هذا العام هناك سبب وجيه يدعونا للاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية في اليمن، ففي خضم كل الاضطرابات التي مر بها اليمن منذ بدء الربيع العربي كانت هناك ثورة صامتة تحدث في المدارس - ثورة سيكون لها الأثر الأبعد على التنمية الوطنية.ففي عام 2011م أظهر برنامج تقييم “القراءة للمراحل التعليمية الأولى” والذي تموله حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وتنفذه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن ما يقرب من ثلث طلاب الصف الثالث من التعليم الأساسي لم يكن بمقدورهم قراءة كلمة واحدة، كما كان بإمكان الطلاب العاديين في نفس الصف قراءة 12 كلمة فقط في الدقيقة الواحدة بشكلٍ صحيح، وهذا بدوره شيء سيئ.وقد أفاد الدكتور عبد الله سالم لملس، وكيل وزارة التربية والتعليم لشؤون التدريب، بأن:” الطلاب اليمنيين كانوا يخفقون في حل اختبار مادتي الرياضيات والعلوم في الصف الرابع من التعليم الأساسي ليس لأنهم لا يعرفون الإجابة بل لأنهم لا يجيدون قراءة الأسئلة” موضحاً كيف كان الوضع كارثيا.وتجاوبا مع هذا الوضع، طلبت وزارة التربية والتعليم من حكومة الولايات المتحدة تقديم الدعم اللازم لإصلاح نهج القراءة في الصفوف الثلاثة الأولى من التعليم الأساسي.. وعليه قام مشروع تحسين معيشة المجتمع والذي تموله الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وعبر العمل الوثيق مع الخبراء والتقنيين في وزارة التربية والتعليم بإعداد وتطبيق برنامج “نهج القراءة المبكرة للصفوف الأولى في اليمن”.إن برنامج “نهج القراءة المبكرة للصفوف الأولى في اليمن” هو مبادرة شاملة لتحسين مهارات القراءة لدى الطلاب عن طريق تعزيز قدرات المعلمين في تدريس مهارات القراءة والكتابة. وعلاوةً على عمل البرنامج على رفع كفاءة المدرسين، فإن إشراك أولياء الأمور في دعم مهارات القراءة لدى أطفالهم يعد أمراً بالغ الأهمية للبرنامج. كما أن مواصلة أنشطة البحث والرصد والتقييم في البرنامج سيضمن مراجعة مواده التعليمية وتحسين استراتيجياته التنفيذية.فعقب إعداد مناهج برنامج “نهج القراءة المبكرة للصفوف الأولى في اليمن” والمواد التدريبية ومشروع تدريب المعلمين التابعيّن للبرنامج تم تنفيذ المرحلة الأولى التي امتدت من نوفمبر 2012 إلى مايو 2013 وذلك في 383 مدرسة موزعة على سبع محافظات (شاركت وكالة التنمية الألمانية في تنفيذ برنامج “نهج القراءة المبكرة للصفوف الأولى في اليمن” في 72 مدرسة من هذه المدارس). وخلال العام الدراسي، تم الانتهاء وبنجاح من تدريب قرابة 3000 مدرساً وأكثر من 54000 من أولياء الأمور. وقد شمل البرنامج 93116 طالباً من طلاب الصفوف الثلاثة الأولى من التعليم الأساسي.وقد أظهرت الزيارات الإشرافية لمتابعة سير تنفيذ برنامج “نهج القراءة المبكرة للصفوف الأولى في اليمن” أن مهارات القراءة والكتابة لدى الطلاب في المدارس التي طُبق فيها البرنامج قد تحسنت بشكلٍ كبير. وقد أشار وكيل وزارة التربية والتعليم الدكتور لملس خلال اللقاء التشاوري الأول للبرنامج والذي عُقد في أبريل 2013 أن:”عمليات المتابعة المفاجئة التي قام بها المشرفون أظهرت أنه أصبح بإمكان بعض تلاميذ الصفوف الأولى قراءة 60 كلمة في الدقيقة الواحدة”. وأضاف الدكتور لملس قائلا: “هذه النتائج فاقت توقعاتنا وتعدت المعايير الدولية”. واستطرد لملس قائلاً: “لقد جاء برنامج “نهج القراءة المبكرة للصفوف الأولى في اليمن” في الوقت المناسب لإنقاذ أطفالنا” منوهاً “إلى الحاجة إلى تعميم هذا البرنامج على جميع أنحاء الجمهورية اليمنية “.إن تعميم برنامج “نهج القراءة المبكرة للصفوف الأولى” ليشمل جميع أرجاء اليمن هو هدفنا بالفعل.. ففي إطار المرحلة الثانية من البرنامج والتي بدأ تنفيذها في العام الدراسي الحالي، تم توسيع البرنامج ليشمل قرابة 500 مدرسة جديدة رافعاً بذلك عدد المدارس التي يغطيها البرنامج إلى أكثر من 800 مدرسة. وسيستمر فريق عمل البرنامج في مراجعة وتحسين مواد واستراتيجيات البرنامج وفقاً للدروس المستفادة من مرحلة التنفيذ التجريبية. وعلاوةً على ذلك، يعمل فريق عمل البرنامج على موائمة برنامج “نهج القراءة المبكرة للصفوف الأولى” مع مناهج وزارة التربية والتعليم. وبحلول نهاية تنفيذ المشروع سيكون البرنامج حينها قد وصل إلى أكثر من 2.2 مليون طالباً في الصفوف الدراسية الثلاثة الأولى، واضعاً بذلك أسس متينة لزيادة هذا العدد في عموم أرجاء اليمن.وسنقوم في الأيام القادمة وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بتدشين حملة إعلامية لنوضح للناس أن تعليم الأطفال القراءة يتطلب تضافر جهود القرية بأكملها. كما ستعمل الرسائل الإعلامية عبر التلفزيون والإذاعة، وكذا اللوحات الإعلانية في شوارع المدن ورسائل الهاتف التوعوية القصيرة على تعزيز ثقافة القراءة في اليمن.عندما يذهب كثير من الأطفال اليمنيين إلى المدارس ويتعلمون القراءة فسيصبح بمقدورهم الإسهام وبشكل أفضل في بناء هذا الوطن العظيم مستفيدين من معارفهم ومهاراتهم. وتحقيق ذلك هو حلم بالنسبة لنا، فحكومة الولايات المتحدة تؤمن بقيمة وأهمية التعليم الجيد، إذ تعمل على دعم الجهود المبذولة على مستوى العالم لتحسين مهارات القراءة لدى الأطفال. ويأتي برنامج تحسين القراءة للصفوف الأولى في طليعة البرامج التي تمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مجال تعليم القراءة للصفوف الأولى في العالم العربي. ويسعدني أن أرى هذه الثورة الصامتة تنتشر في مدارس اليمن.[c1]* سفير الولايات المتحدة الأمريكية بصنعاء[/c]
|
المجتمع
اليمن .. والثورة الصامتة في القراءة
أخبار متعلقة