أبوظبي / متابعات:أسدل الستار السبت الماضي على معرض أعمال الفنان الإماراتي حسن شريف الذي استقطب الجماهير إلى قاعة الحي الثقافي بقصر الحصن في قلب مدينة أبوظبي على مدى ثلاثة أشهر ناجحة عرضت خلالها عدد من الأعمال التي أبدعها الفنان على مدى العقود الماضية. و لقي هذا المعرض الذي اختير له كعنوان (تجارب وأشياء 1979 - 2011) إقبالاً واسعاً حيث جاء إليه الزوار من الداخل و دول الجوار ومختلف أنحاء العالم من المهتمين بأعمال الفنان شريف التي أنتجها منذ سنة 1979. وجاء هذا المعرض الذي أشرفت على تنظيمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث للتنويه بالرصيد الإبداعي الغني والمتنوع الذي قدمه حسن شريف، وهو الفنان الذي ارتبطت تجربته بشكل وثيق بالثقافة والتاريخ الحديثين لدولة الإمارات والذي يحتل مرتبة متميزة في المشهد الفني المحلي.وفي هذا الصدد، قال محمد خلف المزروعي، مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث (لقد سررنا سروراً جماًً بالاهتمام الكبير والنجاح العام الذي عرفه هذا المعرض الذي ألقى الضوء على أعمال واحد من أهم الفنانين الإماراتيين).وأضاف (لقد كان هذا أول معرض حصري جامع لأعمال واحد من فناني الإمارات المعاصرين الأكثر تأثيراً، وقد لعبت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث دوراً محورياً في إقامة هذا المعرض في منطقتنا).يذكر أن الفنان شريف - الذي لم تلق أعماله في السابق المتابعة الكافية محلياً في الوقت الذي كان يمثل فيه الإمارات في عدة مناسبات على الساحة الفنية الدولية - قد طور رصيداً فنياً متيناً ومتنوعاً على مر سنوات ممارسته للفنون التشكيلية. وقد ضم المعرض أعمال الفنان التجريبية الأولى بما في ذلك من أشياء مشكلة ورسومات مفاهيمية وقطع منهجية. ومن جانبه أفاد الدكتور سامي المصري، نائب المدير العام للفنون والثقافة والتراث مدير إدارة التخطيط الاستراتيجي والتطوير بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، بأن (الهيئة تحرص من خلال مشاريعها وأسلوب عملها على أن تحظى الطاقات الإبداعية التي نرعاها باعتراف محلي وإقليمي ودولي، ويبقى من بين أهدافنا الأساسية التركيز على دعم الفنانين المحليين والحركات الفنية المحلية وتطويرها والترويج لها). وأضاف الدكتور المصري: (لقد كان تنظيم هذا المعرض ضرورياً وقد تم اتخاذ كل التدابير لضمان سهولة الولوج إليه، وقد أثبت بالفعل أن هناك رغبة كبيرة بين صفوف مجتمعنا المحلي والمجتمع في المنطقة إجمالاً في المشاركة والإسهام في مجال الفنون الجميلة). وللإشارة فإن حسن شريف من بين الفنانين الذين عرضت أعمالهم خلال فعاليات (ركيزة هيئة أبوظبي للثقافة والتراث للفنون البصرية) التي جرى تدشينها خلال (بينالي البندقية) في 2009. وقد أثمر بحث معمق في رصيد حسن شريف الإبداعي كتاباً مفصلاً عن الفنان وأعماله تحت عنوان (حسن شريف، أعمال 1973 - 2011)، تم الإعلان عن إصداره خلال (بينالي البندقية) في مطلع الشهر الماضي، وهو عمل أكاديمي يغطي بالوصف والتحليل مختلف المحطات التي مر بها الفنان خلال مسيرته الفنية. وقد توافدت شخصيات بارزة من دولة الإمارات بالإضافة إلى فاعلين دوليين في مجال الفنون الجميلة لحضور حفل إطلاق هذا الكتاب في إيطاليا، حيث استضافت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث هذا الحفل قُبيل انطلاق (بينالي البندقية) لهذه السنة، وكانت الهيئة قد تولت مهمة إعداد ونشر هذا الكتاب المتميز شكلاً ومضموناً وذلك بشراكة مع دار (هاتجي كانتز) الألمانية للنشر الفني والثقافي، وهو إصدار يحتوي على أعمال يتم توثيقها لأول مرة في إصدار خاص من هذا النوع. ويحتل مبدأ (صناعة الشيء) مركزاً محورياً في منهجية عمل الفنان شريف، وهي منهجية مضنية إذ تتطلب الكثير من الجهد وتهتم بأدق التفاصيل، حيث تعتمد في كثير من الأحيان على تكرار حركات مضبوطة عند عقد ولف وتغليف مختلف المواد التي يشتغل بها. جدير بالذكر أن باقة من أعمال الفنان شريف معروضة ضمن المجموعة الدائمة بالمتحف العربي للفن الحديث بالدوحة ومتاحف أخرى في الشارقة وهولندا، كما سبق أن ألَّف أربعة كتب وهي: (الفن الجديد) (New Art)؛ (آلات حادة لصنع الفن) (Sharp Tools for Making Art)؛ (مفهوم الفن) (Concept of Art)؛ و(الخمسة) (Al Khamsa). وللتذكير فإن معرض (تجارب وأشياء 1979 - 2011) كان هو الأول من نوعه، وقد تجلت فيه بوضوح الرسالة التي تقوم بتنفيذها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث والتي تقتضي الاحتفاء بتجربة دولة الإمارات في الفنون المعاصرة.وسبق ان عالجت الناقدة التشكيلية باولينا كولشينسكا التي تقيم بين وارسو في بولندا ونيويورك، تجربة الفنان الإماراتي حسن شريف. ووصفت الرسومات المندرجة في إطار شبه النظام والحركة البنائية وحركة فلو كسوس أنها تؤثر في عروض الأداء المنفّذة في صحراء إمارة دبي في بداية ثمانينات القرن المنصرم. بدأ حسن شريف رحلته في بحر الفنون حوالي العام 1981 عندما أنهى مساقه التأسيسي في كلية وأرويك وانضم إلى مدرسة بأيام شو للفنون. منذ البداية، أبدى حسن اهتماماً كبيراً بإجراء تجارب في الفن وأظهر رهافة استثنائية حيال الاستراتيجيات والمفاهيم الطليعية التي أحدثت تغييراً جذرياً في المجتمع الفني في ذلك الوقت. ما إن تعرف حسن شريف إلى أعمال كينيث مارتن (1905 - 1984) حتى تبنى نظرية الصدفة والنظام التي يقوم بها في تجاربه المستقلة في الرسم وفن الأداء. وتأسست قاعدة فنه الفلسفية على مبادئ الحركة البنائية البريطانية التي ركزت على ابتكار وسائل جديدة لتوليد الأشكال. ومن المهم أن ندرك أن كينيث مارتن، بصفته من أبرز المنظّرين في هذه الحركة، كرس حياته لتحديد العلاقة بين الحركة والبناء كوسيلة لتوليد مجموعة متنوعة من المنحوتات علماً بأن النحات بيتر لوي الذي يعد من أبرز طلاب مارتن سعى أيضاً إلى تحديد نطاق هذا البحث عبر التركيز على نظام الأشكال. ما هو مثير للاهتمام هو أن حسن شريف يبدو وكأنه يجسد في فنه إطار عمل الحركة البنائية البريطانية في المقام الأول من خلال (الجانب التجريبي لبناء عمل فني في رسومات وعروض أداء مختارة بعناية). ومن ثم، يندمج مع فلو كسوس بعروض الأداء حيث ينساب مع الحركة ليصبح ممثلها الأول والفريد في منطقة الخليج. يقتضي فهم دور إستراتيجية شبه النظام في فنون الأداء إدراك دورها في بناء الرسم. ففي إستراتيجية شبه النظام، تأتي اتجاهات الخطوط والشكل النهائي للرسومات المجردة نتيجة لحسابات معقّدة تستند إلى أرقام اختيرت عشوائياً، ما يسمح للعجز عن التنبؤ بالسيطرة على عملية الخلق. وفي نهاية المطاف، يستخدم الفنان الفرصة ليملي المحصلة النهائية. وقد ركز شريف على عدد وافر من جوانب هذه (الفرصة) ليثبت حدودها المتناقضة. بدأ حسن شريف تجاربه مع رسومات تكرس إستراتيجية شبه النظام واستمر في خلقها بشكل مستقل عن عروض أدائه. لقد جسد هذه الإستراتيجية الحاضرة في بداية رسوماته، في عروض الأداء مثل: الجسد والمربع، والمخزن 3، والجسد في متجر، وكلها عرضت في العام 1983 في دبي. وينم التوثيق الفوتوغرافي للجسد والمربع عن رسومات محضرة وعرض أداء منجز. أما الرسم والكتابة فيدلان على المخطط العام للأداء كما طريقة توثيقه. كون حسن شريف تفكيره وتعبيره النظري من خلال وسيلة الأداء على مدى أشهر بين العامين 1982 و1983. وقد شكّلت هذه العروض تتويجاً لتجاربه السابقة وعكست خلقاً موازياً لرسومات نفّذها بكثافة بين العامين 1979 و1985. ويمكن تصنيف مساهمته في فن الأداء على أنها تاريخية في تطوير وتوسيع نطاق هذه الوسيلة. وبالرغم من استحالة تعميم الأداء بين جمهور عريض، إلا أن عنصراً آخر بالغ الأهمية حل مكان هذا المسار. ويقول الفنان الإماراتي في هذا الصدد (أنا بدوي والصحراء داري. الصحراء شاسعة وقد تكون خطرة تماماً كما المحيط). ليس من المستغرب أنه اختار الصحراء لتنفيذ سلسلة من عروض الأداء. فقد تمت العروض شأن القفز في الصحراء، المشي والحفر في منطقة حتى بإمارة دبي في العام 1983. وتعتبر من العروض الأولى التي وفّرت الصحراء بموجبها خلفية لفن الأداء كما أنها العروض الأولى على الإطلاق التي نفّذها فنان خليجي في منطقة صحراوية علماً بأن الحاجة إلى إنشاء (صلة سحرية) بين الأماكن المألوفة وشكل مكتسب من التعبير أخذت الفنان إلى الصحراء. وقد علق الفنان في عرض أداء القفز في الصحراء على النحو التالي (يقفز الأطفال حين يلعبون... يقفز الرجال من المظلات ويقفز الناس في البحر. (...) في عرض الأداء هذا، أقفز في صحراء حتى. يقفز عدد كبير من الناس بطرق مختلفة. فلم لا يجدر بي القفز في الصحراء؟).
|
رياضة
الفنان التشكيلي الإماراتي حسن شريف.. لمسة فنية معاصرة في الصحراء وتجربة فنية متجددة
أخبار متعلقة