من أبرز أعراض تهديدات الأمن النفسي الذي تعيشه النساء والأطفال ضحايا النزاعات المسلحة: تذكر حدوث تفجيرات، أو قتل أحد أفراد العائلة، أو تهديم منزل، أو النزوح، والتي تعد من أبرز عوامل الصدمة، وتولد مضاعفات نفسية يمكن إيجازها في الآتي: 1) الصدمة مما حدث: ومن أعراضها: هياج ـ كوابيس ليلية ـ قلق دائم ـ عدم الشعور بالاستقرار (تشتت أفراد العائلة أو الانفصال عنهم)، ما يولد تهديداً للطمأنينة القاعدية، التي هي بمثابة الأرضية التي نقف عليها، الأمر الذي يضاعف من صعوبة تطوير صحة الإنسان النفسية، وخاصة لدى المراهقين، مع شعور بانسداد الآفاق المستقبلية وإمكانية الموت، وهذا الشعور يجعل الضحية يعيش بالـ (هنا، والآن)، وأن المستقبل كعصفور على الشجرة، غير مضمون.2) محاولة نسيان الصدمة والرغبة في الانعزال (تجنب الاختلاط مع الآخرين): وتؤدي إلى: ميول اكتئابية ـ تشتت في الانتباه ـ تغير عام في السلوك ـ وانشغال داخلي.أ) تذكر ما حصل من صدمات والخوف من التكرار: يولد شعوراً بعدم الاستقرار ـ تراجع القدرات الذهنية ـ عدم الانتظارم في متابعة الواجبات المدرسية ـ التسرب المدرسي ـ الإدمان، إلخ. بالإضافة إلى أن فقدان المعيل يولد صعوبات اقتصادية، وتصدعاً وتفككاً أسرياً، وخاصة في حالات النزوح. ب) الاكتئاب والقلق وأعراض عدم الارتياح العام: ينتج عنه تأثير سلبي لمشاهدة العنف في التلفزيون ـ الاهتمام بالعبء الأسري بعد فقدان أحد أفراد الأسرة أو مرضه ـ انعكاس الضائقة المالية ـ طلاق وزواج ثانٍ .. الخ.ج) علاقة سلبية مع الأهل: عدم تأمين الحماية، جو أسري متوتر، تبادل العنف الجسدي (الضرب) بين أفراد العائلة ـ فقدان المساعدة في مذاكرة الدروس. د) زيادة القلق: ضغوطات مدرسية ـ إشاعات حول أوقات الحروب. هـ) تكيف وتأقلم مع الضغط النفسي: صلاة، بحث عن دعم اجتماعي. و) عدم التمكن من اللعب خارج المنزل، وعدم توفر الأنشطة الترفيهية.ز) ازدياد المسئوليات المنزلية.آثار الاغتصاب على النساء والأطفالالاغتصاب هو أحد أنواع العنف الجنسي الممارس ضد المرأة في كل المجتمعات وعلى مر التاريخ، وهو في الوقت ذاته من أسوأ المخاطر التي قد تتعرض لها المرأة في الحروب والنزاعات المسلحة.لذا فالاغتصاب هو أحد الأسلحة الخطيرة التي يلجأ إليها كوسيلة للتعذيب والإهانة لا للمرأة فقط، وإنما للرجل أيضاً.وتشمل أعمال العنف الجنسي ضد النساء، أيضاً " التعقيم القسري.الإجهاض القسري ـ الاستخدام القسري/ الإكراهي لوسائل منع الحمل" (4) والإكراه على الدعارة.وعلى اعتبار أن المرأة رمز للشرف والهوية، فهي عرضة لهذا النوع من العنف الجنسي أكثر من الرجل، حين يصبح جسدها مكافأة للمقاتلين لدى الأطراف المتنازعة. وتؤدي نظرة المجتمعات المحلية إلى النساء باعتبارهن رمز المجتمع وحاملات شرفه، إلى زيادة المخاطر التي يتعرضن لها فيكون الاغتصاب ليس مجرد عنف ضد المرأة، بل عمل عدواني ضد شعب أو مجتمع محلي.لذلك تعد عمليات الاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي من تكتيكات الحرب المستخدمة على نطاق واسع في كثير من البلدان، ولا تزال تستخدم كسلاح في الحرب لذلك نجد أن ثلث عمليات الاغتصاب التي تم التبليغ عنها في جمهورية الكونغو الديمقراطية استهدفت أطفالا ( ارتكبت 13 % من هذه الاعتداءات بحق الأطفال دون سن العاشرة).ويعتقد أن حالات الاغتصاب المتغافل عنها في المناطق المتأثرة بالنزاعات شرق البلاد تفوق عدد الحالات التي كشف عنها بما يتراوح بين 10 أمثال و20 مثلا.ويستخدم العنف الجنسي باعتباره من وسائل التعذيب وانتزاع الاعترافات والمعلومات ولجرح كبريائهن وإنزال العقاب بهن، وكثيراً ما ينظر إلى الاغتصاب كمكافأة للجنود والمحاربين.وتلجأ بعض النساء أحياناً إلى ممارسة الجنس مع الجنود ورجال السلطة والجماعات المسيطرة، للحصول على الحماية والمال والطعام.ولوحظ أيضاً ارتباط زيادة حالات البغاء والاغتصاب ـ ومنها مع الأطفال ـ مع وجود قوات حفظ السلام التي تدخل المناطق بعد إنهاء النزاع، وتصبح سلطة بديلة يستغلها الجنود والعاملون فيها لانتهاك القوانين والاعتداء على النساء والضعاف.ويترك العنف الجنسي تأثيراً مدمراً على التعليم، فهو يقوض قدرة الضحايا على التعلم، ويدفع الفتيات بعيداً عن المدارس بسبب انعدام الأمن والمخاوف المرتبطة بالعنف الجنسي.كما يؤدي العنف الجنسي إلى تفكك الحياة الأسرية، ما يحرم الأطفال من البيئة المواتية لتنشئتهم.فسوريا (على سبيل المثال) التي تعيش نزاعاً مسلحاً منذ أكثر من عامين ليست استثناء بهذا الخصوص، فقد وثقت منظمات دولية تعنى بحقوق الإنسان أكثر من 3500 حالة اغتصاب منذ بدء الأزمة لنساء وفتيات سوريات لا يتجاوز عمرهن الحادية عشرة في بعض المناطق.ووفقاً لتقارير أخرى، تواجه النساء السوريات اللواتي يهربن بعد الاعتداء الجنسي، نقصاً في الخدمات الطبية والمشورة، إضافة إلى ظروف غير آمنة في مخيمات اللجوء في الدول المجاورة، ناهيك عن حالات حمل كثيرة ناتجة عن عمليات الاغتصاب، الأمر الذي يفاقم المشكلة على الصعد كافة.ومن المؤسف أن هذه الجرائم بالذات يصعب توثيقها وتوصيفها بدقة، لما لها من خصوصية شديدة ومعقدة، بحكم القيم والتقاليد المجتمعية السائدة التي تأبى الخوض في هذه الموضوعات خوفاً على شرف العائلة من العار الذي سيلحق بها من جهة، ولأنه من جهة ثانية سيعرقل مسيرة حياة الضحية لاحقاً، فتاة كانت أم متزوجة ولعدة أجيال قادمة.فجريمة الاغتصاب هي إحدى أشد جرائم الاعتداء وحشية، لما لها من آثار قريبة وبعيدة المدى من شأنها إلحاق الضرر بالصحة الجسدية والنفسية والعقلية، كما تشكل في الوقت نفسه اعتداء على الحرية العامة، ومساساً بأمن وسلامة المجتمع كله وتنعكس الآثار السلبية لجرم الاغتصاب على الناحية الجسدية والنفسية والاجتماعية للضحية، وهي(5): أولاً: الآثار الجسدية لجريمة الاغتصاب:1. تمزيق غشاء البكارة.2ـ الحمل.3ـ الاجهاض.4ـ قتل المواليد.5ـ اصابات ونزيف في الاعضاء الداخلية.6ـ الامراض المنقولة جنسيا كالايدز.7ـ الادمان على المهدئات، واللجوء للمخدرات في كثير من الاحيان.8ـ الاكتئاب الذي يؤدي بالضحية الى الانتحار في بعض الحالات.ثانياً: الآثار النفسية لجريمة الاغتصاب:من الصعوبة بمكان حصر الآثار النفسية التي تخلفها جريمة الاغتصاب في الضحية والتي من الممكن ايجازها بـ:1 ـ فقدان المرأة ثقتها بنفسها واحترامها لذاتها.2 ـ احساسها بالكره الشديد للرجل وكأنه وحش كاسر.3 ـ شعور المرأة بالاحباط والكآبة.4 ـ احساسها الدائم بالعجز.5 ـ احساسها بالاذلال والمهانة، اضافة الى شعورها الدائم بالذنب.6 ـ عدم الشعور بالاطمئنان والسلام النفسي والعقلي.7 ـ اضطراب عام بالصحة النفسية، والعجز عن المبادرة واتخاذ القرار.ثالثاً: الآثار الاجتماعية لجريمة الاغتصاب:ان هذه الآثار في غاية الخطورة لما تخلفه في حياة المرأة الاجتماعية.1 ـ الطلاق والتفكك الأسري.2 ـ سوء واضطراب العلاقات بين أهل الزوج وأهل الزوجة.3 ـ عدم التمكن من تربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة نفسية واجتماعية: متوازنة مما يهيئ لجنوح بعضهم احياناً.4 ـ ازياد حدة العنف الاجتماعي ضد المرأة المغتصبة. الموضوع الثانيآثار النزاعات المسلح على الأطفالأولا: الآثار الاجتماعية والتعليم:أ) الآثار الاجتماعية:1 ـ قد تختفي الكثير من الأنشطة الانسانية والثقافية والحضارية من جراء الحروب فيتأثر كل شيء ويبدأ في التلون بلون الحرب.2 ـ ومع طول زمن الحرب ونقص المال وفقدان مصادر الرزق يضطر الاطفال للعمل اثناء الحروب لسد الثغرات التي تركها الرجال من ذهبوا للحرب او قتلوا.3 ـ وبذلك يضاف عبء جديد على كاهل الطفل الذي فقد اساسا مستقبله نتيجة تركه لدراسته قسرا فهو يحمل عبء أسرة قد يكون هو الوحيد الذي تعتمد عليه في تأمين قوتها اضافة لمعاناته جراء ما يمكن ان يلاقيه من استغلال وسوء معاملة من الغير عدا عن استهدافه كأي مقاتل كبير دون تفرقة ودون مراعاة لصغر سنه.4 ـ ان ما تتركه الحرب من آثار سيئة على الأسرة من تهديد بالتفكك وضياع أفرادها انما ينعكس بدرجة كبيرة على حال الاطفال، ففقدان الاب او الام او اسر أحدهما يضيف معاناة جديدة للطفل قد تبعده عن اسرته وتجبره على العيش في ظروف ابعد ما تكون عن الظروف التي يتوجب ان تحيط بحياة الطفل لينمو طبيعيا، فوجود الطفل ضمن بيئة مختلفة وبعده عن احد والديه او كليهما وضعف الرقابة عليه يزيد من فرص الجنوح لديه والانجرار في طرق الرذيلة والانحراف الاجتماعي.5 ـ ان ضعف الرعاية الصحية ونقص التغذية قد يؤديان بالطفل الى تدهور صحي وامراض مختلفة يكون لها آثار سلبية في المستقبل على نموه وحياته.ب) الآثار التعليمية:يحذر تقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم للجميع لعام 2001م المعنون "الأزمة الخفية: النزاعات المسلحة والتعليم" من أن (6):1ـ العالم لا يسير على النهج الذي يؤهله لان يحقق بحلول عام 2015م الاهداف الستة للتعليم للجميع التي اتفق عليها أكثر من 160 بلدا عام 2000م. لاسيما في المناطق المتأثرة بالنزاعات.2 ـ تحرم النزاعات المسلحة 28 مليون طفل من التعليم بفعل تعرضهم لعمليات اغتصاب وغيرها من اشكال العنف الجنسي المرتكبة على نطاق واسع، ولهجمات متعمدة ضد المدارس، فضلا عن انتهاكات أخرى لحقوق الانسان.3 ـ العشرات من النزاعات المسلحة وقعت في 35 بلدا في الفترة الممتدة من عام 1999م الى عام 2008م واصبح الاطفال والمدارس في مرمى نار النزاعات المسلحة، وبات المعلمون والتلاميذ وقاعات الدراسة يحسبون في عداد الأهداف المشروعة. ففي افغانستان سجل ما لا يقل عن 613 هجوما على المدارس خلال عام 2009م مقابل 347 هجوما عام 2008م وعمد المتمردون في شمال شرق باكستان الى استهداف مدارس الفتيات بعدد كبير من الهجمات أدى احدها الى اصابة 95 فتاة بجروح. وفي شمال اليمن تعرضت 220 مدرسة للتدمير أو أصيبت باضرار أو تعرضت للنهب خلال المواجهات التي دارت بين القوات الحكومية وجماعات مسلحة من المتمردين في عامي 2009 و 2010م.4 ـ ان الاطفال الذين يعيشون في البلدان الفقيرة المتأثرة بالنزاعات يواجهون مصاعب ضخمة تحول دون التحاقهم بالتعليم الابتدائي، ولذلك نجد 28 مليون طفل ممن هم في سن المدارس الابتدائية غير مقيدين بالدراسة، أي ما يساوي 42 % من مجموع الاطفال غير الملتحقين بالمدرسة في العالم.5 ـ نسبة القيد في المدارس الثانوية في البلدان النامية المتأثرة بالنزاعات تقل بمقدار الثلث تقريبا عن نسبة القيد في البلدان النامية الاخرى وتقل هذه النسبة أكثر فيما يتعلق بالفتيات.6 ـ الاطفال الذين يعيشون في البلدان الفقيرة المتأثرة بالنزاعات المسلحة معرضون بمقدار الضعف للوفاة قبل بلوغهم الخامسة من العمر مقارنة بنظرائهم في بلدان فقيرة اخرى.7 ـ تبلغ نسبة القراءة في البلدان الفقيرة المتأثرة بالنزاعات 79 % بينما تبلغ هذه النسبة 93 % في البلدان الفقيرة الاخرى.الهوامش(4) المنظمة الدولية للهجرة، دليل المساعدة المباشرة لضحايا الاتجار.(5) صالح الحربي، دراسة للجنة السورية لحقوق الإنسان ـ 28/ 6/ 2012.(6) ايرينا بوكوفا، تقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم للجميع لعام 2011م المعنون "الأزمة الخفية: النزاعات المسلحة والتعليم".
|
اشتقاق
آثار النزاعات المسلحة على النساء والأطفال
أخبار متعلقة