قصة قصيرة
[img]img0034A.jpg[/img] تنطفئ الأضواء إلاّ نوراً أزرق خافتاً في البهو، ويعم السكون.. في غرفة الأطفال تلمس الستائر السماوية خشب الأسرة البنية... بعض الدمى وعدد من اللعب الوبرية... تحت إطار سورة يس فراش ينسدل عليه شعر ابنتي نور الطويل مغطّيا الوسادة، بجواره سرير روزا الفارغ، فقد تركته وآثرت النوم مع أخيها بيرم في فراشه.. قالت لي هذا الصباح ونحن نتجول في الشارع... ماما لماذا تبدو وجوه الكبار دوما عبوسة في حين وجوه الصغار تفيض فرحة؟...أدخل بيت الصالة مبتسمة... معك الحق يا روزا، الصغار محتفلون دوما، ودوما نحن نتشبث بالشقاء... أتأمل خشب الأثاث و أتحسس المكتبة.. كأنها حنت لأصلها وكأنّ قلبي يسمع همسها لشجرة المشمش المطلّة من النافذة: قد كنت مثلك يوما أرقص مع النسيم وتسقيني الأمطار فأهديها عطري... يطل الهلال محملا بالبشائر ملمعا للقلوب، قد فاتني إشراقه في ليلته الأولى.. البارحة وأنا أنتظر إطلالته تساقط البرد على زجاج المنزل كان لإيقاعه نغمات تنعش الروح لكني لم أسمعه، فقد أحدث صغاري أصوات ابتهاج بهذا الحدث.. كان عقلي مشوشا فبدا لي احتفالهم إزعاجا أفسدت احتفالهم، لم أسامح نفسي فنحن عادة نفرغ فيهم أوجاعنا القديمة لا نبالي بأحاسيسهم وكثيرا ما نقمع فرحتهم... غدا ستظهر الأيام نتيجة الطفل الذي أعطيناه الحنان جيدا ولم نهمشه.. قالت لي نور حينها وهل هناك أهم من هذا الجمال لنحتفل.. ليلتها فتشت عن العطب الذي حرمني الاحتفال معهم. أنرت مصباحي الداخلي على الجرح وتصالحنا.يشتد الليل سواداً ووقاراً ويزداد إشراق الهلال ولمعان النجوم... أخرج رأسي من الشباك لأستمتع أكثر ببهجة الهلال الذي أفيض عشقا به، ولأملأ رئتي بعطر الحديقة.أتمدد في فراشي، وأغمض عيني أرى في بادئ الأمر ظلاما ثم شيئا فشيئا ينساب نور أخضر خفيف من داخلي ما يلبث أن يتحول قوس قزح إلى أن أحسني مسترخية في اطمئنان فوق مياه بحر تتقاذفني الأمواج.عند شروق الشمس ألمح من الشرفة سربا من الحمام يتطاير بجمال وسحر فوق المسجد المقابل و مراكب مختلفة الألوان والأشكال فوق رقرقة البحر الساحر الصافي شديد الزرقة.. تنتشر رائحة الورود البيضاء ويفوح النعناع تحتها.. أجهز فطور الصباح واتجه لعصافيري الصغيرة، فقد قرب وقت الذهاب إلى المدرسة.. أدخل الغرفة فأجد نور مستيقظة وقد كتبت بحروف كبيرة على ورقة بيضاء: مرحبا بك أيها الصباح الجديد.