د. زينب حزام عدن التي يعتبرها الكثيرون منبر الثقافة لديها إمكانيات متوفرة تجعلها صرحاً ثقافياً وفنياً نموذجياً، لكنها مع الأسف ينقصها الكثير من البنى التحتية للثقافة، حتى الآن ليس لديها متحف شامل وحتى التسعينات من القرن الماضي كان لديها مسرح وطني ضخم، وأصبح اليوم مغلقاً حتى إشعار آخر، وأصبحت لا تمتلك مسرحاً ذا مستوى، لدينا مسارح صغيرة نوعاً ما وتتحول في بعض الحالات إلى ( منصات للزفاف في الصالات التجارية ) ولكن ليس جميع المسارح الموجودة كلها بالمستوى المطلوب، بالطبع يوجد نشاط شعبي مهم في مجال المسرح، ولكن تفرض عليه ضوابط مزعجة، لكن لا يوجد لدينا مثلاً ما نقدمه للأطفال كشواهد على ما ننقله لهم عن تاريخهم وحضارتهم، فالمتحف جزء مهم وكذلك المكتبة الوطنية التي تحتاج إلى إعادة ترتيب حتى يتمكن القارئ في الأخير من الاطلاع على الثقافة والتراث الوطني. تطوير الثقافة جزء من التنافسية فلكي يطلب الشخص عملاً، يجب أن يبرز مؤهلاته العلمية والثقافية وخبرته العملية ولابد أن يكون مؤهلاً لهذا العمل، ونكتشف قدراته ومخزونه العملي في الحديث والتفكير والفهم، ومدى استيعابه وفهمه وسلوكه وقدرة مساهمته في بناء المجتمع. يقول الموسيقار والباحث اليمني عبدالقادر قائد الذي قام بإعداد كتاب من الغناء اليمني ( قراءة موسيقية):كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أهمية البحث عن تراثنا الفني نغماً وإيقاعاً بألوانه الموسيقية ولأنني واحد من الذين نالوا قدراً من التعليم الموسيقي المبني على أسس علمية، فقد وجب علي العمل في هذا المجال والبدء بجمع الكثير من أغانينا اليمنية بأصوات كثير من أساطين الطرب في بلادنا والاعتماد على الأصالة في تنفيذ هذه المهمة وهي مسؤولية كبيرة تقضي بتوخي الحرص والدقة في ترجمة الألحان الغنائية بإيقاعاتها المختلفة وبالنوتة الموسيقية وتوصيلها إلى يد القارئ بكل أمانة. ويقول الشاعر اليمني صالح علي الحامد في أغنيته المشهورة ( زهرة الحسن ) من لحن شيخ البار الدوعني: قف معي نشهد جمالاً يملأ القلب ازدهاءأرى زهرة أي نبت أنبت الروض المريععجباً في الزهر ألوان كما الفنان شاء ظهرت شتى وهذي زهرة فيها الجميع غادة كالبدر حسناً واكتمالا وسناء زهرة للحسن رقت بين أزهار الربيع رفعت ذيلا وهمت تختفي عنا حياء علق الغصن بها لا تستوي الحسن البديع واتركي الشاعر يسديك غناء.. وثناء ذمة للحسن عند الشعر حاشى أن تضيع وفي هذه الأغنية الحضرمية ( زهرة الحسن ) يجد المستمع لها الإيقاع الشائع في محافظة حضرموت بالعوادي ( فلاتي ) وكلمة فلاتي تعني التأني والثقل ولاتزيد سرعته الأصلية. إن مسألة التراث الموسيقي اليمني، كما يبدو مسألة محيرة تحتاج إلى المزيد من الجهود في البحث خاصة أننا قد عدنا من جديد إلى عهد تحريم الموسيقى والغناء، كما كان سائداً في عهد الإمامة في شمال الوطن بينما كان الانفتاح الموسيقى في عدن في تلك الفترة من الخمسينات والستينات من القرن الماضي، أصبحت مسألة التراث الموسيقي معقدة عند البعض.. وقسم تصور أننا سننقل التراث نقلاً آلياً. وأنا أقول إن التراث يحتاج إلى فهم.. ورؤية ناضجة .. والتراث عندي كمستمعة ومتذوقة للموسيقى روح تغذي العمل المحاصر وتمده بكل أسباب القوة والديمومة وإنني هنا أدعو إلى دعم المعاهد الموسيقية اليمنية وتشجيع الفرق الموسيقية وتطويرها، والعودة الجادة إلى توثيق التراث الفني بالإضافة الفنية التي هي روح الفنان المبدع.. وهنا أتذكر قصيدة الشاعرة اليمنية منى عوض باشراحيل التي تقول فيها: [c1] قصائد [/c] تراب تراب على مدى النظر في العين تراب من يقرضني بعض الدمع [c1] مغالطات [/c]سأتكئ على حزني فربما مغالطات الحزن تصف لقائي بك نصفان منذ أن لم نلتق منذ أن لم نولد في قراءة أسطورة زرعنا نصفي دائرة [c1] قراءة [/c]ضع بعضك السيئ تناول كفي تقرأني لقد عبر المثقفون اليمنيون عن الوشائج التي تربط الإنسان اليمني بأخيه الإنسان العربي في جميع الدول العربية، ويشاركه همومه ومعاناته، ويقول الشاعر الكبير الراحل لطفي جعفر أمان في قصيدته الوطنية التي غناها الفنان الكبير محمد مرشد ناجي والتي تحمل عنوان ( بلادي ) : يا بلادي يا نداء هادراً يعصف بي يا بلادي يا ثرى ابني وجدي وأبي يا كنوزا لاتساويها كنوز الذهب اقفزي من قمة الطود لأعلى الشهب يا بلادي كلما أبصرت شمسان الأبي شاهقا في كبرياء حرة لم تغلب صحت: يا للمجد في أسمى معاني الرتب ويقول الشاعر الراحل محمد سعيد جرادة في قصيدته التي خاطب بها الإنسان اليمني في الجزء الجنوبي المحتل من قبل الاستعمار البريطاني، وهذه القصيدة الغنائية قدمها الفنان الكبير محمد مرشد ناجي: أيها الحامل أثقال القيود يا أخي في الأسى يابن الجنوب يا عديم الذكر في هذا الوجود يا حزينا يوم أفراح الشعوب عيشك الحاضر صمت وجمود وخضوع لتصاريف الخطواب هو بالخالق كفر وجحود وبأخلاقك نقص وعيوب كيف تحيا يا أخا العقل ذليلاً مستضام النفس مهضوم الحقوق كيف تسترضي وتستجدي الدخيلا وهو يوليك أفانين العقوق كيف ترجو للغزو حلولا وهو يبغيك له عبدا مسوق يشتهي قهرك يبغى أن يحولا بين عينيك وأضواء الشروق مزق القيد الذي غل يديك وارمه من خالق نأتي القرار حارب الجور الذي أضفى عليك مظهر الذل ويأس الانكسار قاوم الظلم الذي جر إليك قلق الليل وأشجان النهار ولتهن نفسك ما عاشت لديك فهي ملك وفداء للديار
|
ثقافة
عدن عاصمة ثقافية نموذجية في المحافظة على تراثها وحضارتها
أخبار متعلقة