أكد أنها قصة شفاهية نقلها هيرودتس عن بابل
التقاه عبدالجبار العتابي كشف الباحث في اللغة الأكادية والسومرية في العراق، آشور ملحم أن مسرحية الكاتب الانكليزي الشهير وليم شكسبير (روميو وجوليت) هي في الأصل من الأدب الرافديني القديم، مؤكداً أن التفاصيل الدقيقة الموجودة في القصة التي نقلها المؤرخ الإغريقي هيروديتس هي ذاتها الموجودة في مسرحية شكسبير، موضحاً أن شكسبير إما أن يكون نقلها عن الشاعر الروماني (أوفيت) أو أخذها مباشرة عن هيرودتس.[c1]ما الفكرة الرئيسية لقولك إن شكسبير اقتبس القصة؟[/c]* أولاً يجب القول إن قصة روميو وجولييت قليل من الباحثين بحثوا في جذورها وأصولها، ولكنني استطعت من خلال قراءاتي المتواصلة وبحثي المستمر أن أتوصل إلى حقيقة هذه القصة وهي أقدم قصة حب عذري وردت على ألسن الناس من أهل بابل ولكن لم تدون حقيقة، وأول من دون القصة هو (هيروديتس) في كتابه (التاريخ) في القرن الخامس 423 قبل الميلاد وأشار إلى أنها من بابل.[c1]ما تفاصيل هذه القصة كما تروى في الأدب البابلي وما كتبه شكسبير؟[/c]* تكلم عن قصة عشيقين بابليين اسمهما (تسبا وبيرم) أحبا بعضهما منذ الصغر وكان بيتاهما متجاورين، والحساد لم يفرحوا بهذا الحب فحاولوا الإيقاع بهما فأوصلوا معلومات إلى اهلمهما كانت (تسبا) وهذا اسمها، تبكي وفي بعض الأحيان كانت تغني، ومن مصادفات القدر أن غرفتيهما كانا متلاصقتين وليس بينهما سوى جدار فاصل، فعرف بيرم صوت حبيبته فناداها وإذا بها تناديه، فحفر في الجدار ثقبا صغيرا وبدأ التواصل بينهما، وفي يوم من الأيام اتفقا أن يلتقيا عند قبر (نينوس) خارج مدينة بابل، بعد أن خدعا أو رشيا الحارسين، وهذا القبر يقع تحت شجرة التوت البيضاء، وصلت تسبا قبل بيرم إلى مكان الموعد، وكانت الليلة مقمرة، وإذا هي تسمع زئير أسد فخافت وهربت في الآجام وسقط وشاحها واختفت لفترة، وجاء الأسد وإذا بوشاح تسبا على الأرض فمرغه بدم لفريسة كان قد أكلها قبل قليل، وبعد أن ذهب الأسد، جاء بيرم وشاهد الوشاح على الأرض وهو مدمي وممزق، فعرف أن احد الحيوانات المفترسة قد أكل حبيبته، فأخذ خنجره وغرزه في قلبه ومات عند شجرة التوت، وبعد أن اطمأنت تسبا خرجت من الآجام وجاءت إلى مكان الموعد وإذا بها ترى حبيبها ممددا على الأرض ووشاحها الأبيض بيده، فعرفت انه انتحر، وكأنه هو السبب في موت تسبا، وهنا.. قالت تسبا:(أنا السبب في موت حبيبي)، فأخذت الخنجر وغرزته في قلبها، ومات الاثنان وجرى دمهما تحت شجرة التوت البيضاء فتحولت ثمرة التوت إلى اللون الأحمر، وبعد ذلك تصالح الأهل ولكن بعد فقدان العاشقين، ويقال أنهما أصبحا نجمتين في السماء.[c1]من أين استقى شكسبير هذه القصة القديمة عنه بقرون؟[/c]* هذه القصة أخذها الشاعر (أوفيت)، وهو شاعر روماني في القرن الثاني قبل الميلاد، وكتبها شعرا، وفي فترة النهضة الأوربية في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، بدأت حملة للبحث عن التراث الإغريقي، فكان ضمن ما ترجم، ولو أن بعض الأدباء والكتاب والشعراء لا يقولون (أننا اقتبسنا) من فلان أو فلان، ولكنهم يأخذون الشيء ويحولون بعض الأسماء والأماكن إلى حقائق موجودة في عصرهم فتحول القصة وكأنها من خلق شخص حالي فيما هي قصة قديمة، شكسبير اخذ هذه القصة بتفاصيلها المشابهة لقصة (بيرم وتسبا) ولكن حوّل اسم (بيرم) إلى (روميو) و(تسبا) إلى (جولييت) وسماها باسم (روميو وجوليت)، إضافة إلى هذا هناك مسرحية أخرى لشكسبير لا أتذكر اسمها ولكنها مشابهة لهذه القصة لكنها هزلية بين عاشقين ثريين وفي نفس التفاصيل، أنا اعتقد أن شكسبير أخذها من أوفيت وترجمها من اللاتينية إلى الانكليزية، لان التفاصيل الموجودة مشابهة للقصة القديمة، طبق الأصل، وكل ما فعله هو تغيير أسماء الأشخاص والأماكن فقط.[c1] هل ثمة وثيقة بابلية تدل على شيء من هذا؟[/c]* لم اعثر على وثيقة بابلية بهذا الشأن، ولكن (هيروديتس) هو الذي نقل هذه الرواية وقال أنها من بابل، ولا توجد أدلة مادية تؤكد أن شكسبير اقتبس أو قال أنا اقتبست،ولكن هذا التشابه بين هذه القصة القديمة وقصة روميو وجوليت التي كتبها تجلب الشك بأنه فعلا اقتبس المسرحية من هذه القصة التي كتبها أوفيت، وربما أخذها من هيروديتس نفسه، ولا تنسى أن الشك هو الذي أوصل إلى اليقين.[c1] ألا ترى أن قصص العشاق تتشابه، وان شكسبير كتب واحدة منها؟[/c]* ليس بهذه التفاصيل الدقيقة، وأنا قرأت المسرحية باللغة الانكليزية ووجدت هناك تفاصيل دقيقة متشابهة.[c1] هل مررت على تجارب لشكسبير اقتبس فيها قصصا أخرى؟ [/c]* شكسبير اقتبس الكثير من القصص، مثلا الملك لير الذي هو من النرويج، وكذلك هاملت، كما اخذ الكثير من القصص الأوربية وكتبها باسمه ولكنه لم يقل انه اقتبسها.[c1] هل تعتبر ما قام به شكسبير ذنبا يتحمله أم حسنة له؟ [/c]* في الحقيقة هي حسنة له، لأنها أصلاً كانت رواية شفهية فدونها، وعلى الأقل أصبحت جزءاً من التراث الإنساني، وأؤكد على أنها قصة (شفاهية) تناقلها الناس عصرا بعد عصر، وأنا قرأت كثيرا من التراث الرافديني وما قدرت أن احصل على أية وثيقة يمكن أن تؤكد وجود هذه القصة، ولكن في المرويات البابلية، كما يقول (هيروديتس) أن هذه عن ألسن الناس في بابل، لأنه كما يقول زرت بابل وشاهدت كذا ورأيت كذا، وهذه من ضمن الروايات الشعبية التي كانت سائدة آنذاك، ولا زالت إلى حد اليوم الكثير من الروايات سائدة ولكن غير مدونة وهذا يؤسف له، لان هذه الروايات لها أصولها وتاريخها.