في لقائه مع رئاسة وأعضاء مجلس النواب ألقى الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية كلمة مؤثرة شخص فيها المشهد اليمني بدقة وكأنك تراه أمامك بالعين المجردة وذكر فيها عدة مضامين هامة سنحاول في مقالتنا هذه المقتضبة قراءة ما وراء تلك المضامين التي احتوتها كلمة الأخ الرئيس ولكن من باب القراءة المغايرة أو ما يسمى في اللغة بمفهوم المخالفة أو ما وراء السطور أو المسكوت عنه لنكشف للقارئ اللبيب عن الدافع الذي جعل الأخ الرئيس يوجه تلك الكلمة لأعضاء السلطة التشريعية في البلاد وفي هذه اللحظة الحرجة التي تمر بها بلادنا في الوقت الراهن.
في البداية يفهم من كلمة الأخ الرئيس بأنه تولى زمام الأمور و الدولة اليمنية والحكومة شبه معدومة لا نقول مفككة أو مشلولة بل غائبة أو غير موجودة وقد ذكر ذلك الأخ الرئيس وأشار إليه وفهم من كلامه أيضاً بأن الأوضاع حينها كانت مضطربة و في حالة فوضى وانعدام أمن واستقرار، والصعوبات جمة والمشاكل متراكمة والقضايا لا حصر لها وحالياً الأمور في تحسن. ولقد أظهر الأخ الرئيس حرصه وتخوفه على اليمن من أن تنزلق إلى حرب أهلية ولولا ذلك لما اجتمع مع أعضاء مجلس النواب وألقى على مسامعهم كلمته التي نحن بصدد تحليل مضامينها ومحاولة فهم ما وراء تلك المضامين من أهداف وغايات ومقاصد لنعرف كيف يفكر الرجل المهموم بهم الوطن الكبير وهذا واضح من عبارته التي قال فيها وهو يوجه أعضاء مجلس النواب: اليمن أمانة في أعناق سلطة الدولة والسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية واللجنة العسكرية والأحزاب الموقعة على المبادرة الخليجية والقوى الاجتماعية الخيرة ومنظمات المجتمع المدني، ويفهم من قوله: والقوى الاجتماعية الخيرة بأن هناك قوى اجتماعية شريرة ومعيقة ولا يهمها مصلحة اليمن. ويفهم من كلمة الأخ الرئيس أن الأزمة ما زالت نائمة بل هي قائمة يمكن في أي لحظة أن تبرز وتظهر على السطح وتعود أشد مما كانت عليه إذا لم يتدارك الجميع هذا الأمر ويعملوا بروح الفريق الواحد الذي لا يرى أمامه إلا دائرة كبيرة هي دائرة اليمن الجديد، ويفهم من هذا أيضاً أن هناك عناصر أو جماعات أو أفراداً ما يزالون يفكرون بدوائرهم الصغيرة والضيقة والمحصورة والجزئية ولا يفكرون بصورة أوسع وأكبر وأشمل تكون بحجم الوطن اليمني الكبير، صحيح أن عضو مجلس النواب قد رشح نفسه لكي يفوز بمقعد عن دائرته الصغيرة في مجلس النواب لكن من الأصح أنه وبعد وصوله إلى قبة البرلمان فإنه أصبح ممثلاً عن الشعب اليمني بأكمله وعن مساحة الجمهورية من أقصاها إلى أقصاها.
لقد طالب الأخ الرئيس في كلمته تلك بالكف عن التسريبات الإعلامية والصحفية المغلوطة في مختلف وسائل الإعلام مما يدلل على أن بعض تلك الوسائل الإعلامية لم تستوعب حتى هذه اللحظة أن الواقع هو واقع توافق وتناغم وانسجام وألفة ومحبة ولا تحتاج هذه المرحلة إلى مناكفات أو مناورات أو مكايدات سياسية أو اختلاق عراقيل ومعوقات. فقد قال الأخ الرئيس: نريد أن تمضي الأمور كلها بسلاسة وتبادل حقيقي للسلطة ،وكأنه يشير إلى وجود أمور تشوبها بعض التعقيدات وتفتقد للحماس والجدية والإرادة الصادقة من بعض أطراف العمل السياسي خاصة داخل السلطات الخمس التي ذكرها في كلمته وأن هم الأخ الرئيس الأكبر هو الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة الوطن وهذا التخوف من الأخ الرئيس يوحي بأن الأمور يمكن أن تنتكس لا قدر الله أو هي على شفا حفرة ما لم يتدارك الجميع حدوث مثل هذه الانتكاسة المفاجئة وهذا مفهوم من تحذير الأخ الرئيس وتكراره لعبارة: إن التاريخ لا يرحم ولن يستثني أحدا.
وتحدث أيضاً في كلمته تلك عن اليمن الجديد وأننا في عصر جديد في إشارة إلى الذين ما زالوا يعيشون بعقليات الماضي ويريدون إرجاعنا إلى الوراء وإلى الخلف وإلى زمن الصراعات والحروب والانقسامات،وأشار أيضاً إلى أن المجتمع الدولي والإقليمي هو مع أمن واستقرار ووحدة اليمن فما علينا إلا استثمار هذا التوجه الواقف معنا وألا نعمل ضده بل نعمل ما من شأنه تماسك الجبهة الداخلية واللحمة والاصطفاف الوطني والتعاون والتآلف فيما بيننا وأن نبتعد عن دعوات التفكيك والتشرذم والانقسام وأن نعمل جميعاً على تهيئة الظروف والأجواء الملائمة للوصول إلى طاولة الحوار الوطني الشامل كخيار وطني لحل كافة المشاكل والملفات والقضايا العالقة وانجاز المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة.
خلاصة القول أن الأخ الرئيس قد استشعر أن هناك من يمارس التحريض والعرقلة ومنافسة إرادة الشعب التي اختارت خيار السلام والوئام والبناء والتبادل السلمي للسلطة وهذا ما كشفته كلمة الأخ الرئيس التي ألقاها على رئاسة وأعضاء مجلس النواب وأبدى فيها مخاوفه من تردي الأوضاع وانتكاساتها والعودة إلى نقطة الصفر فأراد أن يشرك الجميع في تحمل المسؤولية معه ويحثهم على الحفاظ على الوطن والمواطن والنظر إلى المستقبل وإلى اليمن الجديد بعقول جديدة ومنفتحة.
ما وراء خطاب الرئيس لمجلس النواب
أخبار متعلقة