ما أجمل عودة الحياة إلى الشارع الرئيسي بالمعلا خاصة عند ساكني هذا الشارع ومن حوله الذين كانوا يتمتعون بمزايا هذا الشارع وبجماله وزينته وهدوئه وانتظام وتناسق أشجاره وترتيب حركة السير فيه لأنه الشارع الأجمل في عدن ووجهها الحضاري وابتهج الناس الذين يسكنون على جانبي هذا الشارع فرحاً وسروراً بخبر فتحه وعودة الحياة فيه بعد أن تقطعت أوصاله لمدة عام وبضعة أشهر وتقطعت بالناس السبل وأصبحوا كالتائهين وصبروا كل هذه المدة وكأنها سنوات عديدة لأن هذا الشارع بالنسبة إليهم كالشريان الذي يجري فيه الدم وكالرئة التي يتنفسون بها ومن خلالها.
لقد أحبط الكثير من الناس في شارع المعلا بسبب توقف الحركة في هذا الشارع خاصة شريحة كبار السن من النساء والرجال العجزة والمرضى الذين لا يستطيعون الذهاب للمشافي إلا بتوفير وسيلة مواصلات قريبة من سكناهم مالم تتوفر هذه الوسيلة فإن عليهم تكبد مشقة الانتقال إلى مواقف سيارات الأجرة البعيدة عن منازلهم والتي لا يصلون إليها إلا بشق الأنفس.
لقد تحول هذا الشارع إلى حالة يرثى لها حين تكدست فيه أكوام القمامة الضارة والمؤذية وتشوه منظره وانتزعت حواجزه الحديدية التي كانت بمثابة السياج الذي يحمي النساء والأطفال والعجزة والمارة من حوادث السيارات وأتلفت وكسرت أشجار الشارع وزينته وأسلاك أعمدة النور فيه ونزعت أحجار أرصفته الجميلة والرائعة وخلا من أي لمسة جمالية رائعة وتحول إلى ممر عشوائي لاتفارقه البشاعة أو القبح حين ترى وتشم روائح نتنة لبعض مجاري الصرف الصحي فيه وترى بعض من يتعاطى مضغ القات قد جلس في جوانب هذا الشارع وعلى أرصفته وأحياناً تشاهد بعض الحيوانات الضالة تمر فيه بعد صلاة الفجر ويلعب الصبيان والفتيان فيه بأحجار أرصفته وترابها الناعم وأحياناً يلعبون على الدراجات النارية الصغيرة وبكرة القدم وكأنهم في ميدان عام أو متنفس مدرسة أو روضة أطفال أو زقاق ضيق في حارة شعبية صغيرة ناهيك عما حدث لجدران محلات الشارع التجارية من تشويه متعمد أو غير مقصود أظهرته كثرة الكتابات والشعارات والرموز والصور والأعلام الموضوعة والمخرجة بصورة عشوائية غير متناسقة ومنفرة للعين والروح والقلب ومستفزة للذوق والمشاعر الراقية التي تأنف القبح والبشاعة خاصة بصاق التمبل الأحمر المتواجد في كل زاوية وركن ومساحة من جدران المحلات التجارية وعلى جانبي الشارع وعلى ما تبقى من الحديد الفاصل بين طريق السيارات وممر المشاة (الفوت بات ). لقد تعود الأطفال الصغار اللعب في هذا الشارع كما ذكرنا آنفاً ولمدة عام وبضعة أشهر نتيجة توقف حركة المركبات.
وبعد فتحه لابد أن تحصل بعض الحوادث المرورية التي ينبغي الحذر منها قبل وقوعها كأن يقوم المجلس المحلي بالمحافظة بزيادة رجال المرور والأمن والشرطة من اجل حماية الناس وإرشادهم خاصة الأطفال والنساء وكبار السن والعجزة والعميان وغيرهم وتجنيبهم حوادث السيارات السريعة أو المسرعة والآن فتح الشارع وخلت جوانبه من الحواجز الحديدية التي كانت تحد من حصول مثل تلك الحوادث المؤلمة مما ضاعف المسؤولية على المجلس المحلي بمديرية المعلا في حماية المواطنين في هذا الشارع المهم.
صحيح أن هذا الشارع قد سقط فيه شهداء أبرياء وفي غيره تغمدهم الله بواسع رحمته. ولكن لا يعني بأن الشارع هو السبب في استشهادهم وأن عقابه تقطيع أوصاله وإيقاف الحركة فيه وحرمان الناس من منافعه وتعطيل أمورهم وشؤون حياتهم لأن هذا السلوك يتنافى مع النضال السلمي من اجل تحقيق المطالب واسترداد الحقوق وليس من أهداف ونضال الحراك الجنوبي السلمي قطع شارع أو إخافة سبيل أو منع وسائل المواصلات من المرور في هذا الشارع أو ذاك وعليهم النضال المستمر ضد الظلم والقهر والاستبداد لأن الشارع بريء من الظلم والقهر والاستبداد لأنه وجد لمنفعة الناس وما ضاع حق وراءه مطالب وبما أن قطع الشارع لا يحل مشكلة أو يعيد الحقوق إلى أصحابها فإن على المطالبين بالحقوق أن يختاروا مكاناً مناسباً لحراكهم واعتصامهم وتظاهراتهم ونضالهم فالأماكن المناسبة كثيرة وعليهم أن يقتنعوا بأن السيطرة على أي شارع أو طريق هو حجة عليهم لا لهم وأن سيطرتهم على الشارع تفقدهم تعاطف الناس مع قضيتهم العادلة.
ماذا بعد عودة الروح إلى (مدرم )؟
أخبار متعلقة