غزة/ شيرين العكةغريبة هي الأقدار التي تخبئ وراءها نصيبنا، فتلتوي الطرق وتتعدد لتجمعنا في نهاية المطاف مع من يشاركنا حياتنا بحلوها ومرها.. قد يكونون بعيدين كل البعد.. وغالباً ما يكونون مختلفين في أشياء كثيرة.. في طرق معيشتهم.. في العادات وفي التقاليد.. في المكان الجغرافي بل وربما في الديانة.لكن شيئاً ما سيسوقنا دون جدل.. إنها (القسمة والنصيب).. قوة ربانية تدفع بنا إلى حيث لا ندري لنواجه مصيرنا.. فتجنا موضوع «الزواج من خلال التعارف عبر شبكة الإنترنت» بالاتصال بأشخاص والسماع لقصصهم، علماً أن الأسماء المذكورة مستعارة نظراً لحساسية الموضوع. بين تشيلي وفلسطين.. حكايةبداية كانت مع الشاب الفلسطيني ياسر الذي التقى بفتاة من تشيلي عبر شبكة التواصل الاجتماعي (فيس بوك) وكانت البداية أن ندى تعود عائلتها إلى أصل فلسطيني، وبما أن ياسر يعرف أهلها المقيمين في فلسطين أصبح حلقة التواصل بينهم.ويوماً بعد يوم ومن خلال محادثاتهما شبه اليومية التي بلغت العامين، نمت بذور التآلف بينهما، يقول ياسر:« بدأت أشعر أني قريب منها مما دفعني للبوح لها بأني أنوي الارتباط.. فوجدت منها قبولاً كبيراً».لكن.. نظراً لصعوبة التنقل والسفر في فلسطين، علاوة على موقف الأهل الساخر، الذين انهالوا عليه بالضحكات، إذ لم يصدقوه في بادئ الأمر وبشروه أن الموضوع سيبوء بالفشل»، رغم كل هذا إلا أن ياسر كان يتحلى بالصمت وحالة من اللامبالاة وكان دائماً ما يقول لهم: بكره بيدوب الثلج وبيبان المرج.أما ندى التي لم تواجه أي صعوبات سواء على صعيد أهلها فهم يتركون لها حرية الارتباط بمن شاءت، ووسط محاولات تمكنت ندى من الدخول لفلسطين.يتحدث ياسر وبصوته نبرة السعادة والانتصار: «تمكنت ندى من الدخول إلى الضفة ولا أستطيع وصف المفاجأة التي انتابتني أنا وأهلي»، متابعاً: بالفعل تزوجنا ونحن الآن سعيدان جداً وأهلي أيضاً سعيدون بها.وعن طبيعة سير الحياة و التفاهم يقول ياسر: كنا منذ البداية صادقين مع بعضنا البعض ومتفاهمين على أدق التفاصيل، لذلك لم يختلف علينا الوضع وها نحن نكاد ننهي عامنا الأول وننتظر مولودنا الجديد.[c1] تزوجها لمصلحة شخصية[/c]أما الشاب الفلسطيني محمود فكان يحلم بالسفر للنرويج والعمل بها، لكنه لم يكن يعرف كيف سيحقق أمنيته لصعوبة الأوضاع والسفر.وبينما هو معتاد على تصفح الإنترنت والدخول إلى موقع أوروبي يوجد به شات يجمع الدول الأجنبية، تمكن من الدخول لغرف خاصة بدولة النرويج والتعرف على فتاة نرويجية تدعى بانيل واستطاع إقامة علاقة (صداقة) معها.يقول «محمود» : لا أخفي أن تعرفي عليها في بادئ الأمر لتحقيق مصلحة شخصية، فشرحت لها وضعي وعبرت لها عن أمنيتي في السفر فتفهمت وضعي وأرسلت لي دعوة للحضور إلى أوسلو «كسائح».. وحين شارفت مدة تواجده على الانتهاء فكرا في إيجاد حل كي يستطيع البقاء، فتوجها للسفارة الفلسطينية وكان عليه أن يتزوج بها حتى تتجدد إقامته، ويتابع:« لم أتردد في الزواج منها فصدقاً رغم أن هدفي هو الحصول على الإقامة والعمل إلا أنني تمنيت الزواج بها لما قدمت لي من مساعدة».[c1] مسيحية وزواج بائس[/c]وبعد مرور ما يقارب العام ونصف العام على زواجه، فاجأنا «محمود» برأيه تجاه قصته فرغم نجاحه في تحقيق مآربه، إلا أنه لا يشجع مثل هذا الزواج واصفاً إياه «بعالم خيالي»، مشيراً إلى أنه لم يستطع حتى الآن تغيير معتقداتها الدينية، فهي مسيحية الديانة ومتعصبة ترفض تغيير دينها للإسلام كلما طلب منها ذلك، بالإضافة إلى شربها للكحول ولباسها غير المحتشم.يحدثنا «محمود» وهو بحالة بائسة من عدم جدوى محاولاته في إقناعها بتغيير ديانتها، مضيفاً:« لن أقبل بأن تكون أم أولادي غير مسلمة»، لكن الحيرة تأكل عقلَه كيف لا وهي التي ساعدته كثيراً؟!.[c1] رفضتهم جميعاً.. لكنه رفَضها![/c]ومن خلال أحد المواقع الإلكترونية لفتت هدى انتباه أحمد الفلسطيني المقيم في اليونان من خلال تفاعلها ومشاركاتها المتميزة، فبادر بالحصول على إيميلها من خلال الموقع، تحدثا إلى بعضهما وتبادلا الصور ونشأ بينهما «حب» عضت أصابع الندم من بعده هدى..وعدها بالزواج وتحدثت إلى أمها بالأمر فوافقت الأم على عريس ابنتها، وأصبحت هدى ترفض كل عريس يتقدم لخطبتها حتى تأزمت نفسيتها خاصة في ظل إغلاق المعابر.وبعد انتظار طال خمس سنوات نزل أحمد مصر ليلتقي بها هناك من أجل عقد قرانهما، لكنه تفاجأ بشكلها فلم تكن حقيقتها تشبه شيئاً من الصورة التي أرسلتها له.. وببساطة، اعتذر عن زواجِه بها وعاد من حيث أتى.ولكن بماذا سيعود عليها اعتذاره، وهل سيعوضها سني الانتظار تلك، سؤال ربما لا يجيب عنه سوى والدي هدى اللذين أصغيا لنزوة ابنتهما ولم يوجهوها.وماذا بعد؟. ماذا تراها فعلت هدى؟ وماذا يا ترى فعل أحمد؟ كل راح لنصيبِه الذي كتب له قبل أن يولَد..فما نفعهما (ماسنجر) ولا (فيس بوك) ليصدق عليهما المثل القائل:»لو تجري جري وحوش غير نصيبك ما حتحوش» لكن الدرس الذي تعلماه لا شك كان قاسياً.[c1] المفاجأة الفاشلة[/c]لكن النجاح لا يكون حليفاً للشخص في كل خطوة يخطوها، فمشيئة الله قد تكون فوق الحسبان «فأنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد»..الفتاة الفلسطينية نجوى تعرفت على الشاب المصري مراد، وبعد عام قررا الارتباط فبادرت هي تفاتح أهلَها، تقول نجوى: ترددت كثيراً في البداية خوفاً من ردة فعل أهلي، لكنني فاتحت والدي بالأمر لأجد منهما القبول والرضا، مضيفة: لم أتخيل أن يستوعبوا الأمر ببساطة، لكنني كنت فرحة جداً.وأسرعت نجوى متلهفة للاتصال بمراد لتخبره برد أهلها، لكن.. هنا كانت المفاجأة، فقد عارض أهله وبشدة ارتباطه بها معللين.. ذلك أنهم قد خطبوا له ابنة عمه دون علمه وعليه أن يتزوج بها وألا يخالف قوانين العائلة، لتنتهي الحكاية هنا.وبعد كل ما سبق.. فإن أصحاب القصص الناجحة ليسوا إلا استثناءات لو قارناها بالقصص الفاشلة.. فنجاح الكثير منها لا يعني نجاحاً للفكرة.. كيف لا وهي خروج عن العرف والعادة وفيها شبهات لا تنفك تلاحق صاحبها.. بل وحتى الشرع في مواقف كثيرة حرمها.. أفنركض خلف (حلم) قد يكون في يوم ناراً؟*[c1]نقلاً عن صحيفة (فلسطين)[/c]
زواج النت.. علاقات بعضها ينجح ومعظمها يمنى بالفشل
أخبار متعلقة