بدء أعمال المؤتمر العام لدعم الحوار الوطني
صنعاء / سبأ:بدأت أمس بصنعاء فعاليات المؤتمر العام لدعم مؤتمر الحوار الوطني والنقاش حول اصلاح الدولة في اليمن “وجهة نظر حقوقية وقانونية” الذي ينظمه على مدى يومين مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الانسان “HRITC “ ومنظمة برغهوف بالشراكة مع ملتقى النساء والشباب بمكتب الامم المتحدة بصنعاء ومنتدى التنمية السياسية . وفي افتتاح أعمال المؤتمر القى رئيس المحكمة العليا القاضي عصام السماوي كلمة أشار فيها إلى أهمية هذا المؤتمر الذي يأتي بعد سلسلة من المؤتمرات الفرعية التي عقدت في عدة محافظات، مضيفاً أن مخرجات المؤتمر العام لدعم مؤتمر الحوار الوطني والنقاش حول اصلاح الدولة في اليمن ستكون ذات فائدة كبيرة ومهمة لمؤتمر الحوار الوطني في اتجاه العمل على تعزيز استقلال السلطة القضائية.وتحدث القاضي السماوي في سياق كلمته عن جملة من المحاور الاساسية ذات الصلة بتعزيز استقلال القضاء ،مؤكداً أن واقع الأمر في شكل الدولة القادمة أياً كان يجب أن يركز أولاً على استقلال القضاء باعتباره الضمان الحقيقي للدولة المدنية الحديثة التي تصون الحقوق والحريات .واستعرض رئيس المحكمة العليا المستوى المتطور الذي وصل اليه القضاء في اليمن على مدى خمسين عاماً حيث أصبح كفؤاً في أن يدير شئونه من داخل السلطة القضائية ،وننشد في القضاء استقلالاً حقيقياً يتطلب عدم جره ليكون تابعاً لسلطات الدولة.وأكد القاضي عصام السماوي أن مجلس القضاء الأعلى خرج برؤية بشأن استقلال القضاء تم نقلها الى مؤتمر الحوار الوطني تتفق مع طموح الدولة المدنية الحديثة وتجسد استقلال القضاء.وبين القاضي السماوي أن موضوع انشاء المحكمة الدستورية مطروح منذ سنوات وجاء على غراره انشاء الدائرة الدستورية وتتبع المحكمة العليا ،مشيرا الى الدور المهم المطلوب من قبل مؤتمر الحوار الوطني للدفع في هذا الاتجاه ،ومشدداً في الوقت ذاته على انشاء المحكمة الدستورية دون الخضوع للأحزاب السياسية أو للسلطات التنفيذية وبحيث لا يكون القضاء بشكل عام ألعوبة بأيدي السلطات والأحزاب. من جانبه اشار مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر إلى الأهمية التي يكتسبها المؤتمر العام لدعم الحوار الوطني والنقاش حول إصلاح الدولة من وجهة نظر حقوقية وقانونية باعتبار أن هذه المبادرة وسواها من مبادرات منظمات المجتمع المدني هي من أكثر ما يحتاجه اليمن في هذه اللحظات الحاسمة لدعم العملية السياسية.وأكد أن دور المجتمع المدني بمكوّنيْه النسائي والشبابي كان حيوياً وناشطاً في دعم الحوار الوطني منذ البداية وهو ما يدل على مدى الإدراك والوعي بحجم التحديات التي تواجه اليمن، والمسؤوليات والواجبات التي تقع على كاهل كل مواطن تجاه مستقبل البلاد.وقال بنعمر “أثارت اهتمامي محاور مؤتمركم لناحية تركيزها على مبادئ الدولة الديموقراطية الحديثة، مثل فصل السلطات وتعزيز استقلالية القضاء والحماية القانونية والحقوق والحريات وسواها من المضامين المقترحة للدستور الجديد”.وأضاف “جميعنا يعرف أن عملية صوغ الدستور التي ستنطلق رسمياً بعد اختتام مؤتمر الحوار الوطني بدأت عملياً مع انطلاق أعماله في مارس الماضي، فالعديد من القضايا المطروحة للنقاش هي أصلاً دستورية وشاركت مختلف المكونات بفاعلية لافتة في فرق العمل عبر تقديم اقتراحات وتصورات وصولاً إلى التوافق على مقررات الجلسة العامة الثانية وذلك بتيسير من الأمانة العامة لمؤتمر الحوار ولجنة التوفيق وبجهود كبيرة من الرئيس عبد ربه منصور هادي”. ولفت مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى أن أمام اليمن اليوم تحدّيات كبيرة، اثنان منها الأكثر إلحاحاً الأول هو التوافق على مسوّدة وثيقة المخرجات النهائية لمؤتمر الحوار .. والثاني البدء في عملية تأسيس عقد اجتماعي جديد يلبّي تطلعات جميع اليمنيات واليمنيين في بناء دولة القانون والديموقراطية وحقوق الإنسان والمساواة والمواطنة والحكم الرشيد”. مؤكداً في هذا السياق أن مؤتمر الحوار قد خطا خطوات كبيرة وواثقة في هذا الاتجاه رغم العقبات”.ومضى بنعمر قائلا “ دعوني أشدّد أن الوقت لم يعد في صالح أيّ من الأطراف، يجب أن يدرك الجميع أنّ زمن المناكفات والمماطلات والعرقلة انتهى، وأنّ زمن التشدّد في المواقف انتهى، آن أوان حسم ما تبقى من القضايا العالقة في مؤتمر الحوار. وأنا على يقين أنكم قادرون على ذلك في أقرب وقت”.وبين أن حل القضية الجنوبية لن يتم إلا عبر الحوار وكذلك قضية صعدة، وأيّة قضية خلافية أخرى، وقال” وأؤكد مجدداً أن الأمم المتحدة لم تقدّم أية حلول جاهزة، واقتصر دورنا منذ البداية على التيسير وتقديم الدعم الفني عند الحاجة”. واستطرد قائلاً “وهنا أجدّد دعم الرئيس هادي الذي اتخذ في الأشهر الماضية خطوات جريئة لردم الهوة بين الأطراف المتحاورة ومختلف مكوّنات الشعب اليمني”. وأثنى على حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة التي اتخذت قرارات مساندة كان آخرها إقرار مصفوفة حول الإجراءات التنفيذية للنقاط العشرين والنقاط الإحدى عشرة المتعلقة بالقضية الجنوبية، والاعتذار لأبناء الجنوب وصعدة على الحروب السابقة، داعياً جميع الأطراف السياسية الى التعامل بإيجابية مع هذه الخطوات والمساهمة في إحلال أجواء التوافق والبناء عليها لإرساء المصالحة الوطنية والأمن والاستقرار. واشار بنعمر في سياق كلمته إلى أن الجميع يعلم أن ما شهده اليمن عام 2011م كان يمكن أن ينتهي إلى فوضى عارمة وحرب أهلية، لكن حكمة القيادات السياسية والإرادة الشعبية حالا دون هذا السيناريو المقيت .وواصل حديثه “لننظر اليوم حولنا إلى سوريا وبلدان عربية أخرى، إلى شعوب بأسرها تسير نحو المجهول ولنتذكر أن اليمن مهد الحضارات القديمة وأصل الهجرات العربية، يمكنه أن يكون نموذجاً حضارياً فريداً وملهماً يفتخر به في منطقة متجددة الأزمات ولننظر حولنا ونقدّر ما حققته خارطة الطريق للتغيير السلمي غير المسبوقة في أيّة دولة عربية، تلك التي أرستها الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية و لنقدّر قيمة قفز اليمن فوق حرب حتمية بإرادة واعية وصلبة، وتقديم نموذج حوار وطني شامل وتشاركي لم تعرفه المنطقة من قبل.وخاطب المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر المشاركين في أعمال المؤتمر العام لدعم مؤتمر الحوار الوطني والنقاش حول اصلاح الدولة في اليمن “وجهة نظر حقوقية وقانونية”بالقول “تلك الإرادة تحديداً هي ما يلزمكم اليوم لتذليل ما تبقى من عقبات أمام الحوار الوطني، وأمام إرساء أسس دستور دولتكم المنشودة، هذه الدولة مهما كان اختياركم لشكلها ونظام حكمها، هي أملكم الوحيد للخروج من عنق الزجاجة نحو فضاء رحب فضاء فيه فرص حقيقية لمواكبة التقدم والتطور والحداثة، بجهود وطنية صادقة من جميع الأطراف والمكوّنات، منها النساء والشباب والمجتمع المدني وهذه مسيرة طويلة، دونها عقبات، ولا بد من إنجاحها مهما تطلب الأمر من تضحيات.وأكد أن الأمم المتحدة تجدد تعهدها بتقديم جميع أشكال الدعم المطلوب وذلك من منطلق الإيمان بأن دولة القانون لا تقوم لها قائمة إلا عبر دستور وقوانين ناظمة ونظام انتخابي حديث، ومؤسسات للحكم وإحقاق العدالة والأمن وحقوق الإنسان، ومجتمع مدني يساهم في تعزيز سيادة القانون ومبدأيْ الشفافية والمحاسبة.واختتم كلمته بالقول “أنتم المسؤول الأول والأخير عن مصيركم ومصير بلادكم ، ومن معرفتي باليمنيين ، أنا على يقين أنكم لن تختاروا إلا المضي باليمن نحو مستقبل مشرق”.بدوره استعرض نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان رئيس مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الانسان عز الدين الأصبحي الخطوات التي سبقت المؤتمر لدعم مؤتمر الحوار الوطني والنقاش حول اصلاح الدولة في اليمن “وجهة نظر حقوقية وقانونية” والمتمثلة بعقد وتنظيم خمسة منتديات فرعية شملت عدداً من محافظات الجمهورية.وتطرق الأصبحي إلى الدور المهم الذي يضطلع به المجتمع المدني خلال المرحلة الحالية ورؤيته في أن تأسيس عقد جديد في البلاد يتطلب اشراك الحقوقيين من القضاة والمحامين وذلك باعتبار ان صوت هذه الفئة من رجال القانون مهم جداً في رسم ملامح الدولة المدنية الحديثة و رؤيتهم في هذا الاتجاه.وأشار الى أن المؤتمرات الفرعية حققت نتائج ايجابية وخرجت بتوصيات مهمة شارك في اعدادها نخبة من منتسبي السلطة القضائية وحقوقيون ومحامون وستقدم تلك التوصيات رؤية حول شكل الدولة القام.وأضاف الأصبحي أن مؤتمر الحوار الوطني يعتبر بالفعل النافذة التي نطل عليها ومن خلالها إلى الدولة المدنية الحديثة.وعبر عن تمنياته في ان يخرج المؤتمر العام على مدى يومين برؤية حول اصلاح الدولة في اليمن من وجهة نظر حقوقية وقانونية ، وتطلعه إلى أن يكون للجميع دور في صياغة الرؤية لبناء اليمن الجديد.وإشاد بتعاون الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني ومكتب جمال بنعمر في التواصل والتنسيق مع المجتمع المدني في اليمن من خلال المشاركة الفاعلة في العديد من القضايا والأنشطة التي تخدم العملية الانتقالية ومستقبل البلد بشكل عام. من جانبه استعرض رئيس منتدى التنمية السياسية علي سيف حسن الدور المهم الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني في تنفيذ العديد من الأنشطة التي تسير في اتجاه تعزيز المرحلة الانتقالية .وأشار الى أنه قد تم خلال أعمال مؤتمر الحوار الوطني انجاز الكثير من القضايا و يعتبر الخلاصة لكل مجريات الوضع في البلاد .وتحدث علي سيف حسن في سياق كلمته عن العدالة الانتقالية المتممة للحوار ،موضحا أنه لا يمكن أن تكون هناك مصالحة ما لم تكن هناك عدالة انتقالية.عقب ذلك بدأت جلسات أعمال المؤتمر حيث جرى خلال الجلسة الأولى استعراض التوصيات الخاصة بالمؤتمرات الفرعية التي عقدت في صنعاء وتعز ،عدن ،الحديدة ، المكلا ،فيما تناولت جلسة العمل الثانية محور التحديات المتوقعة أمام مؤتمر الحوار الوطني وإقرار مخرجاته وكيفية الإسهام للتصدي لهذه المشكلات .واستعرضت جلستا العمل الثالثة والرابعة أهم نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل وكيفية تعزيز الحماية القانونية في العملية الديمقراطية في اليمن.وسيواصل المؤتمر أعماله اليوم لمناقشة واستعراض العديد من المحاور بمشاركة مائة وعشرين مشاركا من الشخصيات القانونية وممثلي السلطة القضائية باليمن واعضاء في مؤتمر الحوار الوطني ومنظمات غير حكومية .حضر الافتتاح أمين عام مؤتمر الحوار الوطني الشامل الدكتور أحمد عوض بن مبارك ومحافظ محافظة تعز شوقي هائل وعدد من المسئولين.