهية للوحدة ولكل أخ لهم قدم إلى الجنوب من جهة الشمال لدرجة أن تسمع البعض منهم يتحدث بنبرة عنصرية وكأن المولود في جنوب الوطن هو عنصر آخر غير العنصر اليمني المولود في شمال الوطن وكأننا هنا أمام مقارنة بين جنوبي ويمني مثلما نقارن بين عربي وكردي وأمازيغي أو بربري، فمن هو المتسبب في ذلك ومن الذي أوصل الناس هنا في المحافظات الجنوبية والشرقية إلى هذا الشعور والإحساس بهذه المشاعر السلبية تجاه إخوانهم في شمال الوطن؟.
إنه النظام السابق الذي لم يلتزم بتطبيق وتنفيذ الأهداف والمبادئ والقيم التي قامت على أساسها الوحدة ولو تم تطبيق تلك المبادئ لما حدثت الحرب المشئومة ولما وصل الناس في جنوب الوطن إلى المطالبة بالانفصال أوفك الارتباط.. ولولا سياسة عدم الاكتراث هذه لما ظهرت حركة الاحتجاجات السلمية في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية تطالب بحقوق مشروعة ولولا الاستهتار بتلك المطالب لما رفعوا سقفها إلى المطالبة بحق تقرير المصير واستعادة الدولة والحرية والاستقلال وفك الارتباط بالوحدة التي كفروا بها وكانت في السابق من أهم أهدافهم ومبادئهم ونظامهم السابق الذي طلب أن تكون وحدة اندماجية بشهادة المهندس أبوبكر العطاس .. والعجيب والغريب أن بعض المتشددين منهم يهددون ويتوعدون أي أخ لهم من الشمال بعد استعادة دولتهم والحصول على استقلالها . ونحن نتساءل : من الذي أوصل الناس في جنوب الوطن إلى هذا التفكير وإلى حمل كل هذه الكراهية تجاه إخوة لهم في شمال الوطن ..؟!
أليس هو النظام السابق وأخطاء سياسته المفرقة لا الموحدة؟ لقد شاهدنا ماحدث من هجمة شرسة على جنوب الوطن أرضاً وإنساناً بعد الحرب المشئومة (94) وكيف كان الزهو بنشوة النصر وإذلال المهزومين وهم إخوة للمنتصر فكانت النتيجة هذه الأحقاد المتراكمة وهذه الكراهية التي لايمحوها إلا رد الاعتبار والحقوق المسلوبة والعدل والإنصاف، لكن البعض هنا في جنوب الوطن يبدو أنهم قد نسوا أو تناسوا بأن الشعب قد ثار على النظام وبدأت مرحلة انتقالية توافقية جديدة ينبغي مواكبتها وتتطلب توحيد الجهود وتوفير الطاقات من اجل المساهمة في وضع أسس ولبنات اليمن الجديد بالتكاتف والتعاون والتآلف والمصالحة والمسامحة والبذل والعطاء بدلاً من لغة الكراهية والحقد والشقاق والافتراق والدعوة إلى تفتيت الوطن وتمزيقه في زمن التكتلات الاقتصادية العالمية الكبرى بعد أن جرب وطننا اليمني الكبير التشطير وتجرع الحروب نتيجة هذه التجزئة التي راح ضحيتها العشرات بل المئات من أبناء الوطن شمالاً وجنوباً، لذلك فإن مشاعر العداء والكراهية من قبل بعض أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية تجاه إخوانهم في المحافظات الشمالية وكفرهم بالوحدة ماهي إلا سحابة صيف عابرة بين قلة قليلة من أبناء جنوب الوطن من الذين تأخذهم الحماسة الزائدة والمفرطة والتعصب العاطفي الشوفيني لمنطقتهم الضيقة داخل الجمهورية اليمنية العريضة والواسعة التي تتسع للجميع وكن يبدو أن هذه القلة القليلة لم تقرأ تاريخ بلدها العريق أو أن هناك من قد غرر بها مستغلاً الظرف الطارئ الذي مر به أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية من احتقان وتذمر ومرارة تجاه الوحدة والنظام السابق وتجاه أي شخص يأتي إلى جنوب الوطن من شماله، ونتمناه ونأمله أن تسير الأمور سيراً حسناً وتتقاطر كل أطياف العمل السياسي في بلادنا وكل منظمات المجتمع المدني إلى طاولة الحوار الوطني الشامل الذي ليس لليمنيين في شمال الوطن وجنوبه خيار غيره باعتباره الوسيلة الحضارية المثلى لمعالجة أي قضايا أو صراعات بين الشعوب والأمم ومن باب أولى أن يقبل الناس عليه هنا وينتهجوه بحكم أنهم في وطن واحد وإخوة وتربطهم وشائج قربى عميقة وأصيلة وتاريخ عريق.
وهذا الحوار سيخرج بنتائج وقرارات تاريخيه مهمة ستنقل اليمن إلى عهد جديد مزدهر ومتقدم بإذن الله وعندها سيتناسى الناس المآسي والأحقاد وكل إشكال الكراهية والسخرية والاستهزاء والنظرة العنصرية لبعضهم البعض خاصة بعد أن تسود بينهم المساواة والعدالة والحرية ويختفي الظلم والجور والتسلط فليعلم الجميع أننا أبناء اليوم والغد معاً وأن الماضي الذي ولى لن يعود والبلاد في الوقت الراهن تمر بمرحلة وفاق واتفاق فما على الإخوة في شمال الوطن وجنوبه إلا تناسي أحقادهم وأن تصفوا نفوسهم وتتآلف قلوبهم لأن قوة اليمنيين جميعاً في توادهم وتعاونهم وتراحمهم وتكاتفهم وترابطهم وتعاضدهم حتى يتماسك جسد الوطن اليمني الكبير والجديد وتشرق أمجاد اليمن السعيد.. من جديد بفضل العزيز الحميد وبحكمة وعزيمة وإرادة وحنكة أبناء اليمن الشرفاء والمخلصين الصناديد.
في زمن الوفاق .. لا مكان للكراهية والشقاق
أخبار متعلقة