مثل الاعتداء على المعبد الهندي جين شويتا مير الكائن في سوق البز بكريتر الذي بني عام 1882(أي قبل 130عاماً) صدمة لسكان هذه المدينة كونه يعد من معالم عدن الآثارية والتاريخية وأحد مظاهر التسامح الديني والثقافي المعبر عن روح المدينة والتحضر والتعايش السلمي الذي اشتهرت به مدينة عدن التي استحقت أن توصف بأنها أم الدنيا وأم اليتيم وابن السبيل حيث يتعايش فيها الفارسي واليهودي والنصراني والمسلم والبينيان وكافة الأديان والملل والنحل المتنوعة والمختلفة دون أن يصادر أحد على الآخر رأيه أو معتقده أو ما يؤمن به ودون تنابز أو احتقار أو سخرية أو استهزاء عنصري مقيت أو أي شكل من أشكال وصور الصراعات والفتن الطائفية. لقد قابلت الأخ عبد الملك عبد الرزاق وهو أحد أبناء مديرية المعلا وأطلعني على بعض الوثائق المقدمة من السفير الهندي لدى اليمن والمرفوعة إلى وزير الخارجية اليمني والمتعلقة بمحاولة الاعتداء على المعبد الهندي بكريتر ونهبه وسرقته واستثماره أو المتاجرة به وطمس معالمه ومظاهره الدالة على كونية هذه المدينة الهادئة والآمنة والمستقرة التي يعيش فيها من يمثل قارة آسيا وأفريقيا ومن كل المحافظات اليمنية ولا يسب ولا يشتم الصومالي الهندي أو يستهزئ الهندي بالصومالي أو العربي وكل واحد يحترم دين ومعتقد الآخر وطقوسه ودور عبادته في سلام ومحبة ووئام.ولقد أطلعني الأخ عبد الملك على وقوف مسؤولي المحافظة بقوة مع هذا الموضوع وأصدروا أوامرهم الحازمة بالقبض على من حاولوا الاعتداء على هذا المعبد وتسليمهم للقضاء لينالوا الجزاء العادل لأن هذا الاعتداء يمكن أن يثير فتنة طائفية في البلد خاصة داخل هذا الثغر الباسم والبلد في غنى عن هذه الفتنة لأنها لم تخرج بعد من الأزمة التي عاشتها عاماً كاملاً في ظل غياب سلطة وهيبة الدولة والقانون وحل محل ذلك كله الانفلات الأمني والفوضى الهدامة وانعدام الاستقرار الذي شجع ضعاف النفوس وأعداء الحياة وتجار الأسلحة والحروب ومثيري القلاقل ومن ليس لديهم إحساس بالمسؤولية أو الشعور بالوطنية أو احترام حرية الآخرين وممن يفتقدون للحس والوازع الديني ولا يراقبون الله ولا ضمائرهم ولا يعرفون أن عظمة الاسلام كانت في عدم إكراه الناس في الدخول القهري أو القسري في الاسلام وأن عظمته في احترام الأديان الأخرى مصداقاً لقوله تعالى “لكم دينكم ولي دين” وعظمة الاسلام في السماحة والمحافظة على دور العبادة لكافة الأديان الأخرى والملل المختلفة داخل دولة الاسلام بل في ذمة هذه الدولة كواجب ديني يلزمها بحماية أصحاب الأديان ومعتقداتهم ومقدساتهم ودور عبادتهم وطقوسهم وعدم انتهاكها. وهذا المعبد الهندي في كريتر يحسب على مدينة عدن كمعلم سياحي ينبغي المحافظة عليه لأنه شاهد على حقبة تاريخية من تاريخ هذه المدينة العريقة. إن محاوله الاعتداء على هذا المعبد هي جزء من سياسة ممنهجة هدفها طمس هوية ومعالم هذه المدينة العالمية بل والميناء الذي كان من أهم موانئ العالم ولولا أن مسؤولي هذه المحافظة قد هبوا لانقاد هذا (المعبد) الأثر الديني من بين براثن المعتدين لأصبح في خبر كان في الوقت الذي تزايدت فيه عمليات السطو والاعتداء على المملكات العامة والخاصة والبناء العشوائي هنا وهناك وتشويه ما تبقى من المظاهر الجمالية والبيئية والسياحية والثقافية والحضارية لهذه المدينة الرائعة عدن. كما أطلعني الأخ عبدالملك أيضاً على مقالة للأستاذ الذي نحبه ونحترمه ونجله الكاتب الصحفي اللبيب نجيب محمد يابلي ابن الجنوب ذي المعدن العدني والمرجع التراثي والفكري والفلكلوري والأصالة العدنية الذي أعطى موضوع المعبد الهندي حقه من الإيضاح والإيجاز بأسلوب قلمه الرشيق واللاذع أحياناً وكتابته السلسة في العدد (1177) من صحيفة (الطريق) وكأنك تشاهد المعبد أو تعيش أحداثه وحيثيات الاعتداء عليه بمقالة تحمل عنوان (الدنيا بخير يا عدن .. محافظ عدن ومدير أمنها وعاقل الحارة ينتصرون للمعبد الهندي) وما مقالتنا هذه إلا (لحقة) لمقالة الأستاذ نجيب لأن السبق الصحفي له ونحن نعتز به وبكتابته من أجل الانتصار لعدن والمحافظة على ما تبقى من وجهها ومعالمها التي تتلاشى أمامنا بفعل خفافيش الظلام والأيدي العابثة لقوى التخلف والجهل واعداء المدينة والتحضر والتسامح الديني.
|
آراء
حتى مظاهر التسامح الديني لم تسلم منهم..!!
أخبار متعلقة