مآسي البشرية منذ أن وجدت على هذه الأرض وهي تتجمع وتتكتل على أسس عشائرية وقبلية وطائفية واحتدام الصراع بينها من اجل سبل العيش وكان القوي يسيطر ويهيمن على الثروة والأرض ومع تطورت المجتمعات تخلت بالتدريج عن الصراعات والاقتتال لتتفق كثير من الأمم على هذه المعمورة على التعايش وفق نظام ديمقراطي يحتكم له الجميع و وجهوا صراعاتهم وتنافسهم على خلق الرؤى والأفكار وابتكار الجديد كمشاريع وطنية تبني المجتمعات لا تدمرها وتركوا التكتل وفق عصبيات العشيرة والقبيلة والطائفة إلى تكتلات حزبية وفق رؤى وأفكار واجتهادات منفتحة قابلة للنقاش والجدل العلمي المنطقي يتوافق من خلاله الجميع على البناء لا الهدم والتعايش بسلام ووئام لا الصراع والتناحر والاقتتال وهكذا تبنى المجتمعات والدول المدنية . وتعتبر الأحزاب السياسية إحدى أدوات التنمية السياسية في العصر الحديث وهي حجر الزاوية في الديمقراطية والتعددية الحزبية من المظاهر الجوهرية للديمقراطية التي بالضرورة تؤدي للتبادل السلمي للسلطة .وفي وطني اليمن اخترنا الديمقراطية والتعددية الحزبية منهجاً سياسياً للحكم تزامن مع وحدة الأرض والإنسان ولكن القوى التقليدية لم تستوعب هذه التجربة ولم تقبل التخلي عن هيمنتها وتسلطها على رقاب البشر محافظين على تمايزهم رافضين ببجاحة أهداف الثورة الأم سبتمبر بتمسكهم بالإمامة على شكل رئيس بصفات العرق والسلالة والبقية عبيد ورعية امتلكوا المال والجاه وخلقوا سلاطين وإقطاعيين أوامرهم تطاع وعلى رقاب البسطاء يدوسون وهاهي ثورة فبراير الشبابية الشعبية التي أدت للتسوية السياسية تعاق وبالاتفاقات يتنصلون ولهم جولات وصولات على الأرض يفرضون مشاريع مرفوضة شعبيا وسياسيا كان الحوار هو المخرج ومنه وعلى طاولته برزت القوى الجديدة الطموحة للمستقبل المنشود رسمت بجدارة ملامح ذلك المستقبل وأسست أسساً تنافسية وفي ظل دولة مدنية عادلة وكانت المرحلة الانتقالية هي مرحلة البناء ربانها الرئيس التوافقي والكل شركاء لكنهم تركوه وصاروا مع البناء أعداء يعارضون ما يوقعونه فوق الطاولة ومن تحتها يغذون صراعاتهم ومشاريعهم القديمة جعلوا مخرجات الحوار حبرا على ورق والأخ الرئيس في صراعاتهم حيران وبهم الوطن ومستقبله ولهان يرفضون التعاون وتجاوز الماضي والتضحية من اجل الوطن مليشياتهم تهدد مستقبلنا والسلم الاجتماعي بمجرد الشعور بفقدانهم لبعض الامتيازات التي امتلكوها في زمنهم الرديء ،تتحرك أدوات الدمار والموت على ارض الوطن رافضين تسليم الأسلحة المنهوبة والمدعومة من الأعداء والمغرضين .لا يمكن أن يبنى الوطن دون شراكة حقيقية وصادقة في السراء والضراء في الحلو والمر في مرحلة البناء ويتطلب من الجميع ان يأخذ طوبة ليضعها في موقع بناء الوطن لنعمر وطننا طوبة فوق طوبة لكن ان ندمر ونغذي صراعات مدمرة ونطالب ونناشد وندين ونحن في موقع المضاد والآخر عليه ان يبني ونحن نراقب أخطاءه ولسنا معه شركاء فذلك منطق غريب ومشكوك في النهج الوطني الصحيح الكل يعلم حجم الإرث الثقيل الذي خلفه الفساد ولازالت أدواته ورموزه شركاء معنا في التسوية التي فرضت علينا جميعا لإنقاذ الوطن ،هذه الظروف لم يكن مسئولا عنها الرئيس والقائمون والصادقون في عملية التحول ولكنها وجدت وعلينا جميعا مسئولية تجاوزها لا أن نقف في هذا طرفين متناقضين مع او ضد علينا ان نكون صفا واحدا لتجاوز تلك التحديات وهذا هو الغائب والمعيق للتحول المنشود.ما يحدث اليوم لا يخدم المستقبل ولا التسوية ولا بناء الدولة بل يعيدنا إلى مربع البداية وهي همومنا جميعا ومعاناتنا وتجاوزها بالضرورة قد يلسع البعض ومنها قوة الجماهير لكنه كالدواء المر الذي يعالج الداء وكالألم للحظة لتجاوز الآلام الأبدية ولكل أصلاح وبناء ضرورات وتضحيات لا مزيد من الأعباء والشحن والتراكمات التي تؤدي في لحظة لانفجار لا تحمد عقباه .أنا لا ابرر مآسي اليوم وآلام الجماهير ولكن احمل الجميع المسئولية، على الجميع ان يكونوا شركاء في العمل والقرار وتحمل المسئولية اليوم لا توجد سلطة ومعارضة لان الدولة لازالت غائبة ومصادرة وتقاوم التحرر من هيمنة الماضي وطواهيشه والفساد وحيتانه ومن المؤسف ان الجميع يطالب ويطلب وهو للتضحية يرفض .عندما نتحول جميعا لمواطنين صالحين نلتزم بالقانون والنظام ونسلم أسلحتنا ونقوم معا أسس الدولة وهيبتها لا نكسرها ونخذلها ونعيق تمددها على أرضنا الطيبة ثم نقول قعوا دولة وإلا ارحلوا , تحمل السلاح وتهدد الدولة والمواطنين وتثير الفتن ما ظهر منها وما بطن وتشجع الإرهابيين وهم يفجرون الأبراج والأنابيب وأنت سلبي تتستر وتطالب بهيبة دولة أنت لا تحترمها .والمؤسف جدا أن تكون مصيبتنا تلك القوى التي ظلت تتغنى بالماضي وتاريخنا العريق وتنسينا حاضرنا المزري الذي تتهرب حتى من التفكير فيه فنكتفي بالفخر والاعتزاز بالتاريخ الذي لم نصنعه بأيدينا بل صنعه أجدادنا وتربعوا على عرش السلطة ولم يستطيعوا إرساء أركان دولة ومؤسساتها وتوفير ابسط الخدمات المطلوبة من كهرباء ومياه وصرف صحي حتى ثروتنا التي أرضنا الطيبة حبلى بها من زمن أسلافنا الأوائل لم يستطيعون إدارتها إدارة صحيحة والاستفادة منها فائدة مثلى بل بددوها وتركوها عرضة للنهب والعبث وتنعم بها اللصوص والفاسدون ونحن شعب ازددنا فقرا ومعاناة ..اليوم هذه الفئة الفاسدة التي تحتكر الثروة والجاه هي من تدير أزماتنا وتغذي بؤر صراعاتنا وتعيق بناء دولتنا وتحتفظ بمفاتيح قيودنا حتى لا نتحرر من سلطتها وهيمنتها إنهم واهمون بامتلاكنا ولن يحررونا من عبوديتهم ما دمنا عصاة على سياستهم الرعناء .هل سيصحو الشباب المتنور والمعتدل والطموح لمستقبل وضاء ليزيح هذه القوى من طريقنا ويطهروا أحزابهم من نجس الفاسدين والمفسدين ومن الظلمة والظالمين من شيخ القبيلة المهيمن والمستبد بعنجهية السلوك وجهالة الفكر وإقطاعي التعامل مع أبناء قبيلته ومن شيخ الجماعة المتعصب الأمي المنغلق والمتحجر الذي يعيش حياة الجاهلية العمياء هل يمكن أن يحرروا أحزابهم من مثل هؤلاء لنكون شركاء معا في وطن خال من هذه العقول ،لنبني دولتنا المنشودة التي تلبي طموحات وآمال الجماهير الغفيرة صاحبة المصلحة الحقيقية في إرساء العدل والمساواة والحرية، لنجعل الوطن خالياً من صراعاتهم وأفكارهم المدمرة التي تصنع إرهاباً وترعى الإرهابيين لنخلص الوطن من كل ظالم ومستبد يعيق قانون العدالة واستعادة الأموال المنهوبة إذا تحالفنا معا فمصيرهم خلف القضبان لتطالهم العدالة مهما كدسوا من أسلحة وتسلحوا بأدوات القتل والدمار والمال المدنس فان إصرار وعزيمة الشعب وفقرهم وحاجتهم وطموحهم وآمالهم هي الحافز والقوة الدافعة للنصر لان إرادة الشعوب لا تقهر ولهذا علينا التحالف معا لمواجهة تحالفاتهم وعلى كل غيور على الوطن وطموح لبناء دولة العدل والمساواة ان يصطف ضد تحالفهم المشبوه ليكون سندا لقوى الخير ضد قوى الشر التي بدأت معالمها تتضح ونواياها الخبيثة اتضحت وطفت على السطح واضحة للعيان ولابد من الحق وان طال الزمن .
|
آراء
لنكن شركاء لا فرقاء
أخبار متعلقة