قصة قصيرة
نهلة الشقرانسأكتب اليوم لحبيبة وأظن أنها الوحيدة التي تعلم ما لم نعلمها به..وذواتنا تفتش عنها في طرق لم تخطو بها..وفي سبل ما كانت لها..تعيش داخلنا، نعشقها وتهوى البعد عنا.....همها كبير، وصدقها لم يكن يرضي غيرها، كانت بهدوء سماء حزيرانية، لا تثر ولا يعرف صوتها زمجرة العواصف، تبتسم كوجه لاه ساذج، وتبكي بكاء الأطفال، لا يسمعها إلا صدى صوت خفي يقبع في ذاكرة مريبة، تكرهها وتأبى إلا أن تكون لها لا سواها...غزلت لي ثوبا أحمر اللون كما أشتهي، فرحت به كمن وجد سرا دفينا، ركضت في حارتنا لأريه لقريبة لي، ضحكت مني وأدارت وجهها بازدراء، كانت تملك ثوبا أجمل وأبهى، وكان ثوبي بأصابعها التي عرفت طعم الدموع، بكيت بكاء مريرا، شكوت ظلم الغير لها، فلعقت دموعي وهي تقول طعمها مالح..أذكر أنني أخفقت ذات يوم، وكانت المرة الأولى التي أخفي بها شهادتي خلف ظهري، كنت أتوجع بألم صامت، وتلك تضحك مني، وهي تربت على يدي و تقول هذه شهادة نصف الفصل، ما زال أمامك متسع...كان المتسع أمامي عمرا كاملا رسمت لي به خطواتي، وسرت بها خطوة تلو الأخرى إلى أن بكت تلك للمرة الأولى في حياتها، وضحكت أنا ..ليس كمثلها نسائم السحر..ولا بوارق السهر..هي كوجه السماء..وصوت السحاب عند المطر..هي رائحة تراب مبلل..ولحن عود معتق..ولون الفجر بثوب مطرز..بكيتها ..فضحكت، لم تلعق دموعي هذه المرة بل قالت بصوت يشابه طعم الخشوع: سنبكي جميعا ونرحل، وتذبل أوراقنا، ونفسح وقتا لآخرين ما كانوا وسيكونون...وثوبي الأحمر لمن سيكون؟؟ ابتسمت من جديد، وهدهدت صوتي الدفين بأغنية عمر لها زاد عن ألف أو أكثر، نمت بين دفتي وسن، وسمعت صوت بكائها في كمد، صوت بكاء حزين، بكاء أمة..بكاء زمن..بكاء ثوب لم تحكه بعد وربما لن يكون..يا عيونا أقسمت لها الغياهب وغردت لها البلابل..يا وجع دمع طال التيه في مرساه..يا جرح رحيق لم يدري من يأوي إليه..يا بقية العمر الذي ما فارقت عينيه..أأقول أحبك؟؟...وهل يحب الفيء ظلا يسكنه؟؟ أم يحب الغدير صوت خرير يتمتم له؟؟..ولعلني لا أقول إلا دمت كما دامت شمس بلادي...وحماك المولى نور صدق لا يخبو ، وصوت حق لا يخاف..ما أحوجني لغزل ثوب جديد يناسب قامتي الآن، فقد أصبحت أطول، ألم يخبروك!! أتصدقين أني أصبحت أطول!!أما تلك فما زالت تضحك مني ولا أدري لماذا، بكت مرة واحدة، وبكيت عمرا كاملا أنتظر دموعا بلا ملح فما كانت...هل تعتقدين أنها أقدر مني عليها؟؟ ضحكت بجنون عندما ذكرتني بذلك الثوب الأحمر .. سرت في دربي وما نظرت خلفي كي لا أراها، وتذكرت همس صوتك، وجرس هدوئك، وغاب وجهك عني وما غاب..غاليتي ما ألذ دمعك!! وما أعذب مذاقه!!ما أروع هدوئك!! وما أحوجني لصدقه!!.