التفرقة بين الأبناء تولد الحقد والكراهية ..
استطلاع / هبة حسن الصوفييمنح الله الكثير والكثير من النعم لبني الإنسان وكل إنسان يختلف في محافظته على ما وهبه الله من نعمة قد تكون في الصحة أو المال أو البنين أو العمر الطويل فنعم الله كثيرة لاتعد ولا تحصى. وقد قال تعالى في كتابه «المال والبنون زينة حياة الدنيا والباقيات الصالحات خير ثواباً وخير املاً» صدق الله العظيم .فالخالق سبحانه وتعالى جعل البنين زينة لكل من يمتلكها .. ولكن السؤال هنا.. هل يا ترى كل من انعم الله عليه بطفل يعطي طفله الحنان والرعاية والاهتمام وهناك ايضاً من يمنحهم الله اكثر من طفل وكما يامر الله بطاعة الوالدين يامر ايضاً بمعاملة الابناء معاملة حسنة وسوية وعادلة فيما بينهم بدون تفرقة فالتفرقة بين الابناء تولد آثاراً وعواقب خطيرة مثل الكراهية والحقد والغيرة وينتج عن ذلك ابناء غير اسوياء. ومن هنا تأتي المشكلات النفسية لدى الاطفال. ومن خلال هذه الصفحة الخاصة بالطفل .. دعونا نفتح نافذة المعاملة بين الاسرة والاطفال ولعلنا عزيزي القارئ من خلال هذا الاستطلاع نوضح بعض الاساليب الخاطئة لدى العائلات الذين لا يستوعبون حجم الجريمة التي تركب في حق ابنائهم. هوس المقارنة هذه الطبيعة البشرية غريبة بعض الشيء فهناك اشخاص لا يقتنعون بما يقسم لهم ودائما ما يهتمون بما مع غيرهم ولكن من هنا يأتي دور الوالدين الذين يجب عليهما الا يتركا أي مجال لهذه المقارنة التي حتماً ستؤذي احد الاطفال او قد تؤذي الجميع. ولذلك يجب عدم المقارنة بين اطفالهم وخاصة مثلاً في الذكاء والقدرات العقلية ومثلاً المقارنة والتفضيل في الذكاء كقولهم انظروا كيف اخوكم ذكي . او بين الفتيات احداهن بانها جميلة او فائقة الجمال وبذلك يحدث كسر داخل الفتاة الاخرى الأٍقل جمالاً . ومن هنا ينبثق ينبوع الحقد والكراهية والانطواء والمشاكل النفسية التي تترتب عليها كثير من المواقف. والدي دائم التفريق ( كوثر ) .. تقول: كان والدي دائما يفرق بيني وبين إخواني على الرغم من أنني أكبرهم وكنت اسمع دائماً من والدتي رحمة الله عليها أنني بكرها ونص عمرها ولكن فارقت الحياة وأنا في الثانوية العامة. ومن هنا بدأت رحلة التفريق التي كانت دائما تكسر قلبي بل تشقه إلى شقين احياناً أحب والدي وأخواتي وبالشق الأخر اكرههم واكره وجودي معهم في نفس المكان فوالدي السبب الذي يفرق بيننا ويسمعني دائماً بأنني لست جميلة مثل إخوتي ولا انفع بأن أكون (أنثى) لأنني لست على قدر من الجمال ولكن أمي دائماً كانت تقول لي براءتك وطيبة قلبك هما ما يعجز البعض عن فهمه فهي كانت دائماً بجانبي وبصفي وكانت ايضاً تهاجم والدي على تصرفاته معي وتلومه مراراً وتكراراً ولكن دون جدوى كبرت وكبر بداخلي الحقد والكراهية التي هو حولها لي منذ نعومة أظفاري حتى بلغت من العمر 35 عاماً . وقد يسأل البعض لماذا أعامل هكذا من قبل والدي وكان السبب هو أن والدتي كانت بمثابة محامية لي وكبرنا وكبر كل شيء بداخلنا وتزوجت وبعدت عنهم حتى لا أعيد ذكرياتي المؤلمة ومن خلال مقابلتنا مع البعض حتى نجد حلاً لمثل هذه المأساة تفاجأت برد احد الأشخاص ويدعى ( سالم ) حيث قال لسنا نحن من سنحاسب عن التفرقة بين أبنائنا فالسبب الأكبر في هذا التميز هم الأبناء أنفسهم فبعضهم يكونون أذكياء على خلاف إخوتهم وبعضهم يتصرفون بقلة احترام وأدب ويعجز احياناً الأب أو الأم عن تربية أو إمساك زمام الأمور معهم. ولذا فإن الوالدين يبتعدان عن المساواة دون قصد احياناً سواء في الإنفاق أو العطف.العادات والتقاليد وتقول ( ن. م. ع ) سبب التفرقة بيني وبين أخواتي هي العادات والتقاليد والسبب بأنني فتاة وليس لي أي حق على عكس إخواني فأمي وأبي يعاملانهم بكل حب وحنان واهتمام أما أنا فلا القى غير التوبيخ لعدم إكمالي دروسي أو مساعدة والدتي في المنزل ورغم صغر سني إلا إنني أتحمل مسؤولية منزلنا مع والدتي ومنذ كنت طفلة كان هذا التفريق فأنا كنت أحب أن العب معهم لأنهم يكبرونني ولكن دائماً ما كان أخي الكبير يضربني ويمنعني من لمس أغراضه وعندما كنت اشكوه إلى أمي وأبي كانا يرميان لي بكلمة واحدة « هذا أخوك الكبير « كبرت وكبرت كل جمل التفضيل والتفريق في أذني فهل للعادات والتقاليد الحق في التفرقة التي تجعلهم يفضلون إخواني علي. أحمل الوالدين تمرد أولادهمويوضح الدكتور / كمال الهادي دكتور نفساني أن التفرقة بين الأبناء هي احد أساليب التربية الخاطئة التي ينتهجها الوالدان أو من هو مسؤول عن تربية الأبناء وذلك لان هذا الأسلوب يترك آثاراً بعيدة وقريبة المدى على نفسية الأطفال فحين يشعر الطفل انه غير محبوب ويشعر بالتمييز بينه وبين أخيه يشكل لديه نوع من عدم الثقة بنفسه وتهتز شخصيته والاهم انه يتولد الحقد والحسد والكراهية تجاه إخوته وتجاه الآخرين كنتيجة لهذه المعاملة. ومن جانب آخر فإن هناك بعض الأطفال المميزين والذين يتلقون رعاية واهتماماً تفوق الحد وبذلك يشعرون أن طلباتهم مجابة ويريدون الكل أن يستجيب لرغباتهم ولا يعتمدون على أنفسهم. قد يقول البعض أنهم يدللونهم في الصغر ولكن حينما سيكبرون سوف تغير تلك المعاملة ولكنهم لم يعلموا أن شخصية الطفل وسلوكه تتحدد من الصغر ومنذ نعومة أظفارهم.وإضافة إلى الأطفال الذين يشعرون بالتميز ويتصفون دائماً بالتمرد على آبائهم وعدم الطاعة وحتى الكراهية وعدم إحساس بالمسؤولية ولكن احياناً يحدث أن يحاول أن هؤلاء الأطفال عندما يكبرون الخروج عنهم نمط التربية التي تربوا هم عليها في الصغر والبعض يتصف بالعكس ويكرر المأساة من جديد مع أطفاله ولا يخرج من الدائرة التقليدية لوالديهم ومع الأسف بعض الأسر يعتقدون أن أساليبهم التربوية صحيحة وليست خاطئة ويكونون مقتنعين بذلك وهم اكتسبوا هذا الشعور من أهلهم ولم يعرفوا خطورة الأمر .. وما سيحدث غداً.أعاني .. من الإهمالوقالت الطفلة ( سوسن ) البالغة من العمر ( 12 عاماً ) وهذا ما فاجأني من خلال حواري معها فهي تتوسط أخوتها من البنين والبنات ولكن الغريب بكلامي أنها تعيش مأساة وهي ما زالت طفلة وتتكلم عن الإهمال والمعاناة وتحكي قصتها قائلة / أمي دائماً تفضل إخوتي علي بكل شيء حتى في المأكل والملبس والنوم. وذلك بسبب إنني لست جميلة ولا أشبه إخوتي ودائما تسمعني جملة أنت تشبهين والدك (لذا أنا لا احبك ولا اعتبرك ابنتي ) وتكرر لي هذه العبارات وخاصة عندما تكون متعصبة مني . عندما يأتي ضيوف إلى المنزل أمي تقوم بتجهيز إخوتي الأكبر والأصغر مني أما أنا فتقول لي لا تظهري على الضيوف ولا تلعبي مع الأطفال الموجودين. فأعود إلى غرفتي وابكي من تصرفات أمي وإخوتي لا يعملون لي شيئاً بالعكس يحبونني ولكن دون علم أمي لأنها توصيهم دائماً قائلة لا تلعبوا معها فهي لا تشبهكم. مثل هذه الأخطاء في التربية والسلوك الإنساني تؤدي دائماً إلى العزلة والانطواء والصراع بالنفس الداخلية لكل إنسان منا. والاسوأ من ذلك أنها تؤدي إلى علاقة بين الإخوان والى زرع الكره والحقد والحسد لان طفلاً يحظى بالتدليل والاهتمام ويأخذ نصيب الأسد دون إخوته ولكن الأكثر سوءاً أن يتمنى لو يصيب أخاه أو أخته مكروه أو حتى انه لو لم يأت اصلاً . ولذلك لابد للوالدين من قراءة أفكار أولادهم ونفسيتهم ولابد من هذه المحاولة لفهم ما يدور في دواخلهم ومعرفة احتياجاتهم ومشاعرهم وآلامهم .. والاهم من كل هذا أن يستجيبوا لهم ويمنحوهم حرية التعبير وقول آرائهم وأفكارهم واهم شيء إعطائهم الحق في النقاش والحديث بدون خجل أو خوف. ورسالتي لكل أسرة أن يحاولوا جاهدين في تربيتهم بشكل صحيح وفرض المحبة والتعاون فيما بينهم وحتى لو اخطأ احدهم لا يتم عقابه أمام الجميع حتى لا يهز من شخصيته ويكسره أمام إخوته وأمام نفسه اولاً وأمام الآخرين. ويجب ايضاً إعطاء الفتاة حقها في الدفاع عن نفسها أمام أخيها .. وعدم إهمالها .. حتى نصحح من المفهوم الخاطئ عند البعض أن الفتاة لا قيمة لها. الذكر والأنثىفي مجتمعاتنا العربية للأسف يكون الذكر هو الذي له الحق في كل شيء وهو الذي لا يخطئ وهو من يكون صاحب الحق في كل شيء وهذا غير صحيح. لا ننكر بأن الله عز وجل قال في كتابه « الرجال قوامون على النساء» ولكن الرسول الكريم قال في سنته « رفقاً بالقوارير ». هذه صورة واضحة بأنه مثل ما أعطى الإسلام للرجل الحق ايضاً أعطى للفتاة حقاً .