باللبان والبخور والأهازيج
قحطان حاجبسيئون / جمعان دويل : احتفلت الشعوب العربية الاسلامية أمس الأول بذكرى الهجرة النبوية الشريفة وحلول العام الهجري الجديد 1435 هـ على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم. وفي هذه المناسبة الدينية الجليلة شهدت مراكز العلم ودور العبادة بسيئون إلقاء الخطب والمواعظ المعبرة عن الأهمية البالغة والأبعاد المؤثرة للهجرة باعتبارها المنعطف الحاسم في تاريخ الإسلام والمسلمين مستنبطة منها العبر والدلالات.كما أقيمت بهذه المناسبة الندوات والمحاضرات وجلسات الذكر والمواعظ تحدثت عن الهجرة النبوية وتتكاثر الدعوات إلى العلي القدير ان يجعله عاما جديدا بالخير والبركة والصحة والعافية والتطور والنماء لما فيه مصلحة الأمة الإسلامية في جميع أصقاع المعمورة .ففي مدينة سيئون تتجلى فرحة راس السنة الهجرية إضافة إلى ما ذكرناه سابقا في كيفية احتفال أطفال المدينة بهذه المناسبة التي ينتشر فيها الأطفال من صباح اليوم الباكر في شوارعها وأزقتها ووسط السوق العام للمدينة حاملين في أيديهم المباخر بمختلف الأنواع بالعامية ( مقاطر وبوابير) يتطاير منها روائح اللبان ( البدوي ) الزكية على شكل جماعات منفردة مرددين الأهازيج ( مدخل السنة بركة والسيل فوق التكة ) ( يا لبان ياكوكبان ابعد إبليس والشيطان ) في موروث شعبي تتناقله الأجال جيلاً بعد جيل في وجه طفولي يملؤه الفرحة والبهجة باحتفالية هذا اليوم والذي يكرمون به من أصحاب البيوت وأرباب المحلات التجارية وجميع المؤسسات والشركات بمبلغ يسير من المال أو شيء من الحلوى اوالشوكولاتة او يزودهم بالبخور بعد ان يقوم الأطفال بتبخير المحل او مدخل البيت بروائح اللبان المتطاير من المباخر ( المقاطر ) ويقدمون الأهازيج بدون خجل او خوف وسط شغف ومشاهدة الوافدين للمدينة من خارجها لهذا الموروث الجميل والذي يعد في نظرهم عادات وتقاليد غريبة عليهم حيث تجد الأولاد مع بعض والفتيات مع بعض وهم يلبسون الثياب الجميلة التي ارتدوها من قبل أهاليهم بهذه المناسبة بعد تزويدهم بالمبخرة والفحم الخشبي والبخور ( اللبان ) .حتى وقت الظهيرة يتجولون من محل لآخر يتسابقون كل واحد منهم يريد أن يكون هو من يحظى بشرف تطييب هذا المحل أو ذاك وظللنا نراقبهم فوجدناهم كلما ذهبت مجموعة عادت أخرى يسعدون بما يحصلون عليه من مقابل مادي بسيط ولكنهم في الأصل حافظوا على عادة من عادات الزمن الجميل.وبفرحة شعر الناس بأن العام الهجري الجديد قد دلف إلينا من خلال هؤلاء الصغار الذين يجعلونك تحس بالروحانية ودفء دخول العام الهجري الجديد حيث جعلوا شوارع وأزقة المدينة والبيوت والمساجد تفوح فيها رائحة اللبان الذي يعتقدون أنه يطرد الشيطان .خلال تجوالنا ومصاحبة الأطفال ومشاهدتهم والبسمة والفرحة ترتسم على وجوههم ناهيك عن استعداد أرباب المحلات والبيوت لهذه المناسبة تجدهم يستقبلونهم بعد ان يسمعوا منهم ما يرددون من أهازيج بكل براءة . لحظات جميلة تعيشها برفقتهم والكل يريد ان يتصور بدون خجل او استحياء وقد عبر العديد من المواطنين عن هذه المناسبة مجمعين على التراث الذي بقي بمدينة سيئون ويتذكرون ايام الطفولة التي كانوا فيها يمارسون هذا الابتهاج والفرح بفارق تغير الزمن وظروفه والحياة المعيشية له.وأوضحوه أنه رغم الحياة والظروف المعيشية التي يعيشونها إلا إن فرحة اليوم لا تنتسى ولا تمحى من الذاكرة والتي تبدأ من ليلة غرة العيد منذ القدم في مدينة سيئون كغيرها من المدن في الاحتفال باستقبال السنة الهجرية الجديدة من خلال القراءة والمواعظ والأذكار والدعاء بالمساجد وتكون ليلة مميزة في وداعية السنة واستقبال السنة الجديدة حيث تكون وجبة العشاء قديما وجبة خاصة ودسمة وفق مقدور كل بيت ولكن العامل المشترك هو وضع قليل من كل نوع من النباتات والأشجار وأعواد النخيل التي تنبتها الأرض فوق غطا ( الصفرية ) الطست الذي تطبخ فيه وجبة العشاء على سبيل المثال ( شجرة السعداء وعود من شجرة السلم وعود من نخلة المديني) للاعتقاد وتفسير تلك النباتات والأشجار بما تحمله من أسماء (فأغصان شجرة السعداء ليكون العام القادم عام سعادة وهناء وعود شجرة السلم ان يكون عام سلم وأمان واستقرار وعود نخلة المديني يمثل زيادة الخير للأسرة والرزق وأن يزوروا قبر النبي بالمدينة وأداء فريضة الحج ) ومضاعفته لما فيه من وجباتهم الرئيسية لهم ولمواشيهم ببساطة الاعتقاد والنية الصادقة مع معرفتهم التامة بأن الله إذا اراد شيئاً ان يقول كن له فيكون . اختفاء العديد مما سبق ذكره ولكن بقية عادة الأطفال هذه ويجب الحفاظ عليها . وقالوا إن الماضي كان أفضل بكثير حيث كانت الدعوات مستجابة من ربنا اما اليوم الله يستر علينا فالقلوب تحجرت والحسد والكراهية كثر بين الناس ولكن علينا أن لا نيئس من رحمة الله داعين الله عز وجل ان يكون عام امن واستقرار وتحسن الاحوال وأن الله على كل شي قدير .