د. زينب حزامكيف يمكن الإلمام بكل إبداعات هذا الفنان الذي وهب كل حياته من أجل خدمة الوطن، لقد عمل ومازال يعمل من أجل تطوير الأغنية اليمنية الوطنية والاجتماعية.. إننا على جناح حنانه نتكئ، وعلى بساط طموحاته وحضارته نحلق في سماء المعرفة للأغنية الوطنية.. وننهل من ينابيع الثقافة والفن دون قيود.. إنه الفنان اليمني المعروف محمد محسن عطروش.أعطى الفنان محمد محسن عطروش اهتماماً كبيراً للفن وبالذات الأغنية الوطنية، وكان وما زال متابعاً دقيقاً للأغنية الاجتماعية وقام بتلحين العديد من الأغاني للفنانين ومنهم الفنانة أمل كعدل والفنانة ماجدة نبيه والفنان أنور مبارك وغيرهم، باختصار يمكن القول إن أهدافه في مجتمعه اليمني أخذت شكلها النهائي فتيقن أن ظروف مجتمعه تتطلب منه تجاوز التخصص الوحيد أو المجال الضيق، فالحركة الثقافية والفنية حلقات لا تقوم بعضها إلا بقيام الآخر واستواء عوده، لذلك كانت اهتماماته تتجاوز اختصاصاته، برغم اتساع أفقها، فجعل إطار الفن المتسع منطلقه العام، كما أنه حين دخل مجال الأغنية والموسيقى ارتدته هموم الفن كاملة.إن المتتبع للمشوار الفني للفنان الكبير محمد محسن عطروش ليلحظ نشاطاً عجيباً، فهو أول من غنى للوطن ضد الاستعمار البريطاني وطالب باستقلال الوطن بأغنيته المعروفة (برع يا استعمار.. من أرض الأحرار) كما عمل على خلق نهضة ثقافية وفنية في اليمن، وكانت نقطة تحول في تاريخ الحركتين الثقافية والفنية، كما كانت طموحاته تمتد إلى تأسيس حركة الفن من الأغنية والموسيقى، حركة لها مقوماتها وخططها وبرامجها ومرافقها العامة المخصصة لها ولن يتم هذا إلا عن طريق التخطيط والدراسة المنهجية العلمية وتوفير الشروط الموضوعية وهي واضحة في ذهنه.. وهو من الأعضاء المؤسسين لاتحاد الفنانين اليمنيين.. فهو يعلم أن تأسيس وتطوير الفنون لا يتم إلا من خلال قوة نافذة ومقتدرة وهو واجب منوط بالدولة الحضارية.ما الدور الذي لعبه الفنان محمد محسن عطروش مع غيره الفنانين اليمنيين في بعث الأغنية الشعبية؟ولكي تكون إجابتنا واضحة حول هذا الموضوع، لابد من الرجوع إلى أصول الفنون الحديثة في اليمن، لنرى من خلالها نوعاً من الحداثة بها، ويجدر بنا قبل كل شيء معرفة مدى هذه التأثيرات في الفن اليمني، وهناك أقاويل ونظريات في موضوع نسبة أصول الفنون الموسيقية في عدن إلى حضارات عدة، وعلى الخصوص الموسيقى الهندية وكذلك الفنون البحرية اليمنية معتمدين في ذلك على تعدد أنواع الإيقاعات البحرية، ثم حقيقة وصول البحار اليمني إلى الهند وأعالي أفريقيا، علماً بأن تلك الأقاويل تقفز على الحقيقة ومبنية على الحدس والتخمين فقط.. إلا أن البحوث والدراسات الحديثة قد أظهرت بعض الحقيقة في ذلك.أما عن تأثر الموسيقى اليمنية أو تأثيرها بما وصل إليها من حضارات قائمة، فإننا نلمس الطابع والنكهة المصرية في صياغة بعض الجمل اللحنية التي ظهرت عند بعض الفنانين اليمنيين خلال فترة الستينات وبداية السبعينات من القرن العشرين وذلك في محاولة الفنان اليمني لإثبات وجوده على مستوى العالم العربي من جهة، ومن جهة أخرى ننشر ما ينتجه على نطاق واسع عن طريق سهولة وليونة الجملة المصرية التي تصل بسلاسة للأذن العربية.لقد تأثر الفنان اليمني محمد محسن عطروش كغيره من الفنانين بالأغنية والموسيقى المصرية، وغنى الأغاني العربية الوطنية التي تحمل قضايا وهموم أبناء فلسطين وكذلك أغاني الوحدة العربية، وهو من جيل الأحلام والإنجازات الذي حمل على عاتقه كل طموحات الشعوب العربية من اجل غد أفضل ومستقبل مشرق، وهو أيضاً من الجيل الذي حقق كل التغييرات والتحولات السياسية الفكرية والاجتماعية الكبرى التي ما زلنا نجني ثمارها ونتغنى بها حتى اليوم.وقد كان عطاء هذا الجيل بحجم طموحاته وضرب رجال هذا الجيل المثل في القدرة على العطاء في أكثر من مجال، لذا لم يكن مستغرباً أن يسهم الفنان محمد حسن عطروش في تأسيس العديد من النشاطات الثقافية الفنية فهو علم من أعلام الأغنية اليمنية، وعمل على الحفاظ على التراث الموسيقي اليمني من الضياع.إن المتذوق لأغاني الفنان الكبير محمد محسن عطروش ومنها “ساعي البريد” وأغاني الصيادين، وأغاني الحصاد وغيرها من الأغاني الاجتماعية.. سيجد النغمات لها تأثيرها على السامع، وتقوم مقام المهدئ، تلك الأغاني الداعية إلى المحبة والسلام التي تكون مناسبة للموقف أولاً، وهي من الألحان اللينة ـ هذا إن جاز لنا أن نطلق على هذه الألحان الليونة والمرونة ـ ما جعل هذا الفنان يختصر الطريق نحو الارتقاء بهذا النوع من الفنون بشكل سريع والعمل على التحسين والتطوير في مجال الأغنية الشعبية.
|
رياضة
الفنان اليمني محمد محسن عطروش.. عاشق شرايين الوطن
أخبار متعلقة