د. محمد حجر مستشار برنامج التحصين الموسع لصحيفة 14 أكتوبر :
لقاء/ زكي الذبحانيتعلو الهمم وتقوى العزائم أمام عدو أزلي يسلب البراءة الأمل بغدٍ أفضل، مقوضاً القدرة الحركية للأطفال متى أصاب أجسادهم الصغيرة لينزع عنها العافية.هي معركة ضروس يقف على طرفها الآخر فيروس شللي خطير مهدد للطفولة، يتداعى ويضعف ويندحر بالتحصين باللقاحات الذي تنتهجه بلدان العالم وتمضي فيه قدماً حتى القضاء على الفيروس واستئصاله من الوجود.نخوض غمار مشكلة الأمس واليوم، ونناقش عن كثبٍ تداعيات الخطر إزاء تطورات أوضاع انتشار فيروس شلل الأطفال في بلدانٍ بالمنطقة وما لذلك من تأثير علي اليمن رغم خلوها - بحمد الله- من هذا الفيروس، في ثنايا هذا اللقاء الذي أجرته صحيفة (14 أكتوبر) مع الدكتور/ محمد محمد حجر- مستشار البرنامج الوطني للتحصين الموسع، والذي جاء فيه..[c1]تمدد واتساع الخطر بلغ فيروس شلل الأطفال بالقرن الأفريقي وخاصةً في الصومال مرحلة وبائية متقدمة، كذلك الأمر في سوريا.. فهل نحن اليوم إزاء وضع جديد يمكن أن يرقى إلى كارثة حقيقية؟ وما وقع هذه المشكلة على اليمن ؟[/c]* منظمة الصحة العالمية - بواقع الحال- ترقب وترصد تطورات هذه الأوضاع بعناية، وما حدث في بعض دول القرن الأفريقي وبالذات في الصومال من ظهور حالات إصابة مؤكدة بفيروس شلل الأطفال، ثم تزايد حالات الإصابة وانتشار المرض وتمدده متجاوزاً الحدود وصولاً إلى جاراتها من الدول مثل كينيا وأثيوبيا، ثم ظهوره في سوريا قادماً من باكستان، ومن ثم في بيئات بلدان مجاورة لها دون تسجيل أي حالات إصابة مؤكدة في كلٍ من الأراضي العربية المحتلة، مصر، الأردن، ومؤخراً في العراق التي رصد فيه عودة جديدة للمرض متسللاً من سوريا، كل هذه التعديات لم تأت من فراغ، بل أفضت إليها حالة اللا استقرار سياسياً وأمنياً وصحياً في خضم صراعات ومواجهات ٍدامية أضعفت في بلدان - مثل سوريا والصومال - مستوى الاهتمام والإقبال على التحصين.الأمر جِدُ خطير - من دون شك- ويضع بلداناً قريبة من القرن الأفريقي مثل اليمن في دائرة الخطر، لسهولة انتقال الفيروس بفعل نشاط حركة تنقلات السكان وما تشهده البلاد من موجات تسلل غير مشروع للقادمين من الصومال وأثيوبيا بمعزلٍ عن الخضوع لأي إجراءات صحية احترازية كالتي تتخذها وزارة الصحة العامة والسكان على المنافذ الحدودية الرسمية والتي يعبر منها اللاجئون المسجلون، وأبرز هذه الإجراءات التحصين الاحترازي ضد شلل الأطفال للاجئين أولاً بأول ، والتي من ضمنها تنفيذ حملات تحصين مصغرة في مخيمات اللاجئين ومواقع تواجدهم وتجمعاتهم المعتادة.إلى جانب شروع وزارة الصحة العام الماضي في تنفيذ حملات تحصين احترازية ضد داء الشلل وصل عددها إلى (5 )جولات تحصين؛ مستهدفة باللقاح الفموي المضاد لفيروس الشلل كافة الأطفال دون سن الخامسة حتى من سبق تحصينهم.وحالياً تشرع وزارة الصحة بدعم ومؤازرة من الحكومة ومنظمة الصحة العالمية واليونيسف والوكالة الأمريكية للتنمية في تنفيذ حملة تحصين وطنية جديدة ضد داء الشلل في جميع المحافظات اعتباراً من(9-7 أبريل2014م)، وتقوم على الطرف الآخر بالدفع بالتحصين الروتيني إلى مستويات أفضل في نسبة التغطية للمستهدفين من الأطفال بجميع اللقاحات الروتينية المعتادة التي تقدمها المرافق الصحية عبر إقامتها أنشطة تحصين خارج الجدران في المناطق البعيدة والقرى النائية، وعملها الدؤوب من خلال البرنامج الوطني للتحصين الموسع من أجل تجنيب اليمن وأطفاله عودة فيروس شلل الأطفال بعدما تخلصت البلاد منه تماماً - بفضل الله تعالى ثم بفضل التحصين- ولم يعد له أي وجود فيها منذ عام 2006م.[c1]حملة احترازية ومبرر التنفيذما أهمية توقيت حملة التحصين الوطنية ضد فيروس الشلل في هذا الوقت بالذات؟ ولماذا تشمل جميع المحافظات؟[/c]* اتخذ القرار بتنفيذ حملة وطنية لتحصين الأطفال دون سن الخامسة لتشمل جميع محافظات الجمهورية اعتباراً من(7-9 أبريل2014م)، لاسيما وأن كثيراً من المحافظات اليمنية ذات معابر تصلها بدول الجوار بينما غالبيتها تتميز باستقبال الكثير من المهاجرين الأفارقة وخاصة الصوماليين.ويأتي القرار بتنفيذ هذه الحملة الوطنية الاحترازية استجابةً لتوصيات وتحذيرات منظمة الصحة العالمية وبدعم منها ومن الحكومة ومنظمة اليونيسف والوكالة الأمريكية للتنمية، وكذلك بموجب توصيات الخبراء الوطنيين استناداً لدرجة الخطورة التي تشكلت بفعل اتساع رقعة الوباء والانتشار الواسع لفيروس الشلل في الجوار الأفريقي وسوريا.[c1]تشويه منافٍ للواقع كيف تفسر موقف بعض أولياء الأمور الرافض لتحصين الأطفال؟ وهل دافعه الخوف من اللقاح الفموي المضاد للفيروس؟[/c]* الرفض لا يجب أن يبنى على الأوهام أو لمجرد سماع كلام فارغ يروجه المعادون للتحصين، فاليمن تستخدم اللقاح الفموي المضاد لفيروس شلل الأطفال، وهو ذو جودة وكفاءة عالية، ويتمتع بعراقة تمتد إلى ثلاثة عقود ونصف العقد ، فهو يستخدم من قبل البرنامج الوطني للتحصين الموسع منذ تأسيسه في نهاية سبعينيات القرن الماضي وتحديداً منذ عام1978م.إنه اللقاح ذاته المستخدم سواءً في الحملات في مرحلة التطعيم الروتيني المعتاد الذي تقدمه المرافق الصحية بمعية اللقاحات الأخرى للأطفال دون العام والنصف من العمر، حيث أنه مطابقٌ لأعلى المواصفات بشهادة منظمة الصحة العالمية والمختبرات العالمية المرجعية.[c1]لماذا تتواصل الحملات. ما المبرر من تكرار حملات التحصين طالما أن التحصين الروتيني فيه ما يكفي للوقاية من فيروس شلل الأطفال؟[/c]* اتفق معك بأن التحصين الروتيني يعد الأساس والجوهرلحماية ووقاية الأطفال تماماً من الإصابة بفيروس شلل الأطفال، هذا بالنسبة لبلدٍ تحقق فيه منظومة التطعيم المعتاد بالمرافق الصحية الشاملة للأطفال دون سن الخامسة نسبة تتعدى(90 %) والذي تقل فيه مستويات المعاناة من عوز الغذاء وسوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة.لكن اليمن - بطبيعة الحال- لا ترقَى إلى هذا المستوى بل وتعد من أكثر البلدان في العالم معاناة من سوء التغذية التي تضعف المناعة الطبيعية لدى الأطفال ضد مختلف الأمراض، وقد قابل هذا وجود نسب متفاوتة من المتخلفين من الأطفال عن استكمال كامل اللقاحات الروتينية التي تتطلب بالضرورة ست جلسات تطعيم بالمرفق الصحي.إن حملات التحصين - كما هو معلوم- تمثل نطاقاً كبيراً للحماية من فيروس الشلل، وهي أحدى الاستراتيجيات لاستئصال هذا الفيروس والذي لا يتحقق إلا بالقضاء عليه في كل أنحاء العالم، ولذلك فإن ظهور حالات إصابة بالفيروس البري في بلدان مجاورة أو قريبة يصبح معه تنفيذ حملات تطعيم جديدة أمراً حتمياً للحماية وتعزيز المناعة لدى المعرضين لخطر الإصابة وخاصةً الأطفال أقل من خمس سنوات.بالتالي، يجب اتخاذ الحيطة بتنفيذ حملات احترازية وقائية وإن تكررت أو زاد عددها فلأنها ضرورة لمنع تسرب ودخول فيروس الشلل إلى اليمن من جديد.[c1]إجراءا ت احترازية داعمة ما حقيقة الإجراءات الاحترازية المتبعة من قبل برنامج التحصين الموسع في اليمن؟ وهل تعد كافية للحد من انتشار وسريان فيروس الشلل في سائر البلاد في حال - لا قدر الله- أن ظهر مجدداً؟[/c]* وزارة الصحة تعتمد إستراتيجيات علمية لتنفيذ أعمال التحصين بشقيه- الروتيني وفي الحملات- مع تطبيق نظام ترصد وبائي فعال للحالات المشتبهة حتى يتسنى الكشف المبكر عن حالات الشلل الرخو الحاد، وفرض طوق تحفظي في حال ثبوت الإصابة على المشتبه إصابتهم بالفيروس، من أجل منع ظهور المزيد حالات الإصابة إذا ما ظهر الفيروس لا قدر الله، وفرض السيطرة على الوضع قدر الإمكان.كما أنها تنفذ حملات تحصين احترازية، لاسيما عند حدوث حالات إصابة مؤكدة بالفيروس في بلدان مجاورة أو قريبة، وهذه الأنشطة تشمل جميع المحافظات والمديريات والقرى بالنسبة للتطعيم الروتيني، بينما تنفيذ حملات التطعيم الاحترازية يقتصر - أحياناً- على المحافظات الأكثر خطورة في احتمالية ظهور فيروس الشلل وتمدده متى عاد إلى اليمن مجدداً.إنها بمثابة جدار قوي لمنع تسرب الفيروس، ولأن العوائق الجغرافية في اليمن كثيرة، علاوة على صعوبة الوصول بسهولة إلى أماكن التركزات السكانية في الكثير من المناطق فإن تأمين فرق ميدانية للتطعيم من منزلٍ إلى منزل يسهم في التغلب على العقبات ويقرب المسافات وخدمة التطعيم لتكون في متناول الأطفال المستهدفين، مُزيلةً عن آبائهم وأمهاتهم وسائر ذويهم عناء قطع المسافات الطويلة من أجل تطعيم أطفالهم.وبحمد الله، أثبتت اليمن بأن كل الحملات تتم بنجاح كبير وتحظى بتفاعل القيادات الوطنية والسياسية من مختلف المستويات، ومصحوبةً بتجاوبٍ كبيرٍ من قبل الآباء والأمهات من مختلف شرائح المجتمع.[c1]اختيار المطعمين اللافت في الحملات أنكم تستعينون بمطعمين من خارج الوسط الصحي العامل في المرافق الصحية.. فما معاييركم المتبعة لدى اختياركم للعاملين المتطوعين في حملات التحصين؟[/c]* التركيز على العنصر البشري مع توفير اللقاح بالكمية الكافية وسلامة حفظه وإعطائه، أمور حتمية لدى تنفيذ حملة تحصين ضد شلل الأطفال، لذلك يتم التدريب المركزي للعناصر الصحية المنفذة للحملة وكذلك تدريب المتطوعين الذين يتم اختيارهم بدقة ممن يمتلكون الخبرة من أبناء المناطق التي يتم فيها تنفيذ الحملة. وعملهم يخضع للإشراف المباشر من قبل متخصصين وخبراء ومن جهات محايدة بما يضمن التنفيذ للتطعيم بفعالية ونجاح وبما يضمن سلاسة العمل والوصول إلى كل طفل مستهدف سواءً من منزل إلى منزل أو من خلال المواقع المؤقتة أو الثابتة لفرق التحصين بما في ذلك المرافق الصحية التي تقدم هذه الخدمة، في حين أنه لا توجد موانع لتأجيل اللقاح حتى وإن كان الطفل يشكو من أعراضٍ مرضية عادية كالحمى أو نزلة البرد أو من مرض آخر طفيف أو إسهال عادي.[c1]إرشادات صحية ما الإرشادات التي ترغب بتوجيهها للآباء والأمهات وذوي الأطفال المستهدفين إزاء الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال؟ وكذلك للمجتمع عموماً؟[/c]* نقول للآباء والأمهات عليكم أن تسلحوا بالمعرفة الكافية بكل ما يفيد الصحة ويجنبها الإصابة بالأمراض.أما التحصين فهو بمنزلة واجب التزام لا يجب التقاعس عنه بأي حال، وهو واجب ديني وإنساني ومجتمعي، فلا ينبغي التفريط فيه ومنعه عن فلذات الأكباد، ولا محالة سيساءل كل أبٍ وأم يوم القيامة إذا ما فرطوا ومنعوا عن أطفالهم أسباب الحماية ووقع أبناؤهم في أتون الإعاقة الحركية، وكون التحصين مسؤولية وخاسر من يفرط فيه ويحرم أطفاله منه سواءً المقدم في الحملات التي تنفذ من حين لآخر مستهدفة الأطفال دون سن الخامسة أو الذي تقدمه المرافق الصحية بلقاحاته المتعددة للأطفال دون العام والنصف من العمر، والبالغ عددها عشرة لقاحات تعطى للطفل خلال ست زيارات منتظمة للمرفق الصحي مدونة مواعيدها في بطاقة أو كرت التحصين.ونؤكد في الختام، على إيلاء دعم ومساندة للتثقيف الصحي والتوعية الإعلامية من قبل الحكومة والمنظمات الداعمة لتحقيق مناصرة واسعة من قبل وسائل الإعلام المختلفة للتحصين الروتيني، باعتبار كلا الأمرين(التوعية الإعلامية والتثقيف الصحي) حجر زاوية لدى مخاطبة المجتمع ووسيلة ضرورية لإقناع الناس وتغيير المفاهيم والسلوكيات والعادات السلبية غير الصحية.