(دمون .. إنا معشر يمانون.. وإننا لأهلنا محبون)قالها ذلك الشاب .. الأمير الشاعر الرقيق الثائر الحضرمي اليماني امرؤ القيس ..ودمون هي مسقط رأسه فجعلها رمزاً لمملكة حضرموت المترامية الأطراف.قالها امرؤ القيس وهو يدرك أن مملكته الحضرمية يكون موقعها جغرافياً جنوباً ـ يميننا في اليمن .. وبهذا فالحضارمة يمانون.ولم يكن في ذلك الزمن مملكة أو وطن اسمه (اليمن) بل كانت اليمن .. ذلك الموقع الجغرافي الذي يضم ممالك عديدة .. حيناً تتوحد مملكة مع اخرى .. وحيناً تعتدي مملكة على أخرى فتضم إليها أراضي من تلك المملكة أو تقع تحت احتلالها وسيطرتها.قالها عزيزنا وأميرنا في ذلك الزمن .. كما يمكن ان يقولها اليوم أي إنسان أو أمير في أي دولة أو مملكة خليجية (إنا معشر خليجيون).لكن العزيز الغالي المؤمن بوحدة الصف امرأ القيس قالها فأصبحت منذ ذلك الزمن (الترويسة الافتراضية) ـ كترويسة (يمن موبايل) ـ لكل الطامعين .. وليس للمؤمنين بوحدة الصف .. فأصبحت في نظر الأغبياء (عودة الفرع إلى الأصل)، وتلك هي شفرة المسألة .. طيب أنت يا أمرأ القيس .. قلتها محبة وإيماناً (إننا لأهلنا محبون) قلتها .. وليتك لم تقلها .. فخسرت أن قتل أبوك وخسرت مملكتك الحضرمية .. وقدمت حياتك ثمناً وغدر بك فذهبت إلى هناك تستنجد بمن يناصرك لتستعيد مجداً وكرامة وأرضاً وملكاً وثروة وبخوراً.وهناك وأنت في الطريق إلى القصر وجدت قوماً من اليمانين ليغدروا بك ثانياً فنصحوك بأن تضرب الأزلام لذلك الصنم الذي يسمونه الناصح.فوقفت أمامه بكل محبة مصدقاً معشرك اليمانين فرميت للصنم بالاعواد الثلاثة ثلاث مرات .. مكتوباً عليها:1) افعل 2) لا تفعل 3) فكر كثيراً.لكن الصنم المخلص يرمي لك بالعود الأمر بأن لا تفعل في المرات الثلاث .. وكنت ثائراً واعياً حين رميت بالأعواد الثلاثة (الأزلام) في وجه الصنم .. قائلاً للصنم وللحاضرين لو كان المقتول أباك .. والمنهوب أرضك وعرضك لما أمرت بألا تفعل .. وتحديت الصنم وتحديت ذلك المعشر وواصلت سيرك إلى هناك.. إلى البعيد .. تستعيد ملكاً .. قائلاً: (بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه/ وأيقن أنا لاحقان بقيصرا/ فقلت له لا تبك عيناك إنما/ نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا).ذهبت يا امرأ القيس .. إلى هناك إلى البعيد .. وكان الأهل والديار في انتظارك لتعود إليهم بالمدد لتستعيد لهم ولك أرضاً وملكاً وكرامة وثروة منهوبة .. ولكنك لم تعد .. مُت ودفنت هناك في البعيد غريباً.امرؤ القيس مات ولم يمت، ذلك أننا منذ ذلك الزمن لانزال في انتظاره.تلك هي الحكاية .. ولنا حكاية اخرى.بعث ذلك الفتى امرؤ القيس من جديد وقالها مرة اخرى (دمون إنا معشر يمانون وإننا لأهلنا محبون) .. فكان الكفاح المسلح بقيادة الجبهة القومية وكانت السيادة والمجد .. وكان إعلان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وكان سقوط حضرموت بوابة النصر لكل أهلنا في اليمن الجنوبية .. اليمن الديمقراطية الشعبية وعاصمتها (عدن) وترسخ ذلك في القلوب والضمائر .. فكانت المحبة .. وكان الوفاء لهذا الوطن ولعاصمته الجميلة (عدن)، فكان امرؤ القيس فرحاً منتشياً بهذا النصر وكان محقاً حين قال تلك المقولة. تلك هي الحكاية .. ولنا حكاية اخرى .. انتشى امرؤ القيس وهو يري الصراعات ودروات الدم بين أهله في الجنوب وبكى من ذلك الحال في حزبه .. وقد خرج وطنه من 13 يناير. انتشى وهو يردد (اليوم خمر وغداً أمر).فكان الغد ليطلق مقولته التاريخية هنا في عدن .. وكانت ولازالت عدن هي الرمز لكل الجنوب. أطلق مقولته قائلاً: (تطاول الليل علينا يا عدن .. عدن إنا معشر يمانون وإننا لأهلنا محبون) وفعلها امرؤ القيس فارتفع في عدن علم الجمهورية اليمنية .. قالها وفعلها .. فكانت حكاية أخرى .. وكلنا نعرف الحكاية.مسكين امرؤ القيس .. ومرة اخرى .. دنا الزمن الجديد .. يعود به الزمن إلى ذلك الزمن البعيد .. يدفع الثمن غالياً.. يذهب إلى البعيد .. هناك حيث لا وطن .. يخسر كل الأوفياء والاصحاب .. ويخسر دولة وأرضاً .. والاصحاب الاوفياء .. منهم من مات قهراً .. ومنهم من تشرد.وعلى كل حال يا امرأ القيس الأهل والديار في انتظارك .. توحد الأهل .. تسامحوا .. تصافت قلوبهم وبثورتهم السلمية سائرون.الأهل في انتظار عودتك يا أمرأ القيس سالماً لتعود بهم إلى عدن .. وتسلم الراية والسيف والقلم إلى الجيل الجديد من أهلك .. هذا والوعد يا أمرأ القيس .. وعلينا بالدعاء مع الشاعر المحضار:(أعنا يا عظيم الشأن في دفع المصيبةعسى المخطئ يصيبوتحرر لنا عدن الحبيبة.. وكل موطن سليب ..قلوب الناس عند خلاقها .. منه قريبة.. وهو منها قريبعليها تاج من آثار عفوه.. ومن رحمته إكليليعود الحب إن كتبت له العودة.. وتيسير السبيل ..
|
آراء
ولنا حكاية أخرى ..
أخبار متعلقة